شكّل انسحاب إسرائيل المجتزأ من القرى والبلدات اللبنانية التي كانت تسيطر عليها في الجنوب، واحتفاظها بخمس نقاط عسكرية، انتهاكاً لاتفاق وقف إطلاق النار الذي أُبرم بوساطة أميركية ورعاية فرنسية، ودخل حيّز التنفيذ في 27 تشرين الثاني الماضي، ومن أبرز ما نص عليه هو وجوب أن تقوم إسرائيل بسحب قواتها تدريجياً من الجنوب باتجاه الخط الأزرق خلال فترة تصل إلى 60 يوماً.
إلا أنّ هذه المدّة انتهت في 27 كانون الأول، من دون أن تنسحب اسرائيل، بل مدّدت احتلالها للبنان حتى يوم أمس، 18 شباط، عندما أبقت قواتها على خمس تلال استراتيجية مواجهة لفلسطين المحتلة، والى أجل غير مسمّى.
وأمام هذا المشهد، أوضح وزير الخارجية السابق عدنان منصور “أنّ رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة أكّدا حرصهما الشديد على سيادة ووحدة لبنان، وبذل الجهود الدبلوماسية والسياسية مع الجهات الدولية الفاعلة من أجل حمل اسرائيل على الانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة، وبالذات من النقاط الخمس”.
وبعدما ذكّر منصور “بأنّ اسرائيل اعتادت على أن تضرب عرض الحائط كل الاتفاقات والقوانين والقرارات الدولية ذات الصلة”، قال “إن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هنا؛ ماذا سيكون عليه موقف الدولة اللبنانية ودورها عندما تجد أنّ كل الوسائل الديبلوماسية والسياسية لم تؤد الى نتيجة؟! عندئذ كيف يمكن للبنان تحرير أرضه، لا سيما وأنّ هناك تجربة مريرة مع الاحتلال الاسرائيلي الذي جثم على صدر لبنان لمدّة 22 عاماً، حيث رفض العدو تطبيق القرار الأممي الصادر عن مجلس الأمن عام 1978، إلى أن أجبر عام 2000 على الانسحاب بفعل المقاومة للاحتلال؟ كيف يمكن اليوم حمل اسرائيل على الانسحاب من الأراضي المحتلة، وهناك جهة دولية كبرى تغضّ الطرف عن كل ما تقوم به من اعتداءات يومية”؟
ورأى منصور “أنّ الدولة اللبنانية معنية بهذا الأمر، خصوصاً وأنّ خطاب رئيس الجمهورية أكد وحدة الدولة وحماية أرض لبنان وحدوده وتحريره من الإحتلال”.
وشدّد على “أن لبنان احترم اتفاق وقف إطلاق النار بالكامل فيما اسرائيل هي من لم تحترمه، والدليل استمرار المسيّرات والإغتيالات وتدمير البيوت وحرقها التي لم تتوقف طيلة مدّة وقف إطلاق النار”.
وختم منصور بالقول: “اذا فشلت الدبلوماسية ولم تؤد إلى نتيجة، فما هو الخيار الذي ستتّخذه الدولة اللبنانية في المستقبل؟ هذا هو السؤال. هل ستقبل بالأمر الواقع، أم أنها ستجد نفسها يوماً أنه لا بد لها من اللجوء إلى خيار آخر يجبر إسرائيل على الانسحاب وتحرير الأرض؟! وحدها الأيام القادمة تظهر حقيقة دولة الاحتلال.”