سابين عويس – النهار
بدأ وزير الطاقة والمياه وليد فياض زيارة رسمية لسوريا، بدعوة من وزير الموارد المائية السوري حسين مخلوف تستمر يومين، يشارك فيها في ترؤس الجانب اللبناني في اللجنة اللبنانية السورية المشتركة لقطاع المياه. ويشارك في الزيارة الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني السوري نصري خوري، لمتابعة آليات تطبيق اتفاقيتي نهر العاصي والنهر الكبير الجنوبي وسبل الحفاظ على الأحواض المشتركة واستثمارها. على جدول الزيارة أيضاً، لقاءات مع كل من وزيري النفط فراس قدور والكهرباء غسان الزامل، على ما أعلن المكتب الإعلامي لفياض في بيان أصدره حول الزيارة، وفيه أيضاً ان المحادثات ستتناول كذلك مجالات التعاون من أجل الحد من فيضان النهر الكبير على السهول الزراعية في عكار فضلاً عن البحث في أعباء النزوح. وقبيل مغادرته، كشف فياض أن الزيارة تأتي في إطار دعوة رسمية لاجتماع اللجنة المشتركة التي تنسّق في ملف المياه المشتركة، وتشير في الوقت عينه إلى الرغبة في إعادة توطيد العلاقات بين البلدين.
تشكل زيارة فياض أولى الخطوات الرسمية لوزير لبناني منذ فترة، وتعكس قرار الحكومة الانفتاح على دمشق من أجل البحث في ملف النازحين السوريين، وذلك في إطار الخطوات التي تعتزم الحكومة تنفيذها لتأمين عودة النازحين الموجودين على الأراضي اللبنانية في شكل غير شرعي.
في الإعلام السوري، تعامل إيجابي مع الزيارة، في الإطار الذي تأتي فيه، والقرار غير المعلن للحكومة اللبنانية بإعادة إحياء خطوط التواصل المقطوعة نسبياً مع دمشق، علماً بأن هذا الانفتاح برز في قرار مجلس الوزراء الأخير تشكيل لجنة لمتابعة ملف النزوح مع الجانب السوري، ما عكس قراراً ضمنياً بالانفتاح، من دون اغفال أن العلاقات اللبنانية السورية لم تشهد مقاطعة في المرحلة الأخيرة، وقد سُجلت زيارات لأكثر من وزير فيها (الخارجية، المهجرين، الزراعة…)، ما لا يجعل من زيارة فياض استثناءً، إلا إذا طُرح موضوع النازحين، في ضوء عدم حسم مجلس الوزراء مسألة اللجنة الوزارية التي تقرر تشكيلها، وكان التوجه أن يرأسها نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي إذا قرّر وزير الخارجية عبدالله بوحبيب الذي يرأس أساساً لجنة معنية بالملف السوري الاعتذار عن عدم الاستمرار في ترؤس اللجنة. وبحسب المعلومات، فإن الشامي طلب التريّث في هذا الموضوع قبل أن يبلغ رئيس الحكومة موقفه.
على الرغم من أن عنوان الزيارة الرسمية ينحصر في الملف المائي واجتماع اللجنة المشتركة المعنية بهذا القطاع، تكتسب اللقاءات الجانبية التي سيعقدها فياض على هامش الزيارة مع وزيري الكهرباء والنفط أهمية موازية، نظراً إلى أهمية ملفّ استجرار الغاز والكهرباء المعلق بسبب العقوبات الأميركية على سوريا التي تعوق تنفيذ الاتفاقية الموقعة مع كل من الأردن ومصر نظراً إلى أن الاستجرار يمرّ في الأراضي السورية.
وكان لافتاً تطرّق الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين في أحاديث أخيرة له إلى هذا الموضوع عندما أكد أن هذه العقود جزء لا يتجزأ من الحلول الضرورية للبنان، لكنه ربطها بضرورة وضع حدّ للاشتباكات الأمنية على الحدود الجنوبية، وقد نقل هذا الكلام فيّاض نفسه، على نحو أوحى بأن هذه المادة لن تغيب عن محادثاته في دمشق. والواقع أن الموفد الأميركي تحدث في إطلالته الأخيرة عن رزمة من الحوافز الاقتصادية التي بدت بمثابة الجزرة المرافقة للعصا الإسرائيلية في الجنوب. فإلى جانب كلامه عن التوجهات نحو إعادة إعمار الجنوب وتمويل الجيش إذا تمّ التوصل إلى الاتفاق على تثبيت الحدود البرية وتطبيق القرار الدولي ١٧٠١، قد تعيد واشنطن النظر في قرار الحظر الموضوع على تنفيذ عقود استجرار الكهرباء من الأردن والغاز من مصر، التي من شأنها، إذا حصلت، أن تؤمن طاقة إنتاج إضافية بـ٢٥٠ ميغاواط على نحو يحسن مستوى التغذية بالتيار الكهربائي. تجدر الإشارة إلى أن الاتفاق وُقّع مطلع عام ٢٠٢٢ لكنه لم يدخل حيّز التنفيذ بسبب الفيتو الأميركي.