بعد دخوله حيّز التنفيذ في 27 تشرين الثاني، خرق العدوّ الإسرائيلي إتفاق وقف إطلاق النار أكثر من 820 مرة، سواء عبر مسيّراته، أو من خلال توغّلاته جنوباً وإقامة سواتر ترابية وليس آخرها في وادي الحجير والقنطرة أمس، أو عبر قصف منطقة البقاع.
هذا ما أحصاه العميد الركن الدكتور هشام جابر بعد مضيّ شهر على الإتفاق حتى اليوم، مُنبّهاً إلى خطورة وصول العدوّ إلى القنطرة باتجاه الغندورية، بهدف بلوغ نهر الليطاني، مُستفيداً من غياب أي رادع له في هذه الفترة. وأكّد أنّ “الوضع دقيق جداً”، ورأى أنّ الجانب اللبناني، وتحديداً “حزب الله” أمام خيارين، كِلاهما مُرّ. فإذا لم يردّ مصيبة، وإذا ردّ فالمصيبة أكبر، لأن ردّه سيبرّر للعدو شنّ حرب مجدّداً على لبنان.
وأبدى جابر اعتقاده بـ”أنّ الإسرائيلي سيتابع في هذه الفترة، سياسة التوسّع والقضم وفرض شروطه الجديدة وتدمير القرى الملاصقة للحدود تدميراً تاماً وقد سمعنا تحذيرات المتحدّث باسم جيشه أفيخاي أدرعي لسكان 60 قرية من التوجّه اليها، علماً أنّ بعض هذه القرى بعيدة من الحدود، ما يعني أنّ العدوان مستمرّ، لكن الردّ غير مستمرّ”.
وتحدّث جابر عن وجود احتمالات عدّة من بينها؛
أولاً: أن توقِف اسرائيل عملياتها العسكرية وتنسحب من الأراضي اللبنانية عندما تنتهي مهلة الستين يوماً، أي بعد شهر من اليوم، وهذا الإحتمال ضعيف.
وثانياً: أن توقِف عملياتها العسكرية من دون أن تنسحب من الأرض اللبنانية، بل تطلب تمديد المهلة فيكون الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد تسلّم مهامه رسمياً”.
وقال: “صحيح أنّ لبنان الرسمي رفع شكوى إلى مجلس الأمن، لكن يجب أن لا تكون مجرّد شكوى موضوعة على الرفّ، بل يجب متابعتها وأن تعقد الحكومة اجتماعاً مع سفراء الدول الممثّلة في لجنة الإشراف على تطبيق إتفاق وقف النار، وتحديداً مع السفيرة الاميركية والسفير الفرنسي، للضغط على إسرائيل لكي توقف عدوانها فوراً، وتنسحب من الأماكن التي تقدّمت فيها بعد إقرار الهدنة”.
وتوقّف جابر عند ما نقلته صحيفة هآرتس عن مصادر في جيش العدو أنّه يعتزم البقاء بعد انقضاء فترة الشهرين في 27 كانون الثاني المقبل “إن لم يتمكّن الجيش اللبناني من الوفاء بالتزاماته المضمنة في الاتفاق ببسط سيطرته على كامل الجنوب”، واصفاً ذرائع العدوّ بـ”الواهية” والـ”ساقطة”، ودعاه إلى الإنسحاب لكي يتمكّن الجيش من تسلّم مراكزه، وقال: “إسرائيل رمت الكرة في ملعب الجانب اللبناني، و”حزب الله” صامت حتى الآن، لأنه يريد إفساح المجال أمام اللجنة لكي تقوم بواجباتها ولا يريد أن يتسبّب بإشعال الحرب مجدّداً، وهنا تكمن المشكلة”.
واعتبر جابر أنّ العلّة أساساً هي في إتفاق وقف إطلاق النار، “إذ لم يكن واضحاً اطلاقاً ومليء بالثغرات”، وقال: “لو كنا مكان الرئيس نبيه بري لقلنا للمبعوث الاميركي الخاص آموس هوكستين إنّ لبنان يطلب تنفيذ اتفاقية الهدنة لعام 1949 بحذافيرها، فهي أقوى بكثير من القرار 1701، ومستعدّون ضمان انسحاب “حزب الله” من جنوب الليطاني وحل موضوع سلاحه تنفيذاً للقرار 1559 بعد إقرار الاستراتيجية الدفاعية عند انتخاب رئيس جديد وتشكيل حكومة جديدة، فاتفاقية الهدنة تضمن حدود لبنان ويقتضي أن تلجم اسرائيل. أما هل ستنفّذ، فلا أعتقد خصوصاً وأنها استفادت كثيراً من سقوط النظام السوري واحتلّت أراضٍ مشرفة على البقاع، فعسكرياً يمكن القول إنّ منطقة الحدود بين لبنان وسوريا، من مزارع شبعا حتى المصنع ساقطة عسكرياً وتحت سيطرتها ولو أنها لم تدخل منطقة البقاع الغربي.
وختم جابر بالقول: “لا أحد يمكنه اقتراح الحلول، وعلى إدارة الرئيس جو بايدن الضغط على إسرائيل، ليس عبر سفراء لجنة الاشراف على وقف اطلاق وعلى الحكومة اللبنانية أن تجمع سفراء الدول الغربية والعرب والقول إن لبنان لا يريد إشعال الحرب مُجدّداً والقيام بحملة ديبلوماسية وإعلامية قوية لتجنّب أي عمل عسكري”.