تنحية البيطار أو ضياع القضاء والتحقيقات (ميسم رزق – الأخبار)

الخميس ٢٦ كانون الثاني ٢٠٢٣

تنحية البيطار أو ضياع القضاء والتحقيقات (ميسم رزق – الأخبار)

فُتحت نار جهنم على القضاء اللبناني. لكن أهل القضاء هم من أشعل النار. المبارزة في القرارات القضائية التي شهدها لبنان نهار وليل أمس، ليست سوى مقدمة لما هو أكبر، خصوصاً أن السلطات الأخرى في البلاد غارقة في خلافاتها، وسط ارتفاع منسوب التدخل الخارجي في كل ما يتعلق بمؤسسات الدولة، وفي ظل وجود مؤشرات مقلقة لدى الأجهزة الأمنية الداخلية والخارجية من احتمال حصول فوضى تتجاوز الاضطرابات الاجتماعية في لبنان وتلامس حد الفلتان الأمني.

على مدى يومين، بقيَت ارتدادات الانقلاب الذي نفذه المحقق العدلي في جريمة تفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار مستمرة. وضعَ الجميع أسلحتهم القانونية على الطاولة في مواجهة مفتوحة على الأسوأ. سارع مدعي عام التمييز غسان عويدات، بدعم قضائي، إلى اتخاذ عدد من القرارات التي أبطلت مفعول الإجراءات التي قام بها البيطار، مُدشناً إياها بالعودة عن تنحيه عن الملف. وفي تطور بقي مليئاً بـ «الألغاز» السياسية، قررت النيابة العامة التمييزية «إخلاء سبيل جميع الموقوفين في ملف المرفأ مع منعهم من السفر»، وذلك وفقاً للقرار الذي وقعه عويدات وجاء فيه أن «البيطار المكفوفة يده في قضية انفجار مرفأ بيروت، اعتبر نفسه مولجاً بصلاحيات النائب العام لدى محكمة التمييز لاتخاذ ما يراه مناسباً من إجراءات، فيكون بذلك قد استقى صلاحياته وسلطته من الهيئات القضائية جمعاء. وبما أن هذا الأمر ينسحب أيضاً على النيابة العامة التمييزية فيسري على الأصل أيضاً. وبما أن كفّ اليد يبقي الملف بدون قاض للنظر في طلبات إخلاء الموقوفين فيه منذ أكثر من سنة. وبما أنه بالاستناد إلى المادة 9 بفقرتيها 1 و3 من العهد الدولي الخاص التي أقرت في 16-1-1966 ودخلت حيز التنفيذ في 23-3-1976 والتي صادق عليها لبنان في 3-11-1972، لذلك، تقرر إطلاق سراح الموقوفين كافة في قضية انفجار مرفأ بيروت دون استثناء ومنعهم من السفر وجعلهم بتصرف المجلس العدلي في حال انعقاده وإبلاغ من يلزم».

لم يتوقف الأمر عندَ هذا الحد. صعّد عويدات بالادعاء على البيطار أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز بجرم «اغتصاب السلطة واستغلال المركز»، وأرسلَ ضابطاً عدلياً لإبلاغ البيطار في منزله في الرابية دعوة للاستماع إليه اليوم، إلا أن البيطار لم يستقبل الضابط العدلي ورفض تسلّم الدعوى الموجّهة ضدّه. وتطور الصدام بين البيطار وعويدات إثر تنفيذ الأجهزة الأمنية القرار الصادر عن النيابة العامة التمييزية بإخلاء سبيل الموقوفين، وهو ما اعتبره البيطار «بمثابة انقلاب على القانون»، قائلاً إن «المحقق العدلي وحده من يملك حق إصدار قرارات إخلاء السبيل وبالتالي لا قيمة قانونية لقرار المدعي العام التمييزي غسان عويدات». ونُقل عن عويدات قوله إن البيطار «كان ينوي تخلية سبيل الجميع تباعاً ليعطي شرعية لقراره الهمايوني، فجرّدته من ورقة الابتزاز».

إزاء هذا المشهد، يسود رصد لتداعيات ما حصل، وتتجه الأنظار إلى مجلس القضاء الأعلى، الذي دعاه رئيسه القاضي سهيل عبود إلى الانعقاد اليوم لمناقشة خطوات البيطار، تلبية لطلب وزير العدل هنري الخوري. وهي الجلسة الأولى منذ أشهر، ولن يتمكن عبود من تطيير نصابها كما فعلَ سابقاً لحماية البيطار ومنع تعيين قاض رديف.

وقالت مصادر لـ«الأخبار» إن «أعضاء المجلس جميعهم سيحضرون»، وإن اجتماعات حصلت ليلاً جرى التداول فيها في القرار الذي سيتخذ بحق البيطار، ومن بينها تنحيته وتعيين بديل عنه، مشيرة إلى أن البيطار اليوم مدعى عليه من الجهة الوحيدة التي تملك صلاحية الادعاء، ومن المفترض أن يتمَ تعيين قاض يقوم بالتحقيق معه بجرم «اغتصاب السلطة»، وفي حال رفض المثول ستتخذ إجراءات قد تصل إلى حد إصدار مذكرة توقيف في حقه.

وبينما قال قانونيون إنه لا يحق للحكومة تعيين أو إقالة أي موظف رسمي، فإن أحد الحلول يستند إلى كتاب سابق للوزير خوري بطلب تعيين قاض رديف للقاضي الحالي. وهذا يعني أنه في حال قرر مجلس القضاء تعيين قاض رديف، فعليه اعتبار البيطار مخالفاً للقانون وبالتالي تتم إحالته إلى التفتيش القضائي الذي يطلب إلى وزير العدل تعيين بديل عنه. وإلا فإن البيطار في حال لم يحل إلى التفتيش يمكنه التصرف على أساس أنه القاضي الأصيل، وعندها ستكون هناك إما صعوبة أمام عمل القاضي الرديف أو تجميد الملف كله. علماً أن الفريق القضائي الموالي للقاضي عويدات، إلى جانب قوى سياسية، يميلون إلى قرار إطاحة البيطار نهائياً ونقل الملف إلى قاض جديد ومحاولة حماية التحقيق ومنع محاولات تدويله.

ووفق مصادر مطلعة فإن ما قام به البيطار لم تقف نتائجه على الصعيد الداخلي فقط. وبعدما تبين أن الجانبين الأميركي والفرنسي تدخلا في ملف التحقيقات، حصلت تطورات واتصالات خلال اليومين الماضيين، انتهت إلى النتائج الآتية:

أولاً، أبلغت السفيرة الأميركية من يهمه الأمر، بأنها سبق أن التقت القاضي البيطار وأبلغته طلب حكومتها إخلاء سبيل المواطن اللبناني الذي يحمل الجنسية الأميركية محمد زياد العوف، باعتبار أن توقف أعمال التحقيق وعدم حصول إدانة يجعل من استمرار توقيفه حجزاً تعسفياً. وأشارت إلى أن هناك نقاشاً في الكونغرس الأميركي حول احتمال اتهام السلطات اللبنانية وخصوصاً القضائية منها باحتجاز حرية العوف واعتباره رهينة. ونقل عن السفيرة الأميركية قولها إن متابعتها للملف تظهر أن القاضي البيطار لا يشبه بقية القضاة وهو ربما يقوم بأعمال لا يوافق عليها الجميع في لبنان أو يتهم بالتهور، لكن الولايات المتحدة تقدر صموده في وجه الضغوط، وخصوصاً أنه يظهر صلابة في مواجهة الضغوط التي قالت السفيرة إنها صادرة عن حزب الله.

أما السفيرة الفرنسية آن غريو، فقد أوضحت أن بلادها عندما قررت إرسال وفد قضائي إلى لبنان من ضمن الوفد المتابع لملف التحقيقات في ملف رياض سلامة، كانت تعلم أن البيطار مكفوف اليد عن الملف. وحتى اللقاء الذي حصل بينه وبين قاضيين فرنسيين، إنما تم على أساس معرفة الوفد الفرنسي بأن يده مكفوفة، ولذلك لم تتسلم فرنسا منه أي أوراق خاصة بالملف، كما رفض الوفد تسليمه المحاكاة التي أجرتها السلطات الفرنسية المعنية لانفجار المرفأ.

وأوضحت السفيرة الفرنسية أن «ما يوصف بتدخل فرنسا إنما هو متابعة من قبل السلطات القضائية الفرنسية لحدث سقط بسببه أشخاص فرنسيون، وتضرر أيضاً مواطنون فرنسيون أو يحملون الجنسية الفرنسية، وأن الحكومة الفرنسية معنية بالتوصل إلى معرفة حقيقة ما حصل، لتحصيل حقوق المتضررين من جهة، ومعاقبة المسؤولين عن ارتكاب جريمة بحق مواطنين فرنسيين»، مشيرة إلى أن «بلادها غير معنية بكل التصرفات التي قام بها البيطار خلال الأيام الأخيرة».

في السياسة لم تتأخر محاولة توظيف المعركة القضائية، فقد دعا حزب «القوات» لـ «عدم المس بأمن لبنان»، داعياً إلى «ترك البيطار يكمل تحقيقاته»، وثمة من يتخوف من أن يدفع الصراع القضائي الشارع إلى الانفجار.

وكانت عائلات الموقوفين قصدت أماكن سجن الموقوفين، حيث بادرت القوى الأمنية المولجة حمايتهم تنفيذ قرار عويدات، وكان البارز الاحتفال بإطلاق مدير عام الجمارك بدري ضاهر القريب من التيار الوطني الحر، وقد بادر رئيس التيار جبران باسيل إلى اعتبار ما حصل خطوة محقة، لكنه قال إن المطلوب استمرار التحقيق لكشف الجريمة وإحقاق حقوق الضحايا والمتضررين.

لاحقاً، وفي خطوة بدت تغطية لقرار عويدات، أصدرت رئاسة الحكومة مذكرة إلى وزارتي المالية والأشغال العامة، طلبت فيها اعتبار الموظفين من كل الفئات المخلى سبيلهم في حالة توقف عن العمل، ومنعهم من ممارسة مهامهم التي كانوا يقومون بها سابقاً، ووضعهم بتصرف رئاسة الحكومة.

وفي المقابل تجمع عدد من أهالي ضحايا المرفأ أمام منزل القاضي عويدات وطالبوا بوقف الإجراءات التي تعيق عمل القاضي البيطار. وتدارس هؤلاء في خطوات تصعيدية ضد «محاولة إقفال الملف».

شارك الخبر

مباشر مباشر

09:03 pm

المقاومة: استهداف ‏آلية ‏عسكرية في موقع المالكية

08:45 pm

الخارجية الأميركية: واشنطن تعتقد أن عملية رفح ستضعف موقفها في محادثات الرهائن وموقعها في العالم

08:38 pm

جعجع: الحكومات المتعاقبة تتحمل مسؤولية ما وصلنا إليه في ملف اللجوء السوري ونحن قادرون على التحرك لحل هذه الأزمة

08:36 pm

جنبلاط عرض وبخاري التطورات في لبنان والمنطقة

08:33 pm

رعد: ماضون على خطى المقاومة والشهداء

08:31 pm

مريض سرطان بحاجة لوحدة دم من فئة B+ في مستشفى رزق للتبرع الاتصال على الرقم: 76774085

08:26 pm

فياض جال في عكار واعلن عن مشاريع للمنطقة: سأزور سوريا قريباً

08:23 pm

مشاهدة النيران تتصاعد من إحدى الآليات المستهدفة بالصواريخ في موقع المالكية عند الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة (المنار)

08:21 pm

الرئاسة المصرية: السيسي وغوتيريس يبحثان العواقب الإنسانية الهائلة للعملية العسكرية الإسرائيلية في غزة

08:13 pm

سفيرة الاتحاد الاوروبي في لبنان: تبقى عودة النازحين الى بلادهم بأمان الهدف النهائي لنا جميعاً

08:05 pm

جريحان بحادث سير في جل البحر

07:58 pm

نتنياهو: إذا تعين علينا أن نقف بمفردنا وأن نقاتل بأظافرنا فحسب فسنفعل

07:56 pm

إعلام إسرائيلي: أكثر من 1500 قتيل.. “عامٌ قاتم” هو الأكثر دموية منذ 5 عقود

07:49 pm

قوات العدو تقتحم قرية كفر مالك شمال شرق مدينة رام الله (الجزيرة)

07:46 pm

السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام: أدعو الرئيس بايدن إلى إعادة النظر في قرار تجميد تقديم الأسلحة لـ”إسرائيل”

07:43 pm

قصف إسرائيلي على راشيا الفخار

07:35 pm

جيش العدو الإسرائيلي: اختراق جسم مجهول أجواء “نتيفوت” بغلاف غزة وسقوطه في منطقة مفتوحة

07:30 pm

اليونيسف: التصعيد الأخير في رفح سيحمل المدنيين والأطفال مزيدًا من الألم والمعاناة

07:28 pm

المدفعية المعادية تقصف منطقة حامول – الناقورة

07:25 pm

بيان بشأن الطاولة المستديرة حول النازحين السوريين في لبنان.. ماذا في التفاصيل؟

07:22 pm

قطر تدين “بشدة” اعتداء مستوطنين على مقر الأونروا في القدس وتحذر من “مخطط إسرائيلي لتصفيتها”

07:22 pm

50 جامعة إسبانية تقطع علاقاتها مع الجامعات الإسرائيلية (الجزيرة)

07:15 pm

قصف مدفعي يطال أطراف بلدة كفرحمام في القطاع الشرقي (الميادين)

07:14 pm

قطع طريق كورنيش المزرعة

07:13 pm

المتحدث باسم جيش العدو الإسرائيلي: إصابة 3 جنود إسرائيليين بانفجار نفق مفخخ شرق رفح

07:11 pm

بوشكيان: برهان ساطع على مواجهة التحديات وتأكيد أن “نبض لبنان صناعتو”

07:01 pm

الناطق باسم البيت الأبيض: الولايات المتحدة لا تتخلى عن “إسرائيل” والمحادثات بشأن رفح مستمرة

07:00 pm

“هيئة البث الإسرائيلية”: فجوات غير قابلة للجسر في مفاوضات صفقة تبادل الأسرى بعد عودة الفريق الإسرائيلي من القاهرة

06:59 pm

جورج عطالله من الاسكوا: ايدنا ممدودة ولن نسمح ببقاء النازحين في لبنان

06:54 pm

نقابة الوكلاء البحريين: رقم قياسي للحاويات في مرفأ بيروت

06:51 pm

أمن الدولة أغلق 25 مكتباً للبورصة غير الشرعية في النبطية

06:50 pm

الامن العام أوقف 5 سوريين دخلوا البلاد خلسة

06:29 pm

رويترز: إدارة بايدن تفرض قيوداً تجارية على 37 شركة صينية

06:28 pm

أنوار الافندي غادرت ولم تعُد.. هل من يعرف عنها شيئًا؟

06:24 pm

زيلينسكي يعين رسمياً قائد قواته السابق سفيراً لدى بريطانيا

06:21 pm

بالفيديو: انفجار إطار طائرة “بوينغ” أثناء هبوطها في تركيا

06:13 pm

حركة النجباء العراقية: ردنا سيكون مباغتاً وقوياً ومؤثراً ويعلم العدو إلى أين وصلت صواريخنا

06:11 pm

المقاومة شنت هجوماً ‏جوياً بمسيرات انقضاضية استهدفت القيادة العسكرية لإدارة قوات العدو في مستعمرة كفرجلعادي ‏ومحيطها

06:09 pm

العثور على جثة الشاب السوري الذي فقد مقابل شاطئ الهري

06:07 pm

المقاومة: استهداف ‏إنتشار لجنود العدو الاسرائيلي في محيط موقع جل العلام