ان السلطة الحالية لا تملك اي تصور حول كيفية اعادة التعافي الاقتصادي في لبنان، فما تقوم به هذه السلطة هو ترقيع الواقع وليس وضع القطار على السكة الصحيحة نحو اقتصاد منتج وفعال.
ان ازمتنا الحالية هي مصرفية بامتياز وبالتالي ان الطريق نحو التعافي الاقتصادي يبدأ في معرفة الحقيقة الكاملة حول ما حصل بالارقام والتواريخ الدقيقة وان نعرف واقع كل مصرف، والغريب كأنّ لا رغبة لأحد في معرفة الحقيقة الكاملة التي ادّت إلى الأزمة وتسببت بخراب بيوت الناس. ونتساءل هل تم شراء قسم من الاعلام باموال المودعين ؟ ولماذا باقي الاعلام صامت؟
وبعد ذلك يجب اجراء ورشة تشريعية متكاملة لدراسة تاريخ القوانين اللبنانية ومسؤوليتها عن الواقع الذي وصلنا اليه ، وان يصار الى تعديل واقرار قوانين جديدة تمنع تكرار ما حصل من جهة وتشجع الاستثمار والانتاج من جهة أخرى ، وليس كما يحصل اليوم اصدار قوانين ومراسيم وقرارات للتغطية على الجرائم المالية المرتكبة، ولتغطية المرتكبين وعدم محاسبتهم.
ومن الضروري افتتاح مصارف جديدة من غير المنظومة القديمة لاجبار المصارف على الاجابة على الاسئلة التي سألناها وكشف اوراقها بشفافية ، فمع دخول مصارف جديدة الى السوق ستجد المصارف القديمة صعوبة في الاستمرار في العمل بعد ان فقدت مصداقيتها بشكل كبير وثقة المودعين بها ، فقد بات الناس يعرفون انها اغتنت على حساب مودعيها ولن تنفع اية حملات دعائية او شراء للاعلام من تنظيف هذه الصورة ، وستضطر كي تبقى في السوق (مش رح يفوت لعندها اي زبون) ان تفتح اوراقها بشفافية كاملة كما ذكرنا وان تغير كل طرقها الملتوية في التعامل مع المودعين.
كما يجب البدء سريعا ً باعتماد اجراءات ادارية فعالة تعيد لبنان الى قائمة الدول الجاذبة للاستثمار، ودراسة اداء القطاع العام ومنع التوظيف الى حين اجراء اصلاح كامل لعمل الادارة، فهل يُعقل اليوم ان معاملات العقارات والرخص والمالية وغيرها تتطلب اشهرا، والكثير من الادارات العامة تفتح يومين في الاسبوع ، كيف نتوقع ان نجذب اي نوع من الاستثمار في ظل هذه الظروف ؟ نتفهم ان الموظفين لا يقبضون معاشات كافية ولكن الحل ليس الاستمرار بتجاهل المشكلة بل يجب ان يُصار الى دراسة حلول سريعة ، وهذا يتطلب عمل يومي وشاق من المسؤولين ، وان تكون الحلول المقترحة علنية وشفافة.
والاهم اقرار الشفافية المطلقة والبيانات المفتوحة وهذه ستكون العدة لضمان عدم تكرار الجرائم المالية التي حصلت خلال السنوات الاخيرة وستعيد ثقة المستثمرين في البلد.
نعم نحتاج الى تعافي اقتصادي حقيقي ، ونحتاج سلطة قادرة ان تقوم بذلك ، لا نريد المزيد من الاستدانة.
ونود توجيه تحية احترام للوزير المرحوم جورج قرم ، الرجل المفكر ذو الايدي النظيفة التي لم تمتد يوماً الى مال عام ، هو من طينة الرجال التي نحتاجها في لبنان ، ولو كان المسؤولين على قدر المسؤولية لكان جورج قرم حاكم المصرف المركزي. فهو الرجل الوطني المثقف ، الذي حذّر مرارا من تبعات السياسات المالية المتبعة ، و رفض “مزيداً من الإستدانة من الخارج والإعتماد عليه”، وآمن وعمل على تعزيز القطاعات الإنتاجية وعلى رأسها الصناعة اللبنانية. لقد فقد لبنان رجل وطني بامتياز . جورج قرم لم يتم تقديره في لبنان ، وهي عادة ان يتم تهميش الرجال الوطنيين الاوادم الذين لم يسببوا خرابا خلال خدمتهم ، كأمثال سليم الحص وغيره.
وختاماً نود ان نشكر من نصحنا بالاطلاع على تقرير الفاريز ومارسال وهم مجموعة من متابعينا على التويتر ونشكر نداء الوطن على نشره التقرير كاملاً ، ونحن بصدد دراسته ووضع الملاحظات عليه وسنشارككم بها في مقالات لاحقة.