كتبت “الديار”: تتجه الأنظار الى الوجهة الجديدة للوسيط الأميركي آموس هوكشتاين وهي باريس، حيث سيلتقي اليوم، الموفد الرئاسي الفرنسي الى لبنان جان إيف لودريان ومسؤولين آخرين، على أن يكون الملف اللبناني بشقّيه الرئاسي والحدودي حاضراً على الطاولة… وكان لودريان قد أطلق كلاماً خطراً خلال زيارته الأخيرة الى بيروت، عن أنّ “لبنان السياسي سينتهي، إذا بقيت الأزمة على حالها ومن دون رئيس للجمهورية، ولن يبقى سوى لبنان الجغرافي”.
وكشفت أوساط ديبلوماسية مطّلعة، أنّ الرجلين سيبحثان ما يُسمّى بـ”الورقة المشتركة” الأميركية – الفرنسية، والتي هي عبارة عن اقتراحات مقدّمة من البلدين، تحت عنوان “اليوم التالي للحرب”. وتنصّ بنودها على ضرورة خفض التصعيد عند الجبهة الجنوبية، والذهاب الى حلّ ديبلوماسي يهدف الى وقف إطلاق النار جنوباً، ومن ثمّ التوافق على الترتيبات السياسية والأمنية المتعلّقة بالحدود البريّة، أي مواصلة المفاوضات غير المباشرة حول حلّ النقاط الـ 13 المتحفّظ عليها لبنان عند الخط الأزرق، وتطبيق القرار 1701. في الوقت الذي يواصل فيه البلدان السعي الى خفض التوتّر على الحدود، لا سيما بعد التصعيد الأخير، لا سيما الغارة “الإسرائيلية” التي طالت جنوب لبنان وأدّت الى استشهاد طالب سامي عبدالله، أحد كبار المسؤولين في حزب الله، وجرى الردّ عليها بإطلاق مئات الصواريخ والمسيّرات من دون طيّار على “إسرائيل” لمدة ثلاثة أيّام.
وأكّدت الاوساط أنّ الاتفاق المبدئي لإنهاء الأعمال العدائية، مشروط بوقف إطلاق النار في غزّة. ولهذا يسعى هوكشتاين الى إقناع الفرنسيين بمناقشة الأمر مع حزب الله، بهدف مواصلة ما جناه في البحر. كما سيضعهم في إطار المحادثات التي أجراها خلال زيارته الأخيرة الى لبنان والمنطقة.
ويقول العارفون انّ اتفاقاً سريّاً مع هوكشتاين قد أنجز، سيما أنّ طهران قد وافقت عليه، كونها لا ترغب في حرب شاملة في المنطقة، كذلك “إسرائيل” تُهدّد لكنها تعلم أنّ الخروج من حرب موسّعة، لن يكون سهلاً بمقدار الدخول فيها. وتساءلت الأوساط الديبلوماسية ذاتها: لماذا يبقى الاتفاق سريّاً؟ وماذا يعني “سرّي”، وخصوصاً أنّه تمّ “تسريبه”؟ وما هو “السرّي” الذي يستدعي أن يبقى “سريّا”، في ظلّ المساعي الجارية للتوصّل الى حلّ يُعيد الأمن والاستقرار الى الحدود الجنوبية، والى التفاهم على انتخاب رئيس الجمهورية؟ وما هو هذا الاتفاق، وحزب الله يربط وقف إطلاق النار جنوباً بوقف الحرب في غزّة، في ما يرفض “الإسرائيليون” ذلك، كما يرفضون تطبيق القرار 1701 لجهة الانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلّة، ووقف الطلعات الجويّة التي تعتدي على السيادة اللبنانية؟! أمّا مسألة انسحاب فرقة الرضوان مسافة 8 كيلومترات من جنوب الليطاني، فيرى حزب الله أنّ لا بدّ وأن يُقابله تراجع القوات “الإسرائيلية” الى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلّة بمسافة مماثلة، وإلّا فليس هناك أي اتفاق.
أمّا شهر تمّوز الجاري فيبدو مفصلياً، على ما أضافت الاوساط، ولا بدّ من استفادة المسؤولين في لبنان من الفرصة السانحة، لحماية لبنان السياسي المهدّد بالإنقراض، من وجهة النظر الفرنسية. علماً بأنّه من المستبعد أن تتخذ “إسرائيل” قرار شنّ الحرب الموسّعة على لبنان، قبل توجّه نتنياهو لإلقاء خطابه أمام الكونغرس في 24 تمّوز الجاري (الذي يُتوقّع أن يكون نارياً ضدّ حماس وحزب الله). فمن غير الممكن أن يزور الولايات المتحدة على وقع حرب ثانية في المنطقة، وخلال الحملة الإنتخابية الرئاسية الأميركية، سيما وأنّ واشنطن قد حذّرته من التصعيد مرّات عدّة على لسان موفديها الى المنطقة، ومن بينهم هوكشتاين.
كذلك فإنّ الوسيط الأميركي، على ما أشارت الأوساط الديبلوماسية، سيُحدّد إذا كان سيعود الى لبنان والمنطقة بعد إنهاء زيارته الى باريس، على ضوء نتائج محادثاته مع لودريان وعدد من المسؤولين الفرنسيين الكبار، ودخول قطر بالتالي على خط الوساطة. فهل سيتمكّن من إقناع الأطراف المعنية بضرورة وقف التصعيد جنوباً والذهاب الى التهدئة، وصولاً الى “اتفاق نهائي” للحدود البريّة ولانتخاب الرئيس قريباً؟!