كتبت “النهار”: رسمت التطورات الميدانية التي شهدها الجنوب والبقاع الشمالي في الساعات الـ 48 الأخيرة المعالم المتقدمة للرسالة الإسرائيلية التصعيدية التي تقول ما مفاده أن الجيش الإسرائيلي ينفذ أمر العمليات الذي كشفه وزير الدفاع يوآف غالانت قبل يومين حول انتقال معظم نشاط الجيش إلى الحدود مع لبنان. هذه الرسالة لم تعد في حاجة إلى إثبات في ظل تلاحق الغارات المتعاقبة والمتتالية المتجوّلة بين الجنوب والبقاع واستهداف مخازن صواريخ لـ”حزب الله”، ومن ثم المضي بلا هوادة في نهج الاغتيالات للقادة والكوادر الميدانيين، حتى أن “إسرائيل” طورت أمس هذا النهج باستهداف قيادي سابق في حركة “فتح” خليل المقدح الذي اغتالته في مدينة صيدا التي كانت مسرحاً لهذا النمط الاغتيالي للمرة الثانية في شهر.
ولعل الأخطر في هذا السياق، أن الهجمة الإسرائيلية اتخذت دلالات تعمّد التصعيد عبر تكرار الغارات الليلية الثقيلة على منطقة بعلبك في عمق البقاع التي تكاد تتحول خطّ المواجهة الثاني اللصيق بالخط الأزرق الفاصل بين الحدود اللبنانية والإسرائيلية جنوباً، وهو تطور ينذر في حال استفحاله بانهيار تام لكل ما سمي “قواعد الاشتباك” التي كانت تتّبع من “إسرائيل” و”حزب الله” في المواجهات الحدودية المباشرة بما يفتح الباب على أخطار تمدّد المواجهات إلى الأعماق بكل ما يثيره ذلك من مخاوف حيال تفلّت في أي لحظة ممكن أن يشعل المواجهة الشاملة.
وإذا كان لا يمكن فصل أو عزل الاندفاعة التصعيدية عن تهاوي المفاوضات في شأن وقف الحرب في غزة والتطورات الخطيرة الناشئة عن ذلك بما فيها ربطاً المواجهات في جنوب لبنان، فإن التصريح المدوي للنائب مروان حمادة بدا بمثابة تحذير متقدم غير مسبوق حيال خطر نشوب وشيك للحرب وأثار ترددات واسعة إذ أعلن حماده أن “لديه معلومات من ديبلوماسيين غربيين على علاقة مباشرة بالمفاوضات أنّ الاستعدادات لدى العدو كما لدى الحزب تشير إلى أن الحرب واقعة خلال أيام قليلة أو ساعات”. وأوضح لاحقاً أن هذه التوقعات مبنية على تطورات الميدان ووقائع ديبلوماسية والضبابية حول استئناف المفاوضات.