شهدت الساعات الماضية اتصالات على أكثر من خط، في محاولة لتبريد أجواء الثنائي، وإقناع الحزب والحركة بعدم مقاطعة الحكومة، بالتزامن مع تصريحات ودّية تؤكّد أن أيدي الرئيسين عون وسلام ممدودة للجميع، علماً أن هذه التصريحات تهدف إلى إنقاذ العهد من بوادر أزمة قد تفوق بتداعياتها الداخلية ما سبقها من انقسام. وفيما توزّع البلد بينَ منتشين بالانتصار السياسي، وشامتين أو مبرّرين لـ «تكويعتهم» عن تسمية الرئيس ميقاتي، تركّزت الأنظار على موقف الثنائي من الاستشارات ومشاركته في الحكومة.
اللقاء الثلاثي الذي عُقِد صباحاً في بعبدا بين الرؤساء عون وبري وسلام، «لم يكُن سلبياً رغمَ الاستياء الذي بدا واضحاً على رئيس مجلس النواب». وقال مطّلعون إن بري «سجّل موقفاً بالأصالة عن حركة أمل وبالنيابة عن حزب الله أكّد فيه أن ما حصل ليسَ مقبولاً ولن يتعاطى معه الثنائي وكأنّ شيئاً لم يحصل، وإذا لمس الطرفان عقلية التعامل معهما بمنطق الإقصاء فستكون لذلك عواقب ليست لأحد مصلحة فيها»، وهو ما سبقَ أن أبلغه بري للرئيس عون قائلاً إن «ما حصل يناقض ما نصّ عليه الدستور في ما خص الميثاقية والعيش المشترك، وأنا لن أسير بهذا الانقلاب الذي تجاوز 27 نائباً يمثلون الطائفة الشيعية في البلد». مع ذلك «لم تكُن الأجواء متوترة، بل على العكس، أكّد كل من عون وسلام على الشراكة واليد الممدودة وتمسكهما بانضمام الجميع إلى الحكومة الجديدة» وهو ما كرّره رئيس الحكومة في تصريح له بعدَ الاجتماع، مؤكداً الحرص على «أن لا يشعر مواطن واحد بغبن أو تهميش أو إبعاد، وسأبدأ العمل فوراً بالتعاون مع دولة الرئيس». كما حرص عون على توجيه رسائل طمأنة، خلال استقباله وفد المجلس الإسلاميّ الشيعيّ الأعلى برئاسة الشيخ علي الخطيب، مؤكداً أنه ليس في وارد أن يبدأ عهده من دون دعم مكوّن أساسي، أو باعتماد منطق العزل أو الكسر.
وعلمت «الأخبار» أن «أمل وحزب الله لن يشاركا في الاستشارات غير الملزمة باعتبارها بروتوكولية» بحسب مصادر عين التينة، ولفتت إلى أن «هذه الخطوة لا تعني أن الأمور مقفلة، لكنّ هناك خطأ جسيماً قد ارتُكب، وعلى من يريد الشراكة أن يقوم بمبادرة جدية في اتجاهنا». واعتبرت المصادر أن «إحجام بري عن المشاركة اليوم هو لفتح باب التفاوض على تفاهمات جدّية تؤكد اقتران الأفعال بالأقوال». وأضافت أن «الثنائي لا يريد تصعيداً، لكنه أيضاً غير مستعدّ لتقديم أي تنازلات بانتظار معرفة ما سيفعله الرئيس المكلّف مع فرضية كسر الميثاقية بنيل التكليف من دون أي صوت شيعي»، ويبدو أن الثنائي يريد «ضمانات جدية تتصل بالمشاركة الحقيقية في الحكومة، إضافة إلى البت في نقاط أخرى أبرزها تلكَ المتعلقة بتفسير القرار 1701 والتأكيد على تطبيقه جنوب الليطاني والاتفاق على مواجهة العدو الإسرائيلي، كما يهتم الثنائي بمصير التفاهمات التي أُبرمت مع عون والتي تتعلق بالحكومة وشكلها وصولاً إلى مسألة التعيينات».
وفي حين يُجري سلام، اليوم وغداً، استشارات التأليف مع الكتل النيابية في مقر البرلمان، أعلن قصر الإليزيه أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، سيزور لبنان الجمعة (بعد غد).