مع اقتراب نهاية فترة الستين يوماً التي نصّ عليها إتفاق وقف إطلاق النار ، واتساع دائرة التساؤلات حول مستقبل هذا الاتفاق، نبّه الخبير العسكري والإستراتيجي عمر معربوني الى أنّ المرحلة شديدة التعقيد وتستدعي بالتالي الكثير من الجهد.
وقال معربوني: “من حيث المبدأ، نحن على مشارف إنتهاء مدّة الستين يوماً، أي بعد 20 يوماً تقريباً، ولا يزال الجيش الاسرائيلي يخرق الإتفاق، وقد وصلت خروقاته إلى 360 خرقاً تقريباً، سواء عبر الانتهاكات اليومية للمجال الجوي اللبناني، عبر تحليق طائراته المسيّرة بشكل كثيف حتى فوق بيروت والضاحية الجنوبية وكل المناطق اللبنانية، أو عبر تنفيذ طائراته الحربية بعض الغارات لا سيّما في منطقة البقاع واقليم التفاح. كذلك هناك وضوح في السلوك الإسرائيلي لجهة تدمير ما تبقّى من قرى على الحافة الأمامية عبر تلغيمها وتفجيرها وإقامة ما يشبه المنطقة العازلة، هذا بالشكل. أما في المضمون، فطبعاً هناك تصعيد على الدولة اللبنانية وعلى المواطنين في إعادة إعمار قراهم المدمّرة على الحافة الامامية بشكل أساسي”.
وإذ لفت معربوني إلى أنّه حتى اللحظة “نحن ضمن المهلة المقرّرة”، أكّد أنّ هذا “لا يجيز للإسرائيلي تنفيذ هذه الممارسات، حيث لا يوجد في الإتفاق أي اتّجاه يسمح له بانتهاكه”. وأكّد أنّنا أمام ثلاثة سيناريوهات يمكن أن تحصل وهي:
السيناريو الأول: عدم انسحاب الجيش الإسرائيلي كلّياً من المناطق التي يسيطر عليها الآن ويتوغّل في بعضها حالياً، حيث لم يكن في استطاعته التوغّل فيها في أثناء المعارك، وهذا سيناريو قائم وموجود.
السيناريو الثاني: هو أن ينسحب من الكثير من المناطق ويبقى في مناطق معينة تحت حجج وذرائع وتبريرات معينة.
السيناريو الثالث: هو انسحاب القوات الاسرائيلية بشكل كامل من المناطق التي دخلت اليها.
وقال: “في حال تنفيذ الإنسحاب بشكل كامل نكون أمام تنفيذ تطبيقي لمضامين القرار 1701 وبالتالي إستلام الجيش اللبناني مهامه على الحدود مع فلسطين المحتلة. أمّا في حال الإنسحاب من بعض المناطق أو البقاء في كل المناطق التي توغّل فيها الجيش الاسرائيلي، فنحن بالتأكيد أمام مشكلة معقّدة جدّاً تتّجه في اتجاهات مختلفة، لكن يبقى في هذه المرحلة بالتحديد، أنّ الدولة اللبنانية التي وقّعت الاتفاق ستكون معنية بالضغط على الراعيين الأساسيين وهما الأميركي والفرنسي، وعبر الوسائل الديبلوماسية، لتنفيذ القرار الدولي، وهو أمر تقوم به الحكومة اللبنانية حالياً، ولكن بشكل محدود”.
وأوضح معربوني “أنّ بقاء القوات الإسرائيلية في الأرض اللبنانية، سواء بشكل محدود أم بشكل كامل، وأقصد هنا الأرض التي دخلت اليها، سيؤدّي هذه المرّة إلى إعطاء المقاومة مشروعية كاملة في تحرير هذه الأرض، أو في التعاطي مع المستجدّات لتحرير هذه الأرض اللبنانية، كما سبق وحصل في العام 2000”.
ولفت إلى أنّ “المقاومة كانت واضحة في طروحاتها، سواء عبر كلمة الامين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم، أو عبر كلمة الحاج وفيق صفا اليوم، والكثير من التصريحات التي صدرت عن نواب ومسؤولين في “حزب الله” التي تؤكد حقّ المقاومة في الدفاع عن لبنان وتحرير الأرض اللبنانية بالأشكال والأساليب التي تراها مناسبة وأيضاً في الزمان الذي تراه مناسباً”.
وتابع معربوني: “على العموم، لا شك أنّ هناك الكثير من المعوقات في هذا الأمر، والإنقسام اللبناني حول مسألة سلاح “حزب الله”، وطرح بعض القوى والأطراف في لبنان حول مسألة تثبيت هزيمة “حزب الله”، وهذه مسألة فيها الكثير أيضاً من المخاطر التي تستدعي المعالجة. أيضاً هناك تعقيدات، كمسألة انتخاب رئيس جمهورية حيث لم تتّضح الصورة حتى اللحظة بما يرتبط بهذا الأمر، ولكن أهمّ ما قيل في هذا الجانب هو ما أعلنه الحاج وفيق صفا أنّ لا فيتو على قائد الجيش، ما يُفهم منه أنه لا يوجد ترشيح لقائد الجيش طالما أنّ مرشح الثنائي الشيعي، رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية لا يزال يرشح نفسه”.
وخم معربوني بالقول: “وبناء عليه، نحن في مرحلة يمكن وصفها بشديدة التعقيد وتحتاج لكثير من المرونة في التعاطي ولكثير من الحزم، سواء من الدولة اللبنانية أو أركانها ومؤسساتها، وبالتأكيد الموقف الأكثر وضوحاً الآن من هذه المسألة هو موقف المقاومة”.