القنطرة هي بلدة جنوبية حدودية وعلى هيئة قنطرة، تشرف على القرى والأودية المحيطة بها، تحدّها من الشمال القصير ومن الجنوب قبريخا ومن الشرق الطيبة ومن الغرب الغندورية، ويفصل بينها وبين الغندورية، وادي الحجير التاريخي والشريك بصناعة الانتصارات. ففيه عقد السيّد عبد الحسين شرف الدين والثوار مؤتمراً في24 نيسان 1920، عرف بمؤتمر وادي الحجير، بحضور علماء وزعماء وثوار جبل عامل، ونخب سياسية وفكرية واجتماعية معلنين الثورة على الاستعمار والانتداب، وانضمامهم إلى الوحدة السورية الفيصلية؛ والمناداة بالأمير فيصل ملكاً على سوريا المستقلة؛ ورفض الدخول تحت الانتداب الفرنسي.
حكاية القنطرة مع معاناة التهجير والتدمير طويلة، لكن حكايتها مع الصمود أطول، فبسبب موقعها الجغرافي الاستراتيجي إتخّذ الاحتلال الإسرائيلي مواقع له فيها من العام 1985 حتى تحرير الجنوب في 23 ايار 2000. كانت آخر بلدة في “الحزام الأمني” السابق، وأول بلدة دخل منها الجنوبيون إلى قراهم المحرّرة في التحرير، وأصبحت منذ ذلك الحين تُعرف بـ”بوابة التحرير”.
البلدة الواقعة على خط نيران العدو منذ تداعيات حرب غزة حتى اليوم، يبلغ عدد المقيمين فيها 900 شخص من أصل 1500 من عدد سكانها الاصيلين، وقد نزحوا عنها بفعل العدوان إلى صيدا والشمال والجبل وكسروان وجبيل والعاصمة بيروت، وفق ما أوضح رئيس البلدية عبد الحميد الغازي، ولم يتمكّنوا من العودة اليها بعد بالرغم من اتفاق وقف اطلاق النار، بفِعل تحذيرات العدو المتتالية من إمكانية التعرّض لهم في حال عودتهم، علماً أنه ليس متوجداً في البلدة، ولم يتمكّن في الأساس من دخولها خلال الحرب، وهو يواصل انتهاك اتفاق وقف النار لعجزه عن تحقيق أهدافه الخبيثة. لكنه اكد تمسك أهالي القنطرة بأرضهم وبلدتهم، شأنهم شأن سائر أهالي الجنوب، فهي تاريخهم وحاضرهم ومستقبلهم. وطمأنهم إلى أننا سنعيد بناء بلدتنا يداً بيد وبدعمكم، سنعيد بناء منازلنا كما كانت وأجمل مما كانت”.
ودان الغازي همجية العدو الخبيث وقتله الآمنين والمدنيين وممارسة حقده على البشر والحجر معاً، وسط صمت دولي ودعم أميركي له في إجرامه ووحشيته، مشيراً الى أنه “لم يوفّر في سياسته التدميرية والتفجيرية المنازل والمساجد والحسينيات والبنى التحتية والمراكز الصحّية والثقافية والرياضية والمنشآت العامة والخاصة.
وتحدّث الغازي عن تسوية 53 منزلاً بالأرض في القنطرة، وتضرّر ما يفوق عن 200 منزل آخر، واستهداف الطرقات وشبكات الكهرباء والمولّدات والمياه، والأعمدة، والمواشي وحرق الاشجار واتلاف المحاصيل الزراعية .
كذلك طاولت اعتداءات العدو مسجد الإمام علي، ومبنى البلدية ومهنية القنطرة الفنية الرسمية ومركزاً ثقافياً آخر، ومستوصف البلدة وهو من طابقين مع كامل تجهيزاته، والنادي الرياضي مع المسبح والقاعة والملاعب. كما تضرّرت ثلاث مطاحن من أصل عشرة.
اخيراً، ناشد رئيس البلدية تسريع تدخّل الوزارات المعنية والمؤسسات العامة للبدء بمسح الأضرار والعمل على إحياء المرافق العامة مجدّداً ودفع التعويضات للمتضرّرين.