أكّد رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع أن “إحدى ركائز قوتنا الأساسية، إلى جانب الأرض والكرامة والإرادة والحرية، هي الانتشار اللبناني. ولولا هذا الانتشار، خلال السنوات الماضية، لكان الكثير من الناس قد اضطروا إلى مغادرة البلد، ولكانت سبل العيش قد انعدمت بالكامل أمامهم. لذا، فإنّ محاولة إبعاد المغتربين عن الشؤون الوطنيّة أمر مرفوض كلّيًّا”، مشدّدًا على أننا “جميعًا معنيّون بهذه المواجهة الكبرى، التي عنوانها بسيط: إما أن نربط الانتشار بلبنان أكثر فأكثر كي يعود تدريجيًّا كلما تحسّنت الأوضاع، أو أن نُقصيه تمامًا ونقول له: “ابقَ في الغربة، لا علاقة لك بلبنان، صوتك يبقى في الخارج ونحن نقرّر عنك شؤونك في الداخل. وهذا مبدأ مرفوض تمامًا”.
ولفت جعجع إلى أننا “في حزب القوات اللبنانية، وفي تكتل الجمهورية القوية، ومع حلفائنا في حزب الكتائب اللبنانيّة، والتغييريين، وحتى في الحزب التقدمي الاشتراكي، وتكتل الاعتدال الوطني، ومجموعة كبيرة من النواب المستقلّين، قرّرنا أن نعمل بكل ما أوتينا من قوّة ووسائل ديمقراطيّة وقانونيّة، كي نعيد الحقّ إلى المغتربين اللبنانيين ليصوّت كلّ واحد منهم في بلدته، في منطقته، في وطنه، ليبقى على صلة بلبنان، وألّا يُفصل عنه”.
كلام جعجع جاء خلال استقباله وفدًا من بلدة العاقورة، ضمّ: رئيس البلديّة بطرس مهنا وأعضاء المجلس البلدي، مختار العاقورة بطرس الهاشم، وحشد من الأهالي بحضور: عضو تكتل “الجمهوريّة القويّة” زياد حواط، رئيس جهاز الشهداء والأسرى والمُصابين في “القوات” المكلّف بمهام منسق منطقة جبيل حاليًّا شربل أبي عقل، رئيس مصلحة الطلاب عبدو عماد، رئيسا مركزي “القوات” في العاقورة فادي الهاشم وطوني عرب.
واعتبر جعجع أنه “تم، بتواطؤ من بعض القوى، العمل على فصل المغتربين، وعزلهم، ومنعهم من التصويت في الداخل اللبناني، في حين أنّ عملنا كلّه، على مدى مئة عام، يقوم على الربط بين المغتربين ولبنان. فلا يوجد مغترب لبناني غادر البلاد من تلقاء نفسه أو حبًّا في السفر، بل أُجبر على مغادرة الوطن بسبب الأوضاع المتردّية أو غير المستقرّة أو لانعدام سبل العيش الكريم. غادر لبنان مكرهًا، ومع ذلك، بقي يحمل الحنين والرغبة بالعودة أو، على الأقل، البقاء على تواصل مع أجواء لبنان. واليوم، حين نمنعه من التصويت في الداخل اللبناني، فإننا نقول له بشكل غير مباشر: “انسَ لبنان نهائيًّا”. فكيف لمغترب أن يهتمّ بشؤون بلدته ومنطقته ووطنه إذا لم يُسمح له بالمشاركة الفعليّة في الانتخابات النيابية؟”.
وشدّد جعجع على أن “وجود بعض الأحزاب التي لديها إجرام في تفكيرها، فلمجرّد أنهم يعلمون بعدم امتلاكهم أكثرية بين أصوات المغتربين، يسعون لإقصائهم عن التصويت في لبنان، لأنهم يعلمون أنّ هذه الأصوات قد لا تصبّ في صالحهم. ولهذا السبب بالتحديد، أدرجوا في القانون الحالي بندًا يفصل المغتربين عن الداخل، ويمنعهم من التصويت فيه، ولا يسمح لهم إلا بالاقتراع في الخارج لمرشّحين مخصّصين للاغتراب، عددهم ستة نوّاب فقط”.
تابع: “هل تعلمون كم لبنانيٍّ سجّل للمشاركة في الانتخابات الماضية وكم عدد المغتربين المدرجين على لوائح الشطب؟ 150 ألفًا سجّلوا، في حين أنّ عدد اللبنانيين المغتربين المسجّلين على لوائح الشطب يقارب المليون. نحن نقول لهؤلاء المليون لبناني: لا تعودوا، لا تفكروا بلبنان، ابقوا في الخارج، اهتموا بشؤونكم هناك، وسنعيّن لكم ستة نواب فقط ليهتموا بقضاياكم”.
وسأل: “هل يُعقل أن يقوم بذلك إنسان يملك ذرّة وطنيّة، أو ذرّة إنسانيّة، أو شعورًا بالمسؤوليّة؟! لقد قاموا بذلك، أو يحاولون القيام به. ونحن تصدّينا لهم، وسنواصل التصدي لهم حتى النهاية. ولكن علينا جميعًا أن نكون متّحدين في هذا المسار”.
ولفت إلى أنّ “ما حدث في الجلسة الأخيرة لمجلس النواب هو التالي: هناك 67 نائبًا وقّعوا على اقتراح قانون معجّل مكرّر بشأن تعديل المادة 112 من قانون الإنتخابات المتعلّقة باقتراع المغتربين. هذا النوع من اقتراحات القوانين يُقدَّم عندما يكون الأمر ملحًّا، ويُفترض أن يُدرَج مباشرة على جدول أعمال أول جلسة نيابيّة بعد تقديمه. ومنذ أربعين عامًا حتى اليوم، لم يحصل أن قُدّم اقتراح قانون معجّل مكرّر ولم يُطرح في أول جلسة، إلا اقتراح القانون هذا فقط، والذي يهدف إلى إعادة حقّ التصويت للمغتربين في الداخل والذي قُدّم في أيار الماضي، ووقّع عليه 67 نائبًا. فلا تصدقوا كل ما يُقال، باعتبار أن هناك الكثير من الغش والكذب. عندما لم يدرج اقتراح القانون على جدول أعمال الجلسة عمدنا إلى إعداد عريضة لمطالبة الرئيس نبيه بري لإدراجه على جدول الأعمال وقد وصل عدد الموقّعين عليها إلى 62 نائبًا حتى الآن، ونحن مستمرّون بالعمل للوصول إلى 65 نائبًا”.
واعتبر جعجع أنّها “مواجهة كبرى، وليست مسألة ربح أو خسارة، بل مسألة موقف مبدئيّ: إمّا أن نُبقي على صلة المغتربين بوطنهم، أو نقول لهم: “ارحلوا، الله معكم، لا شأن لنا بكم، ولا شأن لكم بنا”. هذه المواجهة بدأت في الجلسة الماضية، وستستمر، ولن نستكين، لأنّها مواجهة محقّة. فهل يُعقل أن يكون أكثر من نصف المجلس مع اقتراح قانون ولا يُدرج على جدول الأعمال؟! ولِمَ كل هذا التأخير؟! قد يقولون إنهم سيطرحونه آخر السنة، أو إنّهم يريدون إرساله إلى اللجان الفرعيّة. كيف يُرسَل إلى لجنة فرعية ووزارتا الداخلية والخارجيّة تحتاجان، من الآن حتى مهلة شهر منه تقريبًا، إلى معرفة القانون الذي ستُجرى بموجبه الانتخابات في الخارج، كي تبدآ التحضير لها؟! فتسجيل المغتربين يبدأ في تشرين الأول أو الثاني، أي بعد ثلاثة أشهر فقط، وإذا لم يُعرف القانون الذي ستُجرى على أساسه الانتخابات، كيف ستتحضّر وزارة الخارجية لتنظيمها في الخارج؟ كلّ هذا يجري من أجل التخلص من أصوات المغتربين، لأنّ بعضهم يظنّ أنّ المغتربين لن يصوّتوا لهم. وها هم يثبتون للمغتربين لماذا يجب ألّا يصوّتوا لهم أصلًا”.
وأكّد جعجع أننا “كلنا معنيّون، وسنواصل نضالنا بكل الوسائل الديمقراطيّة. وقد تلقيت اتصالات كثيرة من الجاليات اللبنانية في الخارج، ومن مجموعات اغترابية بدأت هي أيضًا تتحرك، لأنّ ما يجري غير مقبول على الإطلاق”.
ومن جهة أخرى، اعتبر أن “الأولويّة تبقى أن يكون لدينا دولة فعليّة في لبنان”، وقال: “حتى اللحظة، لم نصل إلى هذه الدولة. وطالما لم نصل إليها لن نتمكن من تحسين أوضاعنا، وكي تقوم هذه الدولة يجب أن يكون لدينا في البلاد سلاح واحد فقط. فالمعادلة واضحة وبسيطة”.
واستطرد: “بعضهم يقول إنه يجب ألا نرضخ للضغوط الأميركيّة، في حين أن لا علاقة لنا بضغوط أميركيّة أو غيرها. هذه دولتنا، وهذا بلدنا، وهذا ما يجب أن يتمّ، يقولون: إسرائيل موجودة في الجنوب، في حين أنّ هذا الامر سبب أوّليّ لكي نكون بحاجة لدولة فعليّة، وإن لم يصبح لدينا هكذا دولة فنحن لن نتمكن من التحرّك لا شمالًا ولا يمينًا، لا من ناحية سياديّة أو لناحية المساعدات الخارجيّة، وطالما هناك سلاح خارج إطار الدولة فلن تقوم دولة فعليّة، وبالتالي أكثر موضوع ملح ومطلوب معالجته في الوقت الراهن هو وضع جدول زمني واضح لا يتجاوز بضعة أشهر، تقوم الدولة بموجبه بجمع كل الأسلحة لصالحها”.
وشدّد على أن “هذا الموضوع رئيسي وعلينا جميعًا العمل من أجل أن نوصله إلى خواتيمه المرجوّة، وحتى الآن، هناك بطء شديد لا أعلم سببه، لكن هذا البطء سيؤدّي في النهاية إلى كارثة علينا جميعًا كبلد. فهل يُعقل، بعد كلّ ما مررنا به، وحلمنا الكبير بأن يكون لنا دولة قادرة وقويّة، أن نبقى على الوضع نفسه الذي عشناه لأربعين عامًا؟! طالما لم يُجمع السلاح من جميع الفرقاء في الداخل، إن كان اسمه “حزب الله” أو “منظمات فلسطينيّة” أو أي جهة أخرى، لن يكون لدينا دولة فعلية”.