سلامة يصوّب على الدعم ليصيب الاستيراد: تخفيض ميزان المدفوعات أولويّة (ايلي الفرزلي – الأخبار)

الإثنين ٧ كانون الأول ٢٠٢٠

سلامة يصوّب على الدعم ليصيب الاستيراد: تخفيض ميزان المدفوعات أولويّة (ايلي الفرزلي – الأخبار)

دولار الـ 1515 يتلاشى. كان استيراد المواد الأساسية من بين الأمور القليلة التي تعتمد هذا السعر. لكن حتى هذه لن تجد طريقها إلى الاستمرار، مع بداية العمل جدياً على الحدّ من الدعم، بحجة نفاد الاحتياطي. رياض سلامة ليس همّه الاحتياطي، بعدما رمى كل موبقاته، التي أهدرت الدولارات، على الدعم. ولأنه لم يعد بإمكانه الاستمرار في هدر المزيد، صار همّه تخفيض الاستيراد تمهيداً لتخفيض العجز في ميزان المدفوعات. وذلك لا يتحقق إلا من خلال تحميل غير الأثرياء كلفة تضخم إضافي يحدّ من قدرتهم الشرائية!

الحاجة إلى ترشيد الدعم صارت ملحّة. ثمّة شبه إجماع على ذلك، حتى بين المتخاصمين في السياسة والاقتصاد. من يؤمن بأن الدعم هو حق للمواطن، لطالما شكك بأن الدعم، بطبيعته الراهنة، لا يصل إلى مستحقّيه. مئات ملايين الدولارات ذهبت إلى جيوب التجار، من دون أن يُحرّك المعنيّون ساكناً. طرح ذلك شكوكاً بشأن شبكة المستفيدين. هل من تعطّلت «أعماله» في نهب المال العام بالطريقة التقليدية، وجد في لعبة الأسعار المتعددة للدولار ضالّته؟ إن كان في السلّة الغذائية أو في المحروقات، يؤكد عاملون في الاستيراد أن التجار حققوا أرباحاً هائلة من خلال أمرين: تضخيم أسعار المنتجات المستوردة وعدم التصريح عن الحسومات التي يحصلون عليها. على سبيل المثال، لو أراد أحد المستوردين استيراد سلع، مصنّفة في خانة المدعومة، بقيمة ألف دولار، بحسب المستندات المقدمة إلى المصرف الذي يتعامل معه، فهو يدفع مليوناً ونصف مليون ليرة، على أن يتم تحويل الألف دولار إلى الشركة المحددة في الاعتماد.

لكن أحداً لا يتأكد مما إذا كانت الفاتورة المقدّمة مضخّمة أو لا. هناك يمكن أن تكون القيمة الفعلية للفاتورة لا تتجاوز 800 دولار. في هذه الحالة، يحصل التاجر على المئتي دولار في حسابه الخارجي، والتي يضاف إليها حكماً حسم قد يصل في أحيان كثيرة إلى 30 في المئة. هذا يعني ببساطة أن المستورد يمكن أن يحصل على ما يقارب 500 دولار نقداً في الخارج، مقابل دفعه مليوناً ونصف مليون ليرة في الداخل. وهذا يعني أن ربحه المحقق من خلال فتحه اعتماداً مصرفياً بقيمة مليون ونصف مليون ليرة يمكن أن يصل إلى ٤ ملايين ليرة، يضاف إليها الربح الناتج من بيع السلع المستوردة، وربما تضاف إليها أرباح غير مشروعة أخرى من جرّاء إعادة تهريب جزء من هذه السلع إلى الخارج.

حصيلة هذه العملية أن المستهدف بالدعم بالكاد يحصل عليه، على أن تذهب «النصبة الكبرى» إلى المحتكرين وشركائهم، الذين يمكن أن يكونوا موظّفين حكوميين ومصارف وسياسيين.

هذه العملية لا تجري بشكل فردي، بل تحولت إلى سياق منظّم، بحسب مصدر يعمل في الاستيراد والتصدير. ولذلك فإن الجريمة المرتكبة في ظل شح الدولارات في البلد تصلح لتكون جريمة ضد الإنسانية، لكونها تطال لقمة عيش الناس ودواءهم.
«المصلحة» هنا ربما تفسّر عدم قيام أحد بأي خطوة تحدّ من هدر الدولارات، بالرغم من أن خطوات بسيطة كان يمكنها أن تخفض فاتورة الاستيراد أكثر، وبالتالي، الحفاظ على المتوفر من العملات الأجنبية. على سبيل المثال، تضمّنت السلة الغذائية المدعومة أصنافاً ربما لا تخطر في بال المستهلك، حتى في عز البحبوحة. حتى في ما خص الأدوية. لطالما حكي عن أن التوقف عن استيراد الأدوية «البراند» يخفض الفاتورة الدوائية إلى النصف، لكنّ عاماً مرّ من دون أن يتخذ أحد القرار. يتردد كمثال استيراد «البانادول». كلفة دعم هذا المنتج فقط تصل إلى 30 مليون دولار سنوياً، فيما يمكن ببساطة استبداله بالباراسيتامول. على هذا المنوال، يتم التعامل مع الكثير من الأدوية. يكفي أن منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن ما يحتاج إليه أي بلد هو 220 تركيبة دوائية فقط. وبالتالي، فإنه لا جدوى من وجود آلاف الأدوية المتشابهة التي تختلف فقط باسمها التجاري وبسعرها.

مصرف لبنان الذي راسل الحكومة في آب لإعلامها بأنه لم يتبقّ سوى مليارَي دولار يمكن استخدامهما، تعامل مع الأمر على قاعدة اللهمّ إني بلّغت. ظن حينها أنه بذلك يمكن أن يتبرأ من كل الموبقات التي ارتكبت سابقاً والتي أدت إلى هدر ما يصل إلى 40 مليار دولار من أموال الناس، من دون أن يكون للدعم أي علاقة بها (الهندسات المالية، الفوائد السخية لغير المقيمين، تغطية العجز في الميزان التجاري…).

أوحت «صرخة» سلامة أن الدعم يؤدي إلى استنزاف أموال المودعين، وفاته أن يقول إن تلك الأموال سبق أن سرقت عندما كان يدّعي حماية الليرة ويفاخر بأنه حامي الاقتصاد. مع ذلك، أما وقد وقعت الواقعة، فلم يعد من حل سوى توجيه الدعم إلى مستحقيه الفعليين، حتى لو اقتضى الأمر أن تتولى الدولة، في هذه المرحلة الاستثنائية، استيراد المواد والسلع الاستراتيجية.
مرّ كلام سلامة من دون رد فعل يُذكر. عُقد اجتماع في قصر بعبدا، وتلاه اجتماع في السرايا الحكومية لمناقشة الوضع، من دون أن يتم التوصل إلى أي خلاصة. كان واضحاً أن احداً لا يريد تحمّل مسؤولية رفع الدعم. بالنسبة إلى حسّان دياب، بالإمكان استعمال كل الاحتياطي، بما فيه الودائع الإلزامية، لدعم سعر الدولار، وبالنسبة إلى سلامة فإن الودائع الإلزامية لا تمسّ.

عند هذا الخلاف، توقف النقاش في مسألة توجيه الدعم إلى مستحقيه. ثلاثة أشهر منذ رسالة سلامة من دون أي تحضير لمرحلة ما بعد تخفيف الدعم. لا البطاقة التموينية أو التمويلية بُحثت بشكل جدي ولا أجري إحصاء للعائلات المحتاجة إلى الدعم. في الاجتماع الأخير للمجلس المركزي، كان القرار واضحاً برفض تحمّل مسؤولية تخفيض الدعم، على اعتبار أن هذا الأمر هو من مهمات الحكومة. وبالتالي، إذا لم تقرر وجهة الدعم في المستقبل، فإنه لن يكون أمامه سوى الاستمرار على المنوال نفسه، إلى حين نفاد الأموال (سبق أن أعلن سلامة أن الاحتياطي يكفي لشهرين).40 مليار دولار أهدرها سلامة… ليس الدعم بينها!

يدرك جميع المعنيين أنه في حال الوصول إلى هذه المرحلة، فإن كارثة اجتماعية ضخمة ستحلّ بالبلد. وإذا كان متوقعاً أن يعقد اليوم اجتماع في السرايا الحكومية لمتابعة مسألة الدعم (تمهيداً لعرض الاقتراحات على اللجان النيابية المشتركة)، فإن تخلّي مصرف لبنان عن المسؤولية لا يعكس رغبته الشديدة في تخفيض استهلاك الدولارات التي لديه. في الأساس، ليس تخفيض الدعم هو الغاية بالنسبة إلى سلامة، بل هو الوسيلة للوصول إلى تخفيض الاستيراد. الدولارات التي تخرج من لبنان جزء منها فقط معنيّ بالدعم، فيما الدولارات الأخرى تخرج من الاقتصاد لتمويل واردات أخرى. وبالرغم من انخفاض الاستيراد بنسبة 50 في المئة، إلا أنه يطمح إلى تخفيضه أكثر. وذلك لا يتحقق عملياً إلا من خلال ارتفاع الأسعار وانخفاض القدرة الشرائية للبنانيين. فمن يستهلك فعلاً هم غير الأثرياء (الطبقة الوسطى والفقراء)، وهؤلاء قدرتهم الشرائية لن تبقى على حالها إن ارتفع ثمن صفيحة البنزين، على سبيل المثال، من 25 إلى 75 ألفاً. ذلك سيقود إلى تخفيض الاستهلاك للكماليات أو حتى لبعض السلع التي اعتاد الناس شراءها، بما سيؤدي لاحقاً إلى عدم استيرادها لانخفاض الطلب عليها.

بعدما كان العجز في الميزان التجاري قد وصل إلى 16 مليار دولار في عام 2018، انخفض هذا العام بشكل كبير من جراء انخفاض الواردات نحو 50 في المئة، لكن سلامة يأمل أن يزيد الانخفاض أكثر، بما يؤدي إلى تخفيض واضح في عجز ميزان المدفوعات. وهذا كان يفترض أن يكون أولوية منذ عام، لكن بفضل الإصرار على ترك الأزمة تتمدد، استمر الطلب على الدولار مرتفعاً، واستمر الاستيراد مباحاً من دون أي قيود، فكان بديهياً أن يرتفع سعر الدولار وتنهار الليرة. وصول سعر صرف الدولار إلى عشرة آلاف ليرة كان منطقياً، وربما متعمداً، في هذه الحالة، لكن بعد وقف الدعم، سيكون من الصعب ضبط الارتفاعات الإضافية، ما سيشكل عملياً كارثة يصعب على سلامة أو غيره توقع نتائجها. ولذلك، لم يعد أمامه سوى كبح جماح ارتفاع سعر الصرف وهو ما لن يتحقق إلا بتخفيف الاستيراد، لكن بالطريقة الأصعب والأكثر أذى للناس، بعدما تغاضت السلطة لأكثر من سنة عن تقييد حركة الاستيراد. تلك عبارة تقلق مدّعي الحرص على الاقتصاد الحر. ولذلك، لم يجرؤ أحد على المسّ بحركة الاستيراد والتصدير أو حركة الأموال، ما حصر الخيارات بتقليص الدعم، وزيادة التباطؤ الاقتصادي من جراء التضخم المتوقع.

شارك الخبر

مباشر مباشر

11:16 pm

“رويترز” عن “إبسوس” للأبحاث: تراجع شعبية الرئيس الأميركي جو بايدن إلى 36% في أيار من 38% في نيسان

11:02 pm

هآرتس عن دبلوماسيين من دول مؤيدة لإسرائيل: صدور أوامر اعتقال من الجنائية الدولية سيؤدي لتوتر علاقات بلداننا

10:54 pm

العدوّ الإسرائيلي استهدف بصاروخ منطقة مفتوحة بين بلدتيّ حلتا وكفرشوبا

10:49 pm

وزير خارجية سلطنة عمان يؤكد لميقاتي العمل على تحقيق الامن والاستقرار في المنطقة

10:33 pm

مسلحون أطلقوا النار في الهواء عند طريق مشروع القبة- طرابلس

10:29 pm

الميادين: جثامين الشهداء رئيسي وعبد اللهيان ورفاقهما تصل إلى مصلى الإمام الخميني في طهران

10:13 pm

بعد ضغوط أمريكية… نتنياهو يأمر بإعادة المعدات إلى وكالة أسوشيتد برس

10:05 pm

زيلينسكي يدعو رئيس الوزراء العراقي للمشاركة في قمة سويسرا حول أوكرانيا

10:00 pm

هيئة البث الإسرائيلية: حكومة الحرب تتراجع عن الإجراء المتخذ ضد وكالة أسوشيتد برس

09:58 pm

غارات وهمية اسرائيلية فوق ساحل الناقورة

09:54 pm

وسائل إعلام إسرائيلية: إطلاق صواريخ من قطاع غزة تجاه الغلاف دون دوي صفارات الإنذار

09:42 pm

جريح نتيجة اصطدام سيارة بالفاصل الوسطي محلة جسر السطان ابراهيم الجناح -الاوزاعي مقابل مستشفى الزهراء

09:25 pm

مكتب الرئاسة الإيرانية: مروحية رئيسي اختفت بعد أن أمر قائدها بزيادة الارتفاع بسبب سحابة

09:19 pm

الإدارة والعدل تابعت درس اقتراح تعديل بعض أحكام قانون القضاء العسكري

09:10 pm

البيت الأبيض: نطالب إسرائيل بالعدول عن قرارها حول قطع بث أسوشيتد برس المباشر من غزة

09:02 pm

رئيس أركان العدو من جباليا: مستعدون لعمليات خطيرة ومعقدة لاستعادة المحتجزين

08:37 pm

وسائل إعلام إسرائيلية: إسرائيل قالت لا لاتفاق مع السعودية رغم التفاؤل الأميركي والاتفاق معها لا يزال أبعد من أي وقت مضى

08:28 pm

الجيش: ضبط شاحنة تحمل 400 مسدس حربي مهرب في مرفأ طرابلس

08:19 pm

هيئة البث الإسرائيلية: النرويج هي أول دولة أوروبية تهدد باعتقال نتنياهو وغالانت إذا قررت الجنائية الدولية ذلك

08:01 pm

سيجورنيه: لا ينبغي للجنائية الدولية أن تضع إسرائيل وحماس على قدم المساواة

07:56 pm

الطيران الحربي المعادي يشنّ غارة جوية استهدفت بلدة مارون الراس

07:34 pm

غارة إسرائيلية ثانية على بلدة عيتا الشعب

07:23 pm

الوكالة الوطنية: غارة معادية ثانية على يارين

07:21 pm

التحكم المروري: حركة المرور طبيعية ضمن طرقات الحمرا و فردان والواجهة البحرية بيروت

06:54 pm

ضمن إطار التدابير الأمنية…توقيف 6 أشخاص لارتكابهم جرائم مختلفة في مختلف المناطق

06:41 pm

بلينكن: القرار الخاطئ للمحكمة الجنائية الدولية يحبط الجهود التي نقوم بها لإنهاء الصراع في غزة

06:30 pm

طائرة إسرائيلية مسيّرة تشن غارة على بلدة “يارين” قضاء صور

06:25 pm

وزارة الدفاع الروسية: بدأنا المرحلة الأولى من تدريبات بالأسلحة النووية التكتيكية

06:08 pm

“لبنان القوي” ينوّه بموقف بوحبيب: نرفض سلوك ممثل “المفوضية” وبقاء الوضع في دائرة المراوحة يجعل من لبنان دولة مكشوفة

05:57 pm

بقذائف المدفعية…المقاومة استهدفت تجمعاً لجنود العدو في تلة الكرنتينا

05:49 pm

‏المقاومة تقصف موقع زبدين في مزارع شبعا المحتلة بالأسلحة الصاروخية

05:44 pm

حكومة العدو الإسرائيلي لـ “العربية”: نحو 900 ألف مدني نزحوا من رفح

05:40 pm

طرح تعزيز الديبلوماسية البرلمانية في ملف النزوح السوري…ناقشه أبي رميا مع الرئيس بري

05:23 pm

بقذائف المدفعية…المقاومة استهدفت موقعي ‏المالكية والمرج

05:14 pm

انفجار صاروخ اعتراضي معاد فوق ميس الجبل

05:01 pm

الميادين: مدفعية الاحتلال تقصف بلدة حولا

04:56 pm

باسيل أبرق للسيد خامنئي معزيا: أصدق التعازي واسأل الله أن يتغمّد الضحايا بواسع رحمته

04:49 pm

وفد من التيار الوطني الحر بحث القضايا المشتركة وسبل التعاون مع السفير الأسترالي

04:39 pm

نداء عاجل: الفنان فؤاد شرف الدين بحاجة ماسة لدم من فئة O+/ للتبرع في فرع الصليب الاحمر انطلياس او بمستشفى هارون والتواصل على الرقم: 03819690

04:31 pm

نتنياهو ردا على قرار المحكمة الجنائية الدولية: “لم تكن هناك مجاعة” في قطاع غزة و”القرار محاولة لتقييد أيدي إسرائيل في الحرب”