أعلنت فرنسا عن إطلاق عملية أمنية واسعة النطاق يومي 18 و19حزيران 2025، استُنفِر خلالها 4 آلاف عنصر من الشرطة الوطنية والدرك والجمارك والقوات العسكرية ضمن عملية “سانتينيل”، لمراقبة المهاجرين غير الشرعيين وتقييد حركتهم داخل البلاد.
شملت الحملة الأمنية نقاط عبور داخلية، أبرزها محطات القطارات والحافلات، إضافة إلى مناطق حضرية ذات كثافة سكانية مرتفعة. وأكد وزير الداخلية برونو ريتايو، أن الهدف من العملية هو “إرسال رسالة واضحة مفادها أن فرنسا لا ترحب بالمهاجرين غير النظاميين”، موضحا أن المداهمات ستركّز على الطرق التي يستخدمها المهاجرون للانتقال من الحدود إلى المدن الكبرى.
وفي حديثه للصحافة، كشف ريتايو أن قوات الأمن قامت هذا العام حتى الآن باعتقال نحو 47 ألف مهاجر غير نظامي، في مؤشر على ارتفاع ملحوظ في حجم الهجرة غير الشرعية على الأراضي الفرنسية.
بالتوازي مع هذه العمليات الداخلية، تتزايد التحديات الأمنية عند السواحل الفرنسية المطلة على القنال الإنكليزي. فقد تجاوز عدد المهاجرين الذين عبروا من فرنسا إلى بريطانيا منذ بداية العام 17 ألف شخص، ما يمثل ارتفاعا بنسبة تفوق 40% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وأمام هذا التصاعد، تستعد الحكومة الفرنسية لتطبيق تغيير مهم في قواعد التدخل الأمني، بحيث يُسمح لعناصر الشرطة باعتراض القوارب المطاطية الصغيرة في المياه الضحلة وعلى مسافة تصل إلى 300 متر من الشواطئ، عوضًا عن الاكتفاء بالتدخل في حالات الطوارئ فقط.
العملية الأخيرة تأتي أيضا في سياق ضغوط متزايدة تمارسها الحكومة البريطانية على فرنسا، مطالبة بتوسيع صلاحيات اعتراض القوارب على الجانب الفرنسي من القنال. ويستند هذا الضغط إلى اتفاق ثنائي مبرم منذ عام 2024 بقيمة 480 مليون جنيه إسترليني، يموّل عمليات مراقبة مشتركة تمتد حتى 2027، وتشمل استخدام طائرات مسيرة وكاميرات حرارية ودوريات برية وبحرية.
وتعد الحملة الأمنية الجارية جزءا من مسار أوسع تنتهجه فرنسا في الأشهر الأخيرة لمراجعة سياستها تجاه الهجرة غير النظامية. فخلال الفترة الماضية، أعلن وزير الداخلية عن حزمة إصلاحات تشريعية جديدة، تشمل توسيع صلاحيات التفتيش والمراقبة، وربط شروط الإقامة بالاندماج في سوق العمل ومعايير اللغة.
ومن أبرز التعديلات المرتقبة، منح السلطات الحق في التدخل المباشر لمنع الإبحار من السواحل، وتحديث آليات ترحيل المخالفين في ظل تعاون متزايد مع دول المصدر، خاصة في إفريقيا والشرق الأوسط.
في الوقت ذاته، تستعد باريس لاستضافة قمة ثنائية مع لندن في الأسابيع المقبلة، من المتوقع أن تتم خلالها مناقشة تعزيز التنسيق الأمني والقانوني في ملف الهجرة، في ظل تعهد مشترك “بتجفيف منابع الهجرة غير الشرعية.”