عديسة، هي إحدى القرى اللبنانية من قرى قضاء مرجعيون في محافظة النبطية، وتُعدّ أقرب نقطة لبنانية مع فلسطين المحتلّة من جهتها الشرقية، وهي محاذية لمستعمرة مسكاف عام. تبعد 14 كلم عن مركز القضاء في جديدة مرجعيون، و64 كلم عن مدينة صيدا، وتحدّها كفركلا شمالاً، هونين (من القرى السبع المحتلة) ومركبا جنوباً، الطيبة ورُبّ ثلاثين غرباً”.
معاناة عديسة مع الإحتلال الاسرائيلي ليست بجديدة، وكانت أولى البلدات التي احتلّها عام 1977، وآخر قرية انسحب منها بعد التحرير في أيار 2000، قبل أن يحاول الدخول اليها مجدّداً في تموز 2006 ، لكنّ المقاومة كانت له بالمرصاد، فانتقم منها بعدوانه في أيلول 2024 عبر تهجير أبنائها ونسف منازل ومربّعات سكنية بأكملها، وكذلك بتفجير 400 طنّ من المواد المتفجّرة في موقع تحت الأرض، بشكل فعّل أجهزة رصد الهزّات الأرضية في “الشمال الإسرائيلي”.
وفي السياق، ذكّر رئيس البلدية علي رمّال بأنّ عديسة “عانت كثيراً من الاحتلال الإسرائيلي”، لافتاً إلى أنّ “الهمجية الصهيونية لا تزال تعتمد نفس أسلوب الإجرام “، وشدّد على أنّ “أبناء المقاومة هم أبناء الأرض وأبناء جبل عامل الأشمّ”. وأوضح أنّ أهالي البلدة والقرى المجاورة “رفضوا الإحتلال منذ البدايات، معتبرين أنّ الواجب هو التحرير مجدّداً، ومنذ عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين، وعندما رأى المقاومون ومن بينهم أبناء بلدتنا الغالية عديسة، أنّ من واجبهم الدفاع عن المظلومين في غزة مضوا قدماً نحو الدفاع عن أهلنا، ورأوا بأعينهم إبادة شعب بأكمله من دون حسيب أو رقيب، ووصلت الهمجية إلى بلداتنا وسط صمت مطبق لمنظّمات حقوق الإنسان والجمعيات الدولية والمؤسسات الإنسانية وتحوّل الظالمَيْن المستبدَّيْن أميركا واسرائيل حاكماً وحكماً”.
وأكّد رمّال أنّ عديسة “سطّرت بطولات في مواجهاتها ضدّ العدو الإسرائيلي بالرغم من قصفه وغاراته وأسلحة دماره”، مشيراً إلى أنّه “بعد التفجيرات العنيفة التي أدّت إلى تدمير عدد كبير من المنازل، التحم المقاومون معه في ثلاثة مواقع أساسية: ساحة البلدة ومنطقة الثغرة وحي العمرة، مُوقعين خسائر فادحة في صفوفه، فانتقم العدو بتفجير منازل وشنّ مزيد من الغارات أدّت إلى استشهاد 17 مقاوما أعزّاء على قلوبنا ومنهم شرطي بلدية استشهد في بداية المعركة مع العدو عندما كان يقوم بواجبه بمتابعة احتياجات الاهالي الصامدين”.
وفي تحدّ لاتفاق وقف اطلاق النار والقرارات الدولية، يمضي العدو قدماً في عملية التدمير الممنهج والمتعمّد للبلدات الحدودية الأمامية، ومنها بلدة العديسة، وقد دمّرها بنسبة ٧٠ بالمئة، بعدما قضى على بنيتها التحتية، إذ استهدف مبنى العين القديمة التي تنتقل إليها المياه من نبع قديم جداً في ساحة البلدة على عمق 15 متراً، مع محطة تكرير للمياه العذبة، وتمّت تسويته بالأرض، كما استهدف شبكات الكهرباء والمولّدات وشبكات المياه. كذلك جرف الطرقات العامة والساحة العامة، وفجّر أماكن العبادة والمدافن واستهدف مبنى أثرياً يتجاوز عمره المئة عام، ومنزل أحد أهم أعلام البلدة الفنان التشكيلي الراحل عبد الحميد بعلبكي، ومبنى البلدية الذي أعيد ترميمه بعد تدمير جزء منه في عدوان تموز 2006 وآليات البلدية، وسيارات الإسعاف والمراكز الصحّية والمدرسة الرسمية”.
وأوضح رمّال أنّ عدد العائلات النازحة ناهز الـ ٦٠٠ عائلة في المرحلة الأولى، وتجاوز الألف عائلة في المرحلة الثانية عندما تعرّضت منطقة الجنوب بأكملها لقصف همجي. وأشار إلى “أنّ أهالي العديسة والقرى الأمامية لم يعودوا إلى بلداتهم بسبب احتلالها، داعياً الدولة إلى “الإهتمام بأبناء الوطن لأنّ لا وطن من دون أبنائه”. وإذ أكّد الوقوف “إلى جانب أهلنا رغم كل الصعوبات وضعف إمكانات البلدية”، تمنّى “صرف أموال البلديات ولا سيّما في هذه الظروف الصعبة، ورفع قيمة مستحقّات البلدية من الصندوق البلدي المستقلّ، فما يُصرف للبلديات لا يكفي رواتب الموظفين لمدّة أشهر”.
وشرح من جهته، دوره مع الأهالي ودور لجنة المتابعة للعائلات النازحة، ووقوفه إلى جانبهم في رحلة نزوحهم والمساعدة في تأمين مساكن لهم وكذلك تأمين بعض اللوازم المنزلية ووسائل التدفئة كذلك مساعدة من احتاج لدخول المستشفيات وتأمين بعض الأدوية، في غياب الاداء المطلوب من الدولة وعدم التزام بعض المستشفيات بتعليمات وزارة الصحة بإدخال أي مريض بشكل طارىء على نفقتها”.