في الشكل، تطغى الأجواء الإيجابية على المسار الحكومي. أجواء يحرص الرئيس المكلف على إشاعتها وتلاقيه في ذلك أوساط رئيس الجمهورية العماد ميشال عون التي أكدت لـ”الأخبار” أن “كل خطوة يخطوها في اتجاه التأليف ستقابلها خطوتان من جانبنا”.
أداء نجيب ميقاتي الذي يتصرف بطريقة مغايرة لسلفه سعد الحريري لجهة زيارة قصر بعبدا بعد الاستشارات وتأكيده أنه سيتردّد إليه “باستمرار”، فضلاً عن انفتاحه على الحديث مع الجميع، يعكس “تصرّفاً وفق حراجة الوضع… وهو أمر جيد” وفق مصادر في التيار الوطني الحر. إلا أن هذه كلها إيجابية مغلّفة بالحذر، في انتظار الدخول في التفاصيل حيث تكمن شياطين كثيرة. وفي هذا السياق، قالت المصادر نفسها إن “الحكومة ممكنة خلال أيام إذا ما واصل الرئيس المكلف انفتاحه والأخذ والعطاء… أما إذا كان ينوي الاستمرار من حيث توقف الحريري، فقد نكون أمام المشهد نفسه مجدداً”.
وعلمت “الأخبار” أن الرئيس عون أبلغ من يهمهم الأمر “أنني لن أعطي نجيب ما لم أعطه لسعد”، فيما نُقل عن ميقاتي قوله إن “التفويض الذي أعطي إلي من نادي رؤساء الحكومات السابقين مرتبط بعدم التنازل عن السقف الذي وضعه سعد الحريري”.
مصادر أخرى مواكبة لعملية التكليف والاستشارات النيابية التي أجراها ميقاتي أمس نبّهت إلى أن العقد الداخلية التي اعترضت تأليف حكومة الحريري تبدو أكبر من أن تُذلّل في فترة وجيزة أمام خلَفِه. إذ إن “لا شيء تغيّر”. أما غير ذلِك، “وإذا ما دقّقنا بينَ سطور التصريحات الإعلامية، تتبيّن الصعوبات، ولا يعني الحديث عن عدم مشاركة في الحكومة أنه لن يكون هناك تهافُت على الاستيزار بأسلوب مبطّن. فالتعفّف عن المشاركة سبق أن رافقَ مسار التشكيل مع الحريري”.
بكل الأحوال، فإن تبيان الخط الأبيض من الخطّ الأسود لا يزال يحتاج إلى أيام إضافية في عملية التشكيل التي انطلقت مع بدء ميقاتي استشاراته غير الملزمة مع الكتل النيابية في ساحة النجمة، وإيحائه بالتحرك سريعاً منعاً لاستنزاف الاندفاعة القوية التي أتت به لكي لا تتكرر تجربة الحريري. وفيما جاءت استشارات التأليف على وقع معلومات عن خطوط عامة للتشكيلة الحكومية تفيد بأن ميقاتي يريدها تقنية من شخصيات اختصاصية غير حزبية، كانَ لرئيس تكتل “لبنان القوي” من مجلس النواب تصريح اعتبر فيه أن “تكليف ميقاتي من دون موافقة التيار، دليل إضافي على أننا لسنا الأكثرية في المجلس النيابي”، أما موضوع الثقة فـ”سيُحدّد في ضوء التشكيلة والبرنامج، فإما الدعم الكامل لأي عمل إصلاحي أو نكون في موقع المعارض لأي تقصير تقوم به الحكومة”.
وفي موازاة زيارة ميقاتي لبعبدا، كانت الكواليس السياسية تشهد اتصالات على أكثر مِن خط لإعداد “رسم تشبيهي” للحكومة التي قال مقربون من الرئيس المكلف إنه “يرفض وضع تصنيف نهائي لها”. وكانَ لافتاً في كلام هؤلاء أن “نبرة” التفاؤل بعد الاستشارات كانت أقل مما قبلها، معتبرين أن “جرعة التفاؤل التي تعطى تقليد لبناني، وقد حصل ذلِك مع الحريري الذي كانَ يضرب الموعد تلوَ الآخر لتأليف حكومته، ولم يفلَح في ذلِك”. وأشار هؤلاء إلى أن “الكلام لا يزال في العموميات”. بينما اعتبرت مصادر مطّلعة على الأجواء أن “ميقاتي من خلال تصريحاته يبدي بعض المرونة، لكن الأفعال قد تؤدي بنا إلى مكان آخر”.
ومع أن ميقاتي فورَ خروجه من اللقاء مع الرئيس عون تقصّد الاستمرار بإشاعة الجو الإيجابي عبرَ القول إن “الآراء متطابقة بنسبة كبيرة جداً، وسنعقد اجتماعات متتالية في الأيام المقبلة، وبإذن الله ستكون لدينا حكومة قريباً”، أشارت مصادر بعبدا إلى أن “الرئيس المكلف قدّم لرئيس الجمهورية تصوراً لتشكيلة حكومية من 24 وزيراً وزع فيها الحقائب من دون التطرق إلى الأسماء”.