وجدي العريضي – النهار
يلاحظ غياب الحراك الرئاسي، وحصره بالمبادرات المحلية التي أصبحت ثلاثا، بعدما انطلقت “كتلة الاعتدال” في مبادرة حظيت بدعم من الخماسية وأكثر من مئة نائب، وتلاها “اللقاء الديموقراطي” بتحرك لم يصل بعد إلى نتائج ملموسة، ثم جولة رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، الذي أطلق تحركه عشية لقائه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط، ولم يتبدل شيء.
على خط موازٍ، فاللجنة الخماسية وفق معلومات سياسية متابعة لهذا المسار ستعاود التحرك بلقاء قد يحصل بين سفرائها بعد عودة معظمهم من إجازات عيد الأضحى في الخارج، وخصوصاً أن السفيرة الأميركية ليزا جونسون سبق أن غادرت إلى واشنطن، وعادت حين زار الموفد الأميركي آموس هوكشتاين بيروت، ولكن ليس ثمة ما يؤكد أنها تحمل معها “المنّ والسلوى”، والأمر عينه ينسحب على سائر سفراء اللجنة، حيث الأمور لا تزال هي هي. الجديد ونجم التحرك، هو زيارة أمين سر حاضرة دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين، الذي التقى الموفد الفرنسي جان إيف لودريان في الفاتيكان، حيث ثمة إصرار فاتيكاني على انتخاب الرئيس الماروني المسيحي العربي، وهذه العبارة قالها السفير السعودي وليد بخاري، عندما التقى في آخر زيارة لبكركي البطريرك مار بشارة بطرس الراعي.
بات واضحاً كما ينقل عن أحد السفراء الخماسية أن ما عقد الأوضاع يتمثل في حرب غزة والجنوب. صحيح أن “حزب الله” أكد أنه لا يربط مسار الحرب في الجنوب بالاستحقاق الرئاسي، وثمة فصل واضح لهذه المسألة، لكنّ حربا بهذا الحجم أثرت على حراك اللجنة والعالم بأسره، وتنصب الجهود وتحديداً من الدول العربية على ما يحصل في غزة من اعتداءات إسرائيلية ومجازر، وحتى الساعة ليس ثمة هدنة أو إمكان توصل إلى تسوية.
هذا العنوان الكبير كان له تداعياته السلبية على تحركات الخماسية. وقد تكون زيارة لودريان المرتقبة لبيروت، في ضوء اللقاء بين الرئيسين الأميركي والفرنسي جو بايدن وإيمانويل ماكرون على هامش قمة النورماندي، ومن ثم زيارة لودريان للفاتيكان، وبعدها وجود بارولين في العاصمة اللبنانية، قد تكون لقاءات مفيدة، وثمة قرار قد اتخذ بين ماكرون وبايدن للاستعجال في انتخاب رئيس، إنما من خلال التسريبات وسواها. بمعنى أوضح، لم يحصل أي خرق حتى الساعة لانتخاب رئيس، والأدهى أن تستمر الأمور عالقة، فعندها قد يصار إلى تأجيل كل الاستحقاقات الدستورية اللبنانية بما فيها الانتخابات النيابية، فيدخل لبنان في نفق مظلم إذا بقيت الأوضاع كما هي، وهذا ما ينذر بشر مستطير.
توازياً، فإن المبادرات الثلاث للاعتدال والتقدمي والبرتقالي مستمرة وقائمة، وتفيد معلومات أن كتلة الاعتدال سيكون لها آلية جديدة للانطلاق في اتصالات في غاية الأهمية، وهو ما يشير إليه عضو الكتلة النائب وليد البعريني، الذي يقول: “نحن أول من انطلقنا في مبادرتنا وتشاورنا مع كل رؤساء الكتل. وحظينا بدعمهم ومباركتهم، ووصلنا إلى نتائج متقدمة وإن تعثرت لاحقاً. حتى دور اللجنة الخماسية ليس بالأمر السهل، ورؤساء الدول الكبرى لم يتوافقوا على الانتخابات الرئاسية في لبنان، لأن الأمور صعبة ومعقدة دولياً وإقليمياً، وثمة حرب كبيرة تحصل من غزة إلى الجنوب، إلا أننا سنستمر في مبادرتنا بثوب جديد وآليات مغايرة عن المرحلة السابقة، لأن الغاية انتخاب الرئيس، وليس أي أهداف أو مكاسب سياسية أخرى، ربطاً بما يعانيه لبنان من أزمات خطيرة جداً اقتصادياً واجتماعياً، وإذا لم ينتخب الرئيس في وقت قريب فقد يحدث ما لا يحمد عقباه، في ظل تفكك الدولة وعدم انتظام مؤسساتها الدستورية، ولهذا الهدف فإن تحركاتنا ستتواصل مع كل رؤساء الكتل والجهات الروحية والسياسية من أجل بلوغ النتائج المتوخاة”.