وجدي العريضي – النهار
“جهّزي نفسك يا إسرائيل للبكاء والعويل”. هذا الكلام أطلقه القيادي البارز في “حزب الله” السيد هاشم صفي الدين، في ظل تساؤلات عن خلفية هذا الكلام الذي يحمل الكثير من التفسيرات. فالبعض يرى أنه قد يكون ناجماً عن حالة الغضب، بعد اغتيال أحد أبرز قياديي الحزب “أبو طالب” في جويا، لكنّ مواكبين لمسار الأمور يدركون أن المسألة ذاهبة في اتجاه تصعيدي، باعتبار أن كلاماً كهذا لا يُطلق جزافاً من شخصية قيادية لها وزنها في الحزب. وبالتالي، هذا التهديد من “حزب الله” يكتسب أهمية في ظل الحرب القائمة والمفتوحة، من دون إغفال التهويل الإسرائيلي والتهديدات بأن قادة إسرائيل سيعيدون لبنان إلى العصر الحجري، الأمر الذي يشير إليه أكثر من مسؤول إسرائيلي، متوعدا بقصف العمق اللبناني ومنشآته المدنية والحيوية. وكان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي زار مستعمرة نهاريا أخيراً، قال: “لا نقبل بأن ينعم أهالي بيروت بالهدوء، فيما أبناء المستعمرات مهجرون”. لذا أضحت الأمور صعبة ومعقدة وقاسية، بعدما أطلق صفي الدين هذا الكلام.
توازيا، تشير أوساط مقربة من “حزب الله” الى أن الحزب لم يستعمل سوى نسبة محدودة من جهوزيته العسكرية، وبدأ في الآونة الأخيرة يرفع منسوب هذه الجهوزية، وفي هذا الإطار يُقرأ إطلاق صاروخ أرض جوّ في اتجاه طائرة إسرائيلية حربية حديثة، أجبرها على التراجع.
وعلى الحديث عن إمكان قيام إسرائيل بعملية كبيرة أو اجتياح حتى الليطاني، بعدما تنامى هذا الكلام كثيراً بالاستناد الى معلومات فرنسية، مؤداها أن تل أبيب تنوي القيام بعدوان على لبنان، فيما الولايات المتحدة الأميركية تسعى مع فرنسا لثنيها عن هذا الهجوم، تردّ أوساط الحزب: “نحن من سيقوم بالهجوم إذا استمرت إسرائيل في عدوانها على لبنان، وقد نجتاح المستعمرات والجليل. لا يهددونا، فنحن لا نهوّل بل نفعل، ونعلن عن شهدائنا قياديين وغير قياديين، فكلهم شهداء. وعلى هذه الخلفية، إسرائيل ستتلقى منا ضربات موجعة وبأساليب متنوعة ومختلفة. وملاقاة مع ما قاله السيد صفي الدين، سنقول أكثر بكثير، وسنوجع إسرائيل في العمق وفي كل مكان عبر سلاح نوعي وضربات قاسية جداً”.
في المقابل، رئيس حزب الوطنيين الأحرار النائب كميل شمعون، يقول لـ “النهار” رداً على ما قصده صفي الدين، إن ذلك مرده الى “معطيات ومعلومات عن تصعيد مرتقب، ويحاول حزب الله قطع الطريق على إسرائيل قبل انطلاق عملية واسعة النطاق أو اجتياح إسرائيلي حتى الليطاني.
وفق معلومات شمعون أن “هذه العملية ستكون كبيرة، “والله يستر”، لأنها ستحصل على غرار ما نراه من دمار وخراب في غزة. نحن أمام أيام مفصلية، وأعتقد خلال الأيام العشرة المقبلة سنرى التصعيد والاجتياح الإسرائيلي، ومن يراقب ويتابع مواقف القيادات الإسرائيلية يدرك ذلك، ولا سيما أنهم يسعون الى إعادة أهالي المستعمرات إلى منازلهم قبل شهر أيلول وبداية العام الدراسي، فضلاً عن اعتبارات أخرى.
وأرى أن عملية مثل هذا النوع ستكون مرفقة بـ”قبّة باط” أميركية دولية. في المحصلة، لبنان سيدفع الفواتير الباهظة كعادته في كل الحروب والأزمات، لذا قال المسؤول في حزب الله هذا الكلام، لكن لا نغفل أن الحزب سيقصف العمق الإسرائيلي بضراوة، وأننا أمام حرب كبيرة، وسيسجل أيضاً دمار في المدن الإسرائيلية من تل أبيب إلى عكا وصفد وسواها. لكن معلوماتي ومعطياتي تشي بأن إسرائيل قررت الاجتياح حتى الليطاني، وستكون العملية مكلفة في الدمار والخراب والضحايا، وهذا ما سيحصل في الأيام المقبلة”.
هل نحن أمام تسوية بعد هذه الحرب، أم ماذا؟ يرد شمعون بالقول: “من خلال اتصالاتي وزيارتي الأخيرة لواشنطن وأوستراليا، والجولات التي أقوم بها داخلياً وخارجياً، أرى لبنان أمام مفترق صعب للغاية، فالبلد على المستوى الميداني ستكون ساحته الجنوبية مشتعلة في الأيام المقبلة، كما أشرت، إضافة إلى ما تنوي إسرائيل القيام به، فضلاً عن أن حزب الله لديه قوة ضاربة وسلاح نوعي، ما يعني أننا سنعيش حرباً حقيقية في هذه المرحلة، أما التسوية فقد تأتي لاحقاً عندما تحين ساعتها، لكن اليوم الكلام للميدان والعمليات العسكرية، وليس في الأفق ما يدل على أن هناك أجواءً تنبئ بتسوية أو حلول، بدليل أن كل المفاوضات تعثرت في القاهرة والدوحة، وانسحب الأمر على الاستحقاقات الأخرى رئاسياً، فالجميع يتسلى بمبادرات في هذا الوقت الضائع، وهي للتسلية لا أكثر ولا أقل. بمعنى أوضح، لم تنضج الظروف المؤاتية للتسوية. ربما لاحقاً إذا قامت إسرائيل- وهذا ما أراه مؤكداً – بعملية حتى الليطاني، قد تعود وتنسحب لينتشر الجيش اللبناني والقوة الدولية”.