كتبت “النهار”: ما الذي بدّل المشهد والتوقعات التي بدت موغلة في التخوف، فبدّد كلام الموفد الأميركي توم برّاك، بخلفية تحدّره من الجذور اللبنانية ومناداته بـ”لبنان أولاً”، الأجواء المشدودة؟
الحال أن التدقيق في كلام برّاك الذي تعمّد بوضوح الإطلالة المسهبة على الرأي العام اللبناني، يعكس “إيجابية جراحية” أي مشروطة أرادها رسالة بكل الوضوح اللازم لإعلان أن الإدارة الأميركية تدعم الاستجابة التي أبداها رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة في التعامل “المسؤول” مع ورقة برّاك، ولكن مسؤولية ترجمة حصر السلاح واحتكاره تتحملها الدولة اللبنانية بالكامل. بل إن المعطيات التي تكشفت عن الإيجابية الكلامية التي قرنها برّاك بتحميل اللبنانيين تبعة التخلف عن سوريا وسواها في مسار التقدم والاستقرار، تشير إلى مسار تفاوضي جديد شق طريقه توم برّاك وكانت من علائمه تأكيداته العلنية لإخفاق آلية مراقبة تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل، بعدما كان سابقاً وصف الاتفاق نفسه بأنه أخفق وفشل.
وهذا المسار انطلق عملياً مع تسلّم برّاك أمس الردّ “الرئاسي الثلاثي”، وهي التسمية الأقرب إلى الوصف الواقعي، لأن اعتراض رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع على تغييب مجلس الوزراء عن هذه العملية تردّدت اصداؤه، بدليل أن رئيس مجلس الوزراء نواف سلام سارع إلى التأكيد أن أي قرار نهائي لا يتخذ إلا في مجلس الوزراء. وإذ سيكون هناك آلية أخذ ورد وتداول أفكار وأجوبة، فمعنى ذلك وفق المعلومات، أن ثمة مساراً تفاوضياً جديداً انطلق بين لبنان والموفد الأميركي قد يفضي إلى اتفاق واسع جديد مثلّث الأضلع في الجوانب المتصلة بالوضع الحدودي بين لبنان وإسرائيل، ومن ضمنه نزع سلاح “حزب الله”، كما بين لبنان وسوريا والجانب الإصلاحي الداخلي وملف إعادة الإعمار. وهذا يعني أن نزع السلاح وانسحاب إسرائيل يجريان ضمن خطوات تبادلية متوازية. ونقل في هذا السياق عن برّاك قوله للرؤساء أمس، أنه لا يمكن أن يجزم بأن إسرائيل لن تتولى نزع سلاح “حزب الله” بوسائلها إن لم تنزعه السلطة اللبنانية.
وأشارت المعلومات إلى أن الردّ كان قد أُرسل إلى برّاك الذي طلب بعض التعديلات عليه، ما دفع اللجنة الرئاسية إلى العمل على تعديل بعض البنود. وأفيد أن التعديلات التي أدخلتها اللجنة تناولت موضوع السلاح، وجاءت خلال اجتماع ليلي حتى ساعة متأخرة وبعد لقاء جمع النائب علي حسن خليل موفداً من بري مع النائب محمد رعد وحسين خليل.