بعدما كانت تعجّ بالحياة والحركة والنشاط، باتت بلدة الشياح في قضاء بعبدا، تُعدّ من إحدى المناطق المنكوبة، إثر تعرّضها لضرر كبير جرّاء الغارات الإسرائيلية المتواصلة عليها، وتهجير كامل سكّانها من أحياء معوّض والأميركان وماضي وكنيسة مار مخايل، وبعض أهالي منطقة عين الرمانة وطريق صيدا القديمة، متوزّعين بين مراكز الإيواء (1200 شخص) والبيوت السكنية (أكثر من 450 عائلة).
الأضرار في الشياح يستحيل إحصاؤها راهناً، لكن حجمها يفوق حجم أضرار عدوان تموز 2006 مئات الأضعاف، وفق رئيس البلدية إدمون غاريوس، “ففي الأمس، أغارت الطائرات الحربية الإسرائيلية على عدد من المباني ودمّرتها بالكامل وسوّتها بالأرض، ولكن يمكن التأكيد أنّ الدمار كبير، وأنّ عدداً كبيراً من الأبنية والشقق السكنية والمنازل والمؤسسات والمحلات قد تضرّرت، فالدمار كبير، والأبنية المهدّمة تحتاج إلى إعادة إعمار، وبعض الأبنية تحتاج إلى الترميم، وكل ذلك رهن وقف الحرب والخطط الحكومية وكشوفات اللجان الفنية والهندسية”.
ويستبعد غاريوس، لدى الوصول إلى مرحلة إعادة الإعمار، أن تواجه البلدية مشاكل لجهة المسوحات وتحديد العقارات والأملاك “فالناس تعرف بعضها البعض، وكل مواطن سيكون خفيراً على أملاكه، وفي الأساس المخالفات في الشياح لم تكن كبيرة بل اقتصرت على بناء خيمة هنا أو إقفال شرفة هناك، وسنكون بالطبع جاهزين للمتابعة في مرحلة ما بعد الحرب”.
ويوضح رئيس البلدية أنّه يسيّر الشؤون الإدارية عن كثب، وأنّه يتابع احتياجات النازحين وعملية توزيع المساعدات الإغاثية على مراكز الإيواء التي تديرها البلدية، بعدما بادرت خلية الأزمة في الأيام الأولى للنزوح، إلى شراء الفرش والبطانيات على نفقتها، وهي قد أجرت مسحاً بالعائلات المتواجدة في البيوت السكنية ضمن النطاق البلدي، قبل تسليم اللوائح الإسمية إلى الجمعيات لتأمين المساعدات وتوزيعها عليهم عبر البلدية. أما المدارس، فيشير إلى أنّها غير مجهزة للتدفئة “والحاجة تكبر إليها يوماً بعد يوم مع اقتراب فصل الشتاء”.
ويشير غاريوس إلى أنّ مراكز الايواء “مفوّلة” ولا قدرة على استقبال المزيد من النازحين، “ففي كل غرفة عائلتان أو ثلاث، ومن لم نجد لهم مكاناً وزّعناهم بين منطقتي الدكوانة والأشرفية”. ويطمئن إلى أنّ الأوضاع تحت السيطرة “بالرغم من بعض الإشكالات الفردية العابرة بين فينة وأخرى، وعند حصول أي تجاوزات، الجيش اللبناني موجود ويتحرّك سريعاً، ومنطقة الشياح ظلّت في منأى عن أعمال السرقة بفِعل تشديد الحراسة الأمنية الليلية من قبل شرطة البلدية ” .
لكنّ الأهالي، بحسب غاريوس، يمرّون في ظروف غير عادية في ظل التصعيد الإسرائيلي الهستيري، فيسعى إلى تبديدها قدر الإمكان، وحل المشاكل وهي “لا تُحصى ولا تُعدّ”، متمنّياً إنتهاء الحرب سريعاً “لكي تنتهي معاناتهم ويعودون إلى منازلهم، فالوطن وطننا ونحن باقون فيه ولن نتزحزح”.