تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات يمكن ان تساهم في خفض الانبعاثات

الأحد ٣٠ كانون الثاني ٢٠٢٢

تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات يمكن ان تساهم في خفض الانبعاثات

في أقل من ربع قرن، تسارع التحوُّل الرقمي بفضل شبكة الإنترنت، وظهور الشركات التقنية التي استثمرت في صناعة البرمجيات والتجهيزات. وفي السنتين الماضيتين، ساهمت جائحة «كورونا» في دفع هذا التحول إلى آفاق غير مسبوقة جعلت العالم الافتراضي جزءاً من الحياة اليومية لكل إنسان.

وبينما تتباين التقديرات حول استهلاكه للطاقة ومقدار الانبعاثات الناتجة عنها، يمكن القول بثقة متزايدة، إن قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات هو من بين القطاعات القليلة التي تتحرك على المسار الصحيح لخفض بصمتها الكربونية، ومواجهة تحديات تغيُّر المناخ العالمي.

– البصمة الكربونية للتقنيات الرقمية

أدَّت التحسينات المستمرة في كفاءة الطاقة ضمن مراكز وشبكات البيانات، إلى قيام وكالة الطاقة الدولية بتصنيف قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، كواحد من القطاعات القليلة التي تتحرك على المسار الصحيح لإزالة الكربون. فمن بين 46 تقنية رئيسية للطاقة وقطاعات الاستخدام النهائي التي تُعتبر بالغة الأهمية لوقف ظاهرة الاحتباس الحراري، وجد تقرير «تتبع تقدم الطاقة النظيفة»، الصادر عن الوكالة في منتصف سنة 2020، أن مراكز البيانات وشبكات نقلها، هي واحدة من بين 6 تقنيات فقط تتوافق مع سيناريوهات التنمية المستدامة، بناءً على اتجاهات الكفاءة الحالية. ولكن هذا يتوقف على حسن اختيار مواقعها ومصادر الطاقة التي تتزود بها، من دون أن تتعارض مع الاحتياجات الأساسية للمجتمعات المحلية. ذلك أن مراكز معالجة البيانات الرقمية وتخزينها ونقلها تستهلك كميات ضخمة من الكهرباء.

وكانت تقارير سابقة لمنظمات مختلفة، قد أثارت مخاوف حول البصمة الكربونية لقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، إلا أن مراجعات أجرتها وكالة الطاقة الدولية أظهرت وجود مبالغات في هذه التقارير. ومن بين هذه التقارير ما صدر عن منظمة «شيفت بروجكت» الفرنسية سنة 2019 الذي خلُص إلى أن مشاهدة الفيديو عبر الإنترنت كانت مسؤولة عن انبعاث أكثر من 300 مليون طن من ثاني أوكسيد الكربون في 2018، أي ما يعادل إجمالي الانبعاثات من فرنسا. وفي 2020، دحض تقرير «موجز الكربون» الصادر عن وكالة الطاقة الدولية الافتراضات التي بنت عليها منظمة «شيفت بروجكت» تقديراتها التي جعلتها تبالغ في كمية الانبعاثات بمقدار 50 ضعفاً.

كما خلُصت دراسة نُشرت في دورية «نيتشر كلايمت تشينج» في 2018، إلى أن الانبعاثات التراكمية عن تعدين بيانات العملة الرقمية «بيتكوين» كافية وحدها لاستنفاد ميزانية الكربون المتبقية للحدِّ من الاحترار العالمي في نطاق درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل النهضة الصناعية. ثم نشرت وكالة الطاقة الدولية مراجعة لهذه الدراسة وجدت أن تعدين «البيتكوين» مسؤول عن نحو 10 إلى 20 مليون طن من ثاني أوكسيد الكربون سنوياً، أو 0.03 إلى 0.06 في المائة من الانبعاثات العالمية.

توفِّر الأمثلة السابقة لمحة عن الطلب على الطاقة لبعض الخدمات الرقمية، ولكن قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لا يقتصر على هذه الخدمات، فهو يشمل على سبيل المثال مراكز البيانات التي تخزن البيانات وتعالجها، وشبكات النقل التي تنقل البيانات عبر الشبكات الثابتة أو المتنقلة، وأجهزة الاتصال كالحواسيب والهواتف الذكية التي تتبادل المعلومات عبر الشبكة. وهذه جميعاً نشاطات تتميز بتركيز كبير في استهلاك الطاقة، وما زالت بحاجة إلى دراسات دقيقة لمعرفة الحاصل النهائي منها، وما هو الحجم الفعلي للتوفير في الاستهلاك الذي نجم عنها، ومقارنة هذا بحجم استهلاكها للطاقة. وهنا لا بد من التمييز بين النشاطات الرقمية المنتِجة، وتلك المخصصة للتسلية والترفيه عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

ورغم النمو السريع في خدمات البيانات والأجهزة المتصلة، كان الطلب على الطاقة في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات مستقراً نسبياً خلال السنوات القليلة الماضية؛ حيث ساعدت التحسينات السريعة في كفاءة الحوسبة ومراكز البيانات وشبكات النقل في خفض الاستهلاك.

وتشير التقديرات المنشورة حالياً، إلى أن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تستحوذ على نحو 4 إلى 7 في المائة من الطلب العالمي على الكهرباء. وبشكل وسطي، تعادل الانبعاثات الصافية لهذا القطاع 2 في المائة من مجمل الانبعاثات الناتجة عن النشاط البشري، وهي تقارب بذلك انبعاثات قطاع الطيران العالمي.

ومع ذلك، لا يمكن تجاهل عدد من الممارسات غير المستدامة في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ومن ذلك -مثلاً- أن مجمل صانعي الأجهزة الرقمية يدفعون باتجاه مفهوم «الاستبدال بدلاً من التصليح». كما تفرض تحديثات التطبيقات ترقية الأجهزة الرقمية، مما يفاقم مشكلة النفايات الإلكترونية ويزيد الطلب على الموارد، ويؤدي بالتالي إلى زيادة التلوث عبر دورة حياة المنتج من تعدين المواد الأولية إلى التخلص النهائي.

ومن ناحية أخرى، فإن الرهان على كفاءة الحوسبة وحدها لخفض استهلاك الطاقة لا يمكن الركون إليه مستقبلاً. فبينما كانت كفاءة الحوسبة التي تمثِّل عدد العمليات الحسابية لكل كيلوواط في الساعة من الكهرباء، تتضاعف كل 1.6 سنة تقريباً، تباطأت مضاعفة كفاءة الحوسبة في السنوات الأخيرة لتصل دورتها إلى 2.6 سنة تقريباً. غير أن الدراسات والابتكارات المتتالية تُظهر قدرة قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على الاستمرار في تحسين الكفاءة عبر البرمجيات والخوارزميات والأجهزة الخاصة بالتطبيقات.

– القطاع الرقمي يطوِّر أدواته للحفاظ على البيئة

بصرف النظر عن الفوائد من زيادة الكفاءة في استخدام الطاقة، يلعب مصدر الطاقة دوراً مهماً في تقليل الانبعاثات. ومن الملاحظ أن أكثر من نصف الشركات التقنية، بما فيها «غوغل» و«آبل» و«مايكروسوفت» و«ميتا»، تستخدم بالفعل مصادر الطاقة المتجددة لمعظم احتياجاتها من الطاقة. ومن المتوقع أن تكون 3 من كل 4 شركات تقنية تعتمد على الطاقة المتجددة في 2030. ويُظهر الخلاف الحالي بين شركة «ميتا» («فيسبوك» و«واتساب») والسكان المحليين في إحدى المناطق الهولندية؛ حيث تعتزم الشركة بناء مركز ضخم للبيانات الرقمية، حجم المنافسة على الكهرباء بين هذا النوع من النشاط واحتياجات السكان المحليين.

وتعمل شركات عديدة على تجريد منتجاتها، باستخدام العناصر الرقمية بدلاً من العناصر المادية، وخلق عوالم افتراضية تقلل إلى حدٍّ بعيد من استهلاك الموارد الطبيعية. ويتوقع تقرير «مسار إزالة الطابع المادي من أجل الربحية والاستدامة» الذي أصدره مركز «إريكسون إندستري لاب» في السنة الماضية، أن يشهد المستقبل مزيداً من المؤسسات غير الفيزيائية التي تستفيد من التكنولوجيا السحابية والمتنقلة، بحيث تكون الناظم للعمل في تلبية احتياجات العملاء المتطورة بحلول 2030.

ويتوقع تقرير «إريكسون إندستري لاب» الذي اعتمد على استمزاج آراء أكثر من 5000 صانع قرار وموظف في 11 سوقاً عالمية، أن تتم 60 في المائة من الأعمال المكتبية عن بعد خارج مباني الشركات بحلول 2030. وتبرهن جائحة «كوفيد-19» على قدرة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تمكين الموظفين والطلاب من العمل والدراسة عن بعد، وما يرافق ذلك من خفض للتنقلات وانبعاثات ثاني أوكسيد الكربون.

وفيما يتعلق بموضوع الحلول الموفرة للطاقة، يتوقع التقرير أن تكون الخدمات السحابية وشبكات الاتصال من الجيل الخامس وما يليها عاملاً مساعداً، إذا استخدمت بالطريقة الصحيحة، في خفض استهلاك الطاقة والأثر البيئي بشكل عام. ويتوقع 80 في المائة من صانعي القرار في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات توفيراً كبيراً في الطاقة بسبب استخدام الحلول السحابية المتعددة بحلول 2030، ليس فقط لمؤسساتهم ولكن للمجتمع كله.

ويمكن أن تدفع الرقمنة إلى مكاسب جديدة في كفاءة الطاقة عبر قطاعات مختلفة كالمباني والنقل. فعلى سبيل المثال، تشكل المباني السكنية والتجارية ثلث الطلب العالمي على الطاقة و55 في المائة من استهلاك الكهرباء، ويمكن لرقمنة أنظمة الطاقة في المباني والأجهزة الاستهلاكية أن تحسن بشكل كبير من كفاءة الطاقة، عبر ضمان حصر استهلاك الطاقة فقط عندما وحيثما تكون هناك حاجة لها.

وفي مجال النقل، تتيح بيانات حركة المرور الآنية والإدارة المرورية المحسنة للسائقين الاستجابة للازدحام وظروف الطريق على الفور، مما يخفض من استهلاك الوقود. كما يُعدُّ نقل البضائع مجالاً آخر يسمح لتطبيقات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بتحقيق وفورات كبيرة في الطاقة وخفض الانبعاثات، من خلال انتقاء المسارات الأفضل، وتحسين سلاسل التوريد، ومشاركة البيانات بين الشركات.

مثل جميع القطاعات، تواجه تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تحديات كبيرة في جهودها للتخلص من الانبعاثات. ولكنها في الوقت ذاته أداة مهمة في تعزيز كفاءة استخدام الطاقة، وإتاحة العمل عن بعد، وتسهيل الانتقال إلى عالم صديق للبيئة وأكثر استدامة.

 

شارك الخبر

مباشر مباشر

12:20 am

بكلفة 35 مليار دولار.. مبنى جديد للمسافرين في أكبر مطار بالعالم

11:19 pm

ميسي يسجل رقما قياسيا في ليلة استثنائية

11:09 pm

“القسام” تستدرج قوة إسرائيلية إلى كمين ألغام وسط غزة

11:06 pm

اعلام العدو: إصابة مبنى بأضرار بعد سقوط صاروخ من ⁧‫لبنان‬⁩ على بلدة شتولا

11:00 pm

بالفيديو والصور: هذا ما فعلته الأعاصير في الولايات المتحدة

10:48 pm

للمرة الـ 12 في تاريخه.. باريس سان جيرمان يتوج بلقب الدوري الفرنسي

10:37 pm

وفد من حركة حماس سيزور القاهرة غدًا

10:32 pm

الميادين: غارة اسرائيلية استهدفت جبل بلاط

10:23 pm

استخدمها مسؤولون في “الموساد”… طائرة اسرائيلية تهبط في السعودية!

10:12 pm

وفاة سوري طعنًا بالسكين في هذه المنطقة

10:07 pm

حزب الله استخدم قدرات لم يظهرها سابقاً… هذا ما كشفه اعلام العدو

09:55 pm

بايدن لنتنياهو: نؤكد التزامنا الثابت بأمن اسرائيل

09:23 pm

وسائل إعلام إسرائيلية: حالة تأهب واسعة استعداداً لاحتمال إصدار الجنايات الدولية مذكرات اعتقال ضد مسؤولين أمنيين وسياسيين

08:54 pm

بن فرحان يحذر من هجوم رفح ويؤكد: الوضع في غزة كارثي

08:43 pm

قصف استهدف الاحياء السكنية لبلدة يارون وجبل بلاط وأطراف راميا

08:31 pm

المقاومة تستهدف مبنى يستخدمه جنود العدو في مستعمرة شتولا

08:14 pm

“الورقة الفرنسية ستصل لبنان خلال ساعات”… بري: “ما عم بتدخل بهالأمور”!

08:08 pm

طلاب فرنسيّون يسعون إلى إقامة مركز لتدوير نفايات جبل إيفرست

08:05 pm

توقيع إتفاقية تعاون بين الهيئة السعودية للمقاولين ونقابة مقاولي البناء والأشغال العامة في لبنان

07:54 pm

فلسطين المحتلة: انقطاع الاتصالات والإنترنت في مناطق واسعة من قطاع غزة

07:53 pm

العراق: “توتال إنرجيز” تهدف إلى الانتهاء من مشروعين للطاقة الشمسيّة والغاز في 2025

07:49 pm

مدفعية الاحتلال تقصف أطراف مروحين وشيحين والاحراج المحيطة بالبلدتين

07:43 pm

وسائل إعلام إسرائيلية: إطلاق صواريخ اعتراضية نحو هدف مشبوه بين عكا ونهاريا

07:38 pm

إيران: صوت تحطم “عظام” الصهيونية العالمية أصبح يسمع بوضوح

07:36 pm

مقتل 23 شخصًا على الأقل في هجمات منفصلة في نيجيريا

07:30 pm

“إسرائيل” توافق على بحث مخاوف واشنطن قبل اجتياحها لرفح

07:28 pm

وسائل إعلام إسرائيلية: مواقع مزارع شبعا تتعرض لهجوم لا سابق له من حزب الله

07:19 pm

هذا ما قاله سيجورنيه عن الاستحقاق الرئاسي وعودة النازحين السوريين

06:50 pm

المقاومة تستهدف موقع ‏رويسات العلم بالأسلحة الصاروخية

06:13 pm

قصف مدفعي صهيوني يستهدف الاطراف الجنوبية لبلدة ⁧‫بليدا‬⁩

05:48 pm

ميقاتي مستقبلًا سيجورنيه: نناشد فرنسا والدول الأوروبية دعم لبنان للتوصل إلى حل لأزمة النازحين السوريين

05:37 pm

فياض: تغيَّر الزمن وتبدلت المعطيات والحقائق جذرياً

05:13 pm

حركة أمل تنعى أحد قادتها المؤسسين

05:08 pm

لقاء بين قائد الجيش ووزير خارجية فرنسا… ماذا بحثا؟

05:01 pm

سيجورنيه بعد لقائه بو حبيب: فرنسا ستبقى دائما الى جانب لبنان

04:57 pm

وزير خارجية فرنسا يلتقي رئيس الحكومة في السراي

04:19 pm

“لبنان يستبشر خيرا”… هذا ما أكده بوحبيب بعد لقائه نظيره البحريني

04:09 pm

المقاومة تستهدف موقع السماقة في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة

03:55 pm

الصين لإيلون ماسك: بلادنا ستكون مفتوحة دائمًا أمام الشركات الأجنبية

03:49 pm

استهداف موقع السماقة التابع للاحتلال (الميادين)