يزداد ملف النزوح السوري الى لبنان وفيه تعقيداً، بعد ان كان امنياً مع بدء الاحداث في سوريا في آذار 2011، بات اليوم اقتصادياً، في ظل الازمة التي تعانيها سوريا، مالياً بانهيار سعر صرف الليرة، واقتصادياً نتيجة الحصار الغربي عليها، وتطبيق قانون قيصر الاميركي، على كل من يتعامل معها.
فوجود مليوني ومئتي الف نازح سوري، وفق احصاء قبل نحو سنة للامن العام اللبناني، ليس بالعدد الذي يمكن للبنان تحمّل اعبائه في ظل ازمة مالية واقتصادية واجتماعية خانقة، يرافقها عدم انتخاب رئيس للجمهورية، في ظل انسداد سياسي داخلي، وتعثر حل خارجي، مما تسبب بشل السلطات التنفيذية (الحكومة) والتشريعية (مجلس النواب)، وحصول فراغات في مؤسسات عديدة، حيث لا يمكن للبنان، ان يتحمّل عبء هذا النزوح، الذي ترفض الامم المتحدة ودول اوروبية واميركا عودتهم الى بلادهم، وفق ما يؤكد مصدر وزاري معني بالملف لـ”الديار”، الذي يتخبط فيه المسؤولون في لبنان، الذين ومنذ 12 عاماً، لم يتفقوا على خطة او حل لمعالجة هذا النزوح، الذي بات يشكل خطراً ديموغرافياً، وقلقاً امنياً، وازمة اقتصادية، وبطالة في صفوف اللبنانيين، حيث تلكأت الحكومات المتعاقبة عن حل ازمة وجودية بالمعنى الديموغرافي السياسي والامني والاقتصادي، حيث غاب تنظيم هذا النزوح من بداياته، وتم التعاطي معه، وفق مصالح كل طرف سياسي وآخر طائفي، تقول مصادر سياسية متابعة له.
فالمسألة ليست امنية، بل سياسية ايضاً، وهي ان تتعاون الحكومتان اللبنانية والسورية، في ملف النزوح، وهذا ما يرفضه مسؤولون لبنانيون، بناء على اوامر اميركية تقول المصادر، ولا تعني مقولة “النأي بالنفس”، التي كانت شعار عهد الرئيس ميشال سليمان وتبني حكومات لها، وتحديداً الرئيس نجيب ميقاتي، الذي بات يعترف بخطر النزوح السوري الديموغرافي والامني والاقتصادي، لكنه لا يعارض توجه اميركا ودول اوروبية، دون ان يفصح عن الاسباب، الا انه وتحت ضغط ومشاكسة وزير شؤون المهجرين عصام شرف الدين، اقرّ بان هذا الملف يجب ان يُدرس بجدية، حيث سبق لشرف الدين ان زار سوريا مرات عديدة، لمتابعة هذا الملف، وعاد باجوبة ايجابية من المسؤولين السوريين، وهذا ما ابلغه شرف الدين الى الرئيس ميقاتي ومجلس الوزراء، وتم تشكيل لجنة وزارية لزيارة دمشق، والبحث في هذا الملف، لكن وزير الخارجية عبدالله بو حبيب تنحى عن رئاسة اللجنة ثم عاد، ونشأت مشاحنات وسجالات حول من يدير ملف النزوح السوري بين الوزراء، والذي لم يعد وجهة نظر، بعد ان سجل دخول نحو 8 الاف سوري في شهر آب، وتوقيف الجيش 1200، وهذا يكشف خطورة النزوح الجديد بعنوان اقتصادي لبلد مشلول اقتصادياً، ومأزوم مالياً.
وتجاوب ميقاتي بوضع بند النزوح السوري على جدول اعمال مجلس الوزراء غداً الاثنين، نتيجة مطالبة الوزير شرف الدين، بألا تتلكأ الحكومة عن دورها، لان الوضع بات دقيقاً، حيث اكد شرف الدين لـ “الديار”، انه لا مجال لاضاعة الوقت والمراوغة، امام ملف بهذه الخطورة، اذ لا توجد مبادرات جدية حكومياً لعودة النازحين، وان حضور القادة الامنيين ضروري، لكن الحوار والحل، يكون مع سوريا.