كتبت “الأخبار”: عندما اختير النائب السابق ياسين جابر وزيراً للمالية في حكومة الرئيس نواف سلام، لم يكن القرار مفاجئاً للمعنيين، إذ إن القرار بتوزيره في هذا الموقع كان قد اتُّخذ حتى ولو شكّل الرئيس نجيب ميقاتي الحكومة. صحيح أن القرار كان بيد الرئيس نبيه بري أولاً وأخيراً، لكنّ الوقائع تشير إلى خلاف ذلك، بمعنى أن رئيس المجلس كان مضطراً إلى السير بهذا الأمر، باعتبار أنها خطوة في سياق الخطوات التي فرضتها الوصاية الأميركية – السعودية على لبنان بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة.
وفي مداولات تقرّ بها مصادر وزارية واسعة الاطّلاع، فإن اسم جابر كان قد حُسم مع الرئيس جوزيف عون في وقت مبكر، كما أن الرئيس نواف سلام لم يكن بعيداً عن الأجواء منذ اليوم الأول لبدء مشاورات التأليف، ولم يجد صعوبة في حسم أي جدل مع من حوله بشأن توزير جابر، مستنداً إلى القرار الأميركي – السعودي بدعم الأخير ومنحه “المساحة الكافية” للتعبير عن نفسه، كمصدر سياسي موثوق، وصولاً إلى أن “القوات اللبنانية” التي كانت تناقش موضوع الحقائب السيادية، وكانت تسعى إلى حجز الحقائب الأربع لها، لم تتورّط على الإطلاق في أي موقف سلبي من جابر.
ويبدو أن المسألة لا تتصل بموقع وزارة المالية فقط، باعتبار أن الدور المنوط به لجهة إقرار القوانين الخاصة بالوضع المالي، سيكون مدخلاً لدور أوسع على صعيد وضع تصوّر للإدارة المالية والنقدية والاقتصادية الجديدة في البلاد. وفي هذا الإطار، يبدو أن جابر على تواصل وثيق مع المؤسسات الدولية المعنية، ولا سيما مع الجانب الأميركي، وهو لا يهمل تفصيلاً من الخطط المقترحة للبنان، لكنه ليس في وارد القيام بأي خطوة سياسية تجعله في موقع مخالف لتوجّهات الثنائي أمل وحزب الله.
وبحسب المصادر الوزارية المطّلعة، فإن جابر، يستعدّ للعب دور أكبر في المرحلة المقبلة، وثمة تضارب حول مشاركته في الانتخابات النيابية المقبلة، وسط مؤشرات تقول إن أطراف الوصاية الخارجية كانوا مستغربين قرار الرئيس بري إبعاده عن اللائحة النيابية في الدورة السابقة، وقد بدأ الحديث عن “ضرورة أن يكون حاضراً في اللائحة في الدورة المقبلة”، مع كثير من الهمس، حول “أهليته لتولّي أدوار كبيرة، من بينها أن يكون أحد أبرز المرشحين لتولّي رئاسة المجلس النيابي”.
وتلفت المصادر إلى أن واشنطن والرياض تفضّلان أن يكون حضور جابر في المؤسسات الرسمية مُغطى بشرعية توفّرها حركة أمل، باعتبار أنه سيكون من الصعب أن يُفرض رئيسٌ لمجلس النواب خلافاً لإرادة الغالبية الشعبية الشيعية التي لا تزال تدعم الثنائي. بالإضافة إلى أن أطراف الوصاية لا يشعرون بأن الشخصيات والوجوه الشيعية التي تعرض نفسها كخيار ثالث تملك من التمثيل ما يمكّنها من التحول إلى رقم صعب في المعادلة، من دون إغفال رغبة قوى الوصاية وأطراف محلية في دعم مرشحين شيعة من خارج الثنائي لكسر احتكاره للمقاعد الشيعية الـ 27 في مجلس النواب.