برج قلاويه، هي إحدى القرى اللبنانية من قرى قضاء بنت جبيل في محافظة النبطية، ترتفع عن سطح البحر 500 متر تقريباً، وتبلغ مساحتها حوالى 3 كلم مربّع. تبعد عن العاصمة بيروت ١٠٠ كلم، وتشتهر بزراعة الزيتون والتبغ والحبوب والحمضيات.
عدد سكّان البلدة الإجمالي 3 آلاف نسمة، يقيم منهم فيها نحو 800 شخص في فصل الشتاء، وقد نزحوا عنها عند اشتداد العدوان، إلى جانب نزوح نحو 44 عائلة كانت قصدت برج قلاويه بفِعل الحرب. القسم الأكبر من النازحين توجّه إلى منطقة جبل لبنان، فيما توزّع الباقي على مختلف المناطق اللبنانية، قبل أن يعود البعض إلى البلدة بعد وقف النار.
برج قلاويه التي عانت كثيراً جرّاء الاحتلال الاسرائيلي وتعرّضت للقصف مرّات عدّة خلال الحروب، سطّرت، على غرار البلدات الجنوبية، ملاحم بطولية في صمودها الأسطوري، إلا أنّها دفعت ضريبة دم غالية، كأخواتها، حيث قدّمت ثلّة من الشهداء على مذبح الوطن، وليس آخرهم نائب رئيس البلدية السابق خليل قنديل ومختار البلدة حسين رميتي .
وحرص رئيس البلدية الحاج محمد نور الدين على التذكير بأنّ “هذا الكيان الغاصب الذي أُنشىء بالقوة لا يلتزم لا بعهود ولا بمواثيق ولا بقرارات دولية ولا يحترم أي معايير أخلاقية أو سياسية أو إنسانية”، مؤكّداً أنّ “من يرتكب إبادة جماعية في فلسطين ولبنان وسوريا لا يمكن توقّع منه التزاماً بأي اتفاق، لكنّ رهاننا يبقى فقط على قوة اللبنانيين؛ جيش وشعب ومقاومة، فهذه المعادلة هي التي حمت الأرض بدم الشهداء، ومنعت العدو من استباحتها وحالت دون تمدّده أينما دخل، وكبّدته الخسائر أينما حلّ، وهي وحدها من سيردع العدوّ، كما ردعته سابقاً”.
وسلّط رئيس البلدية الضوء على عمل لجنة النزوح داخل البلدة، لدى امتداد تداعيات حرب غزة إلى لبنان، وخارجها، بعد تصعيد العدوان الإسرائيلي على الجنوب.
فهذه اللجنة تابعت أوضاع 244 عائلة في البلدة بالاضافة إلى عائلات قصدتها قبل أن تستعر المعارك، وساهمت في تأمين المساكن والمساعدات المالية للمتعفّفين، بحيث شكّلت حلقة وصل بين جميع أبناء البلدة والجمعيات التي تُعنى بتوفير المساعدات الإنسانية، الأمر الذي ولّد ارتياحاً كبيراً في صفوف الأهالي، وخفّف قدر الإمكان من وطأة النزوح عن كاهل النازحين.
في بداية الحرب، أنشأت البلدية غرفة عمليات مدنية تضمّ رجال الاطفاء والدفاع المدني وفريقاً لإصلاح الإعطال الكهربائية ورفع الأنقاض وفتح الطرقات وسحب جثامين الشهداء وتوزيع المؤونة على أهالي البلدة والنازحين اليها، وذلك بالتعاون مع الهيئة الصحّية وكشافة الرسالة الاسلامية.
وبصفته رئيساً لخلية الأزمة في اتحاد بلديات جبل عامل وعضو خلية الأزمة في محافظة لبنان الجنوب، أشرف رئيس البلدية على توزيع المساعدات على بلديات قرى الحافة الأمامية في قضاء مرجعيون.
يُسجّل لبرج قلاويه أنّه بالرغم من تدنّي موارد بلديتها المالية وتواضع إمكاناتها، تمكّنت سريعاً من حجز مكان لها في طليعة البلدات التي بادرت إلى وضع خطط للنزوح والصمود، ولملمة آثار العدوان في سائر أرجاء البلدة، وهي اليوم في انتظار الدولة لإجراء مسح ميداني للأضرار ووضع الكشوفات والتعويض على المتضرّرين، بعدما دمّر العدوّ ما يقارب 30 وحدة سكنية، فيما تضررت معظم المنازل والمؤسسات جزئياً، منها المدرسة الرسمية ومراكز الإسعاف والمرافق البلدية وشبكات المياه والكهرباء.
وفي هذا السياق، ذكر نور الدين أنّه “ما إن دخل إتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ وعاد بعض الأهالي حتى سارعت البلدية إلى لملمة آثار العدوان، فباشرت فوراً بإزالة الركام وفتح الطرقات والشوارع وإصلاح أعطال شبكتي المولّدات والمياه، لتعود الحركة الطبيعية اليها في غضون أسبوع، إلا أن المعضلة الأساسية التي لا تزال تواجهها حتى اليوم تكمن في نقل النفايات بعد جمعها إلى معمل قبريخا لمعالجتها، إذ إنّ العدو يعمد كل مرة إلى إطلاق نيرانه للحؤول دون إتمام عملية نقلها إلى قبريخا أو إلى اي مكان آخر، الأمر الذي اضطرّها للجوء إلى بعض الأماكن المحيطة بالبلدة لطمرها موقّتاً إلى حين انسحابه، وهو ما يتسبّب بمشكلة كبيرة نظراً إلى ارتفاع الكلفة وضآلة اليد العاملة.”
البلدية التي عملت بـ”اللحم الحيّ”، نجحت في التحدّي بفِعل باعها الطويل في العمل الانمائي. وعليه، ناشد رئيسها السلطات الرسمية والمعنيين الإسراع في رفع آثار العدوان ودعم البلديات، أقلّه بالحدّ الأدنى، في ظلّ الشحّ المالي الذي تعانيه في الأساس لغياب أي دعم رسمي لها، حتى في عزّ ازدهار قيمة العملة اللبنانية، علماً أنّ معظم التبرّعات قبل العدوان وخلاله هي من أبناء البلدة وأصدقاء البلدية. كذلك، استعجل المعنيين بالعمل لاصلاح أعطال شبكة الكهرباء الرئيسية، وقد تبلّغ في هذا السياق بأنّ ورش الصيانة ستبدأ عملها قريباً.
وأخيرً، أكد رئيس البلدية أنّ برج قلاويه “ستعود كما كانت لا بل أجمل، وستؤدي دورها الريادي مجدّداً في خدمة أهالي البلدة وبلدات الجوار”.