مع “كورونا” وبعده! (جميل مطر – الشرق الأوسط)

الثلاثاء ٢٦ أيار ٢٠٢٠

مع “كورونا” وبعده! (جميل مطر – الشرق الأوسط)

أسئلة وأسئلة أخرى وأخرى ولا إجابة واحدة شافية.
ننام على أسئلة ونستيقظ على اجتهادات. يهبط الليل بعباءته الكحلا فننام على الأسئلة نفسها وأسئلة استجدت. تتزاحم الأفكار وتختلط عند البعض بالكوابيس، ننهض في الصباح بطاقة أقل من طاقة نهضنا بها بالأمس، ولكن بأسئلة جديدة وشكوك أكثر في كل ما وصل إلينا خلال مرحلة «كورونا» من اجتهادات وإجابات. معذورون ولا شك. كنا جماعة بشرية تلقت حكماً باقتراب نهاية أعداد متزايدة من أفرادها. نقل هذا الحكم إليها ممثلون عن ائتلاف ضم خبراء طب وتحاليل معملية رفيعي المستوى ومساهمين كباراً جداً في شركات كبيرة جداً لصنع اللقاحات والأدوية وتأهيل التكنولوجيا وبخاصة في قطاع الذكاء الصناعي وإعلاميين وسياسيين أيضاً كبار جداً. لم يكن مسموحاً لغير الكبار جداً باللعب في هكذا «لعبة» خطيرة جداً.
***
كانت، ولا تزال، تجربة فريدة عشت لأرويها. لن أوفيها حقها. أعترف مقدماً. مررت في حياتي بأزمات حادة أو كنت شاهداً عليها، بعضها وبائي الطابع وبعضها تحديثي الاستعداد والحشد وبعضها ثوري الهدف، لم تأتِ واحدة منها في غرابة وغموض أزمة «كورونا» أو في حجم ضحاياها أو في ضخامة نفقاتها. مثلاً، كنت في مرحلة العبور من الطفولة إلى سن المراهقة عندما انفجرت أزمة وباء الكوليرا في مصر. أتذكر بالتفصيل ما حدث وأنا في هذه السن المبكرة. أذكر مثلاً رائحة المبيد وأذكر بصفة خاصة طعم محلول برمنجانات الصودا الذي فرض نفسه على جميع مأكولاتنا الطازجة. أذكر كثيراً من مشاهد وأحاديث الموت المتبادلة بين السكان في البيت وفي الشارع. حجم ما أتذكره عن الأزمة يكشف عن مدى تأثري بها. ومع ذلك غابت أزمة وباء الكوليرا ولم تخلِّف أسئلة لم نجب عنها. وبالأمانة لا أظن أنها تركت مهمات لتنشغل بها أجهزة مخابرات ومعلومات بحثاً عن إجابة لسؤال أو تأكيد لمسألة ثارت حولها شكوك.
لا أظن أني عشت أزمة خلّفت، وهي في أوجها، أسئلة كالمروحة اليابانية تتراوح موضوعاتها بين حدين أقصى. ترمب وحده مثال على ذلك. الرجل فقد في مطلع هذه الأزمة ظله. أقصد أن دونالد ترمب كان في نيته تجسيد شخصيتين في واحد، شخصية الرئيس الحاكم المنتصر على كل الجبهات وشخصية المرشح لولاية ثانية. عاش الرئيس السنة الثالثة من ولايته الأولى يحلم بجولة انتخابية تنقله من ولاية لأخرى يخطب في الناس. يحلم بنفسه مكتسحاً: أنا من لم يأتِ مثله في التاريخ الأميركي، أنا من حقق أكبر نسبة عمالة في تاريخ أميركا الاقتصادي، أنا من حقق أكبر نسبة نمو اقتصادي سنوي في التاريخ الأميركي. أنا وأنا وأنا… لن يقف في طريقي بند في الدستور ولا الدستور برمّته وآباؤه المؤسسون وأساطيرهم. أما نحن فقد جهزنا أنفسنا لانتخابات رديئة قد تكون فعلاً الأسوأ في التاريخ الغربي وليس فقط الأميركي.

وقعت الواقعة وهجم «كورونا» ولم يفلح ترمب في إزاحته من الصورة. للحق يجب أن نعترف بأنه بذل جهداً خارقاً ليبعدها عن واقع الانتخابات. أنكر وقوعها. زعم أنها مؤامرة من الحزب الديمقراطي. لم يختفِ. تحداه «كورونا» إلى حد أنه فرض نفسه بديلاً للحملة الانتخابية بمعنى أنه كأنه فرض على البلاد شعاراً بعد قليل صار أكثر من مجرد شعار. «لا حملة انتخابية من دوني، ولا سياسة لست طرفاً فيها، ولا موازنة عسكرية لم تحسب حسابي، ولا اقتصاد لم يخضع لإرادتي وقوة نفوذي».
رأينا كيف تخبطت القرارات التي اتخذتها إدارة الرئيس ترمب خلال الأشهر الثلاثة الماضية. رأينا بأم عيوننا رئيس الدولة الأعظم يظهر أمامنا بعد ليلة لم ينَمْ فيها أو أن مرضاً مسّه ذلك الصباح. رأينا لعشرات المرات مجموعة عمل طبية شكّلها بنفسه ونصّب على رأسها نائبه الذي فشل في تدريب المجموعة ليمثلوا فريقاً متعاوناً ومتكاملاً ومتفاهماً. رأينا الرئيس في عروض متواصلة يسلط غضبه على فيروس خطف منه حملة انتخابية. مرة يخترع أزمة دبلوماسية مع دولة ثم مع أخرى إلى أن أعاد اكتشاف حقيقة أن الصين تسعى لتصبح قوة عظمى. وليكتشف أيضاً، بقوة الجاسوسية الطبية أن الصين تأخرت في إبلاغ العالم بظهور وانتشار الفيروس في مقاطعة ووهان. أشعل مبكراً فتيل الحرب السياسية العالمية مع الصين، وكانت خطوة مؤجلة في حسابات موازين القوة. توالت المهاترات والقضايا. جاء وقت تحولت فيه منصة الحرب ضد الفيروس إلى منصة تخدم حملته الانتخابية لتعود بعدها منصة حرب، حتى امتلأت ساحات الكلام في كل أنحاء العالم بأسئلة لم تكن مطروحة من قبل في واشنطن أو في غيرها، وبعضها لم يحن موعد إثارته. خذ مثلاً:
أولاً، هل حقاً تأثرت موازين القوة العائلية في الدول التي تعرضت لهجمة «كورونا»؟ سؤال يثير الاستفزاز وبالتأكيد كان يمكن أن يرفض علماء الاجتماع مناقشته. ومع ذلك رأيناه بعد قليل يتصدر جداول اهتمام علماء في أوروبا وأميركا اللاتينية والولايات المتحدة.
ثانياً، هل أضاف «كورونا» قوةً ونفوذاً إلى قوة ونفوذ السلطة السياسية في مختلف دول العالم؟ قيل إن الاستعداد لمواجهة «كورونا» سمح للسلطة الحاكمة بالتغول في الساحة السياسية على حساب الحقوق والحريات ومساحات الحرية. قيل مثلاً إن السلطة السياسية استفردت بالشعب بعيداً عن القوى الناشطة التي تستفزه وتثيره. هي في الساحة وحدها فالطلبة يدرسون في منازلهم في غرف مغلقة، والفقراء تسلموا المعونات وينتظرون المزيد مقابل لا عمل، والقيود على النشر أفردت للسلطة كل المساحات لتقول ما تشاء. السؤال: هل يمكن أن يستمر هذا الوضع الذي سمحت به حالة طوارئ فيصبح طبيعة ثانية لحال تدهور الديمقراطية في دول الغرب؟
ثالثاً، أما وقد صار واضحاً أن «كورونا» صنيعة حلف التأم داخل قطاعات استثمارية تعمل على صعيدين؛ صعيد صناعة الأدوية وصعيد تكنولوجيات الذكاء الصناعي. الآن تداخلت القوى ذات المصلحة. تدخل الأمن مثلاً ليحصل على حقه من تأكيد رقابته على الأفراد وتقصي الأثر بحجة الحرص على وقف انتشار الفيروس. هل يعني هذا التطور الوصول بالخصوصية الفردية إلى نهاية طريقها؟ قيل إن في الصين الآن أكثر من 320 مليون كاميرا لتقصّي آثار المواطنين. سمعت من سأل إن كنا سوف نجد في المستقبل دولة تتصدر المطالبة بحماية خصوصية المواطن. وهل لو جدد الناخبون الأميركيون للرئيس ترمب نضمن ألا يزيل من الوجود منظمة دولية لحقوق الإنسان بعد أن قضى في الولاية الأولى على ثلاث أو أربع وكالات دولية شقيقات لها؟
رابعاً، هل ستُبقي الدول المتحالفة، والمنتصرة، على تجربة التعليم بالمنازل، فيصبح لدينا نظام جديد للتعليم كدنا من دون «كورونا» نفشل في تطبيقه؟ ثم هل نُبقي على ما حققته التجارة الإلكترونية من قفزات خلال فترة الإغلاق والحجْر؟ قيل إنها زادت في الصين بنسبة 400%، وبالتالي هل تتغير طبيعة التجارة الداخلية وما يلحق بها من سلوكيات استهلاكية وإعلانية؟
خامساً، هل تثبتت واشنطن من فرضية نهاية العولمة؟ وما البديل؟ وهل تثبتت من حاجتها إلى مسودة نظام عالمي جديدة تقوده منفردة. لاحظنا غياب أي جهد إبداعي وتجميع نحو تحقيق هذا الهدف، إن وُجد. هل سنرى أوروبا تهرول في اتجاه روسيا سعياً وراء تكامل إقليمي أوسع يضعف من احتمالات هيمنة قطبية ثنائية؟ هل تأكد للأوروبيين والروس والصينيين أن أميركا مالت نهائياً نحو العزلة الإقليمية على حساب مبادئ التعاون الدولي؟
وأسئلة أخرى…

شارك الخبر

مباشر مباشر

07:22 pm

عثروا عليه غريقًا في الرّوشة.. هل من يعرف عنه شيئًا؟

07:18 pm

العدو يستهدف محيط بلدة طيرحرفا وتلة الحمامص في سردا

06:20 pm

عملية جديدة للمقاومة استهدفت فيها مستعمرة شتولا

06:11 pm

المقاومة تستهدف مبنىً في مستعمرة المطلة بالأسلحة المناسبة

05:33 pm

الأمم المتحدة: حجم الدمار في غزة أكبر من أوكرانيا

05:29 pm

الشرطة التركية توقف 210 أشخاص خلال تجمعات الأول من أيار في اسطنبول

05:26 pm

حسمت الجدل.. دينا الشربيني تعلن ارتباطها من خارج الوسط الفني

04:54 pm

انهيار طريق سريع في جنوب الصين ومصرع 24 شخصاً على الأقل

04:45 pm

الأردن تدين اعتداء مستوطنين إسرائيليين متطرفين على قافلتي مساعدات أردنية

04:31 pm

توقيف فتى للاشتباه في إقدامه على محاولة قتل في مدرسة ببريطانيا

03:58 pm

قصف معاد يستهدف أطراف علما الشعب

03:45 pm

غادرت منزل ذويها في جبيل ولم تعُد… هل من يعرف عنها شيئًا؟

03:36 pm

هذه مواعيد الإمتحانات الرسمية لطلاب التعليم المهني والتقني!

03:25 pm

سيجورنيه التقى نظيره المصري: جئنا لتنسيق جهودنا من أجل التوصل إلى هدنة

02:45 pm

أمطار غزيرة وسيول في بعلبك

02:36 pm

تظاهرات في مدن أوروبية دعماً لغزة

02:11 pm

قوى الامن: توقيف أفراد عصابتين إمتهنوا سرقة السيارات ونقلها إلى خارج لبنان

01:58 pm

بري تابع الاوضاع العامة والمستجدات خلال لقائه تجمع العلماء المسلمين

01:40 pm

الشرطة تعتقل عشرات المحتجين المؤيدين للفلسطينيين في مداهمة لجامعة كولومبيا

01:15 pm

المقاومة تزف الشهيد وحيد عبد الحميد طفيلي

12:49 pm

إصابة 55 شخصا على الأقل جراء اصطدام قطار بحافلة في لوس أنجلوس

12:39 pm

المطارنة الموارنة: نرفض إبقاء النازحين السوريِّين

12:22 pm

غارة على منزل في طيرحرفا

11:52 am

لجان الأهل في المدارس الخاصة أعلن إنجاز مشروع إعادة صياغة قانون تنظيم الموازنة وتحديد الأقساط

11:43 am

البرلمان العربي يدعو لفتح تحقيق دولي عاجل في جرائم المقابر الجماعية بمستشفيات غزة ومحاسبة مرتكبيها

11:16 am

عمليات دهم وتوقيف 10 أشخاص على أثر إطلاق النار والمظاهر المسلحة أثناء مراسم دفن في بلدة ببنين – عكار

11:10 am

عربيد: إنتاجكم أساس في بناء مستقبل أفضل

10:50 am

الحلبي أعطى التلامذة الممنوعين من المشاركة في الامتحانات الرسمية للشهادة الثانوية في العام 2023 الحق بالترشح هذا العام

10:13 am

سفارة إيران: يتبنى الغرب معايير مزدوجة في الدفاع عن حقوق الانسان

10:04 am

حمية من الدومينيكان: لبنان ملتزم المعايير الدولية المتعلقة بسلامة وامن الملاحة الجوية في أجوائه وتشويش العدو الاسرائيلي الحاصل خطرٌ محدق عليها

09:47 am

وزارة الصحة تعلن عن 40 حالة التهاب الكبد الفيروسي الالفي في كامد اللوز وتذكر باجراءات الوقاية

09:39 am

السيول تغمرمنازل ومحال علي النهري البقاعية

09:24 am

الحريري: العيد الحقيقي يكون بوطن يحفظ كرامة العمال

09:13 am

وفاة شاب بطلق ناري عن طريق الخطأ في الضنية

08:51 am

عاجل: المقاومة استهدفت انتشارا لجنود العدو في محيط ثكنة برانيت بالأسلحة الصاروخية والقذائف المدفعية

08:31 am

ليل حذر عاشته قرى القطاعين الغربي والاوسط تخلله تحليق للطيران الاستطلاعي واطلاق القنابل المضيئة

08:23 am

“الرفاقُ حائرون” في المعارضة و”يا ربُّ نفسي”! (طوني عيسى-الجمهورية)

08:09 am

لا حلّ لبنانياً قبل نضوج تقاطعات واشنطن الإقليمية (هيام القصيفي-الاخبار)

07:50 am

بلينكن سيحاول زيادة الضغوط على اسرائيل

07:46 am

تموضع بدلاً من انسحاب… تعديل الورقة الفرنسية