فرضت إسرائيل على لبنان حزاماً نارياً كثيفا قبل إعلان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الموافقة على اتفاق وقف إطلاق النار، ووسعت نطاق غاراتها الجوية في الجنوب والبقاع وبعلبك، فضلا عن بيروت التي أصدرت أوامر إخلاء لعدد من أحيائها خارج نطاق الضاحية الجنوبية لأول مرة منذ بدء الحرب، وشملت رأس بيروت والمزرعة والمصيطبة وزقاق البلاط، فيما قال الجيش الإسرائيلي إنه «هجوم جوي نهائي واسع على البنية التحتية لحزب الله».
يقف لبنان أمام مرحلة جديدة يراد منها عودة مؤسسات الدولة وانتظام عملها، وفي طليعتها رئاسة الجمهورية وتشكيل حكومة بصلاحيات تتجاوز تصريف الأعمال. وهذا أمر مدرج ضمن ملحق خاص بالجانب اللبناني في اتفاق وقف إطلاق النار، ومحدد ضمن مهلة الـ 60 يوما. ومتوقع انطلاق خطواته التنفيذية في «اليوم التالي» لوقف العمليات الحربية.. يوم يعول عليه اللبنانيون في رفع الركام وإعادة الإعمار، لا بل إعادة بناء البلاد على أسس واضحة ومداميك صلبة.
ولا بد من الإشارة إلى ان لبنان نجح في تسويق الحل الديبلوماسي غير العسكري للحرب، وكانت لمقاومته كلمتها في الميدان في «الوقت القاتل» من الحرب، وبمواكبة من أهل السياسة من رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وقيادة الجيش بشخص العماد جوزف عون، لجهة حماية الموقف العسكري اللبناني على الأرض، على الرغم من الانتقادات الداخلية التي تعدت الملاحظات.. وبدا لبنان الرسمي متماسكا ومعولا على الميدان لكسر الغطرسة العسكرية الإسرائيلية.
وكانت نشطت في الساعات الأخيرة الاتصالات من أجل إنقاذ اتفاق وقف إطلاق النار من المعارضة المتشددة لليمين الاسرائيلي المتطرف الرافض لوقف الحرب. وركزت المساعي في إسرائيل على ضرورة التمسك بما تحقق وعدم التفريط بالاتفاق. ولعبت الولايات المتحدة الأميركية عبر نائب وزير الدفاع دان شابيرو خلال اجتماعاته في تل أبيب دورا في جعل إسرائيل تتراجع عن بعض الشروط.
هذا وتتولى الحكومة اللبنانية في اجتماعها برئاسة الرئيس ميقاتي الذي حدد التاسعة والنصف قبل ظهر اليوم الأربعاء في السرايا، إعلان الاتفاق عن لبنان بناء على طلب وإلحاح رئيس مجلس النواب نبيه بري. وكان الأخير طمأن الجنوبيين بانتهاء الحرب، في رسالة صوتية لعضو كتلة «المقاومة والتحرير» التابعة لحركة أمل النائب علي خريس. ونقل فيها إلى المحازبين إشادة الرئيس بري بصمودهم، وخصوصا عناصر الإسعاف والدفاع المدني التابع للحركة، الذين سقط منهم العشرات باستهداف مباشر من الطائرات الحربية الإسرائيلية خلال عمليات رفع الأنقاض ونقل الجرحى.
وقد أمعن الجيش الاسرائيلي في منع نقل الجرحى وتركهم ينزفون حتى الموت. وهناك عدد لا يحصى من الذين قضوا تحت الركام، ولم تتمكن قوات «اليونيفيل» وأفراد الصليب الأحمر الدولي من الوصول اليهم على الرغم من المحاولات المتكررة.
(الأنباء الكويتية)