أعرب الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في حديثٍ لـ”جريدة عكاظ” عن تشاؤمه مما هو قادم، مشدداً على ” أهمية وحدة لبنان وتماسكه وإمكان العبور إلى الضفة والهروب من تداعيات العالم الجديد وصراعاته”.
ورداً على سؤال عن سر الانفراج الكبير في لبنان الذي أدى إلى حسم ملفَي رئيسَي الجمهورية والحكومة، قال:” ليس هناك سر، لكن هناك تغيرات إقليمية ولبنان جزء منها أدت إلى الانفراج إذا صح التعبير، لقد سقط نظام البعث في سوريا في غضون أيام، وكذلك الضربات القاسية التي تلقاها حزب الله من إسرائيل، كنا نعيش في حال ما يسمى توازن الرعب مع إسرائيل لكن هذا التوازن انهار، قد تمتلك مئات الصواريخ لكن إسرائيل تمتلك الآلاف من الصواريخ، بالإضافة إلى المعلومات، فضلاً عن الاختراقات داخل حزب الله بدءاً من اختراق أجهزة البيجر إلى اغتيال حسن نصرالله، كل هذه المعطيات بالإضافة إلى نهاية النفوذ الإيراني في لبنان، وكما تعلم إيران حكمت لبنان 24 عاماً منذ تولي بشار الأسد السلطة في سورية عام 2000.. كل هذا أدى إلى انفراجة كبرى”.
أضاف: “كنا من المطالبين بانتخاب الرئيس جوزاف عون رئيساً للبنان، وكان من نتيجة الانفراجات انتخاب رئيس الحكومة نواف سلام الذي يتمتع بمصداقية عالية في لبنان خصوصًا بعد الحكم الذي أصدره في المحكمة الدولية ضد مجرمي الحرب في إسرائيل”.
وفي ما يتعلق بتعطيل التشكيل الحكومي اعتبر ان ” هذه مشكلة قائمة في لبنان، ولكن لا بد أن ننبّه السياسيين اللبنانيين إلى هذا الأمر، فإسرائيل تستغل هذه الفراغ الحكومي، وما تزال تدمر القرى في الجنوب، وإذا ما تم التعطيل واستمر فإننا نعود إلى الماضي وكأننا لم نجرِ اختيار رئيس حكومة جديد، وإسرائيل تستغل كل هذه الأشياء في لبنان باعتبار أنه لا توجد حكومة”.
وعما اذا كان سبب التعطيل الجدل حول حقيبة المال وما نص عليه اتفاق الطائف قال:” هذا ليس صحيحاً إطلاقاً، الاحتفاظ بأي حقيبة وزارية ليس من اتفاق الطائف، إلا إذا كان هذا حصل في الكواليس أن تكون حقيبة المالية لمكوّن مذهبي معيّن، لكن الأصل في الموضوع أن تكون الحقائب الوزارية مداورة وتنتقل بين كل المكونات وليس حكراً على مكون ما.أما وجود مثل هذا في اتفاق الطائف فليس صحيحاً”.
وبالنسبة الى رأيه عن أن الرئيس الشهيد رفيق الحريري هو من أسّس لـ”عرف” أن تكون المالية بيد المكون الشيعي، نفى ذلك ورأى ان “هذا ليس صحيحاً أو بالأحرى لا أذكر ذلك إطلاقاً، فوزارة المال كانت متنقلة بين كل المكونات السياسية والمذهبية في لبنان، وظهر لاحقاً في لبنان تصنيفات غريبة عجيبة، مثلاً خرجوا بفكرة وزارات سيادية وغير سيادية، مثلا الدفاع والخارجية والداخلية هي وزارات سيادية حسب التصنيف لبعض السياسيين في لبنان ومنها إدراج وزارة المالية، وهذا ليس من الطائف بشيء، ودعني أقول إن هذا معيب في حق لبنان بأن هناك وزارات من الدرجة الأولى والثانية وأيضاً لبناني من الدرجة الأولى والدرجة الثانية”.
اما عن موقفه من كل هذا الجدل، فأجاب:”موقفي الإسراع في التاليف الحكومي لأن هناك أخطاراً محيطة بلبنان. وأرى حروباً كبيرة في المنطقة، من غزة إلى الضفة إلى جنوب لبنان، لا بد لنا في لبنان أن نكون متماسكين ونتجاوز الفراغ الحكومي”.
وعما اذا كان متشائما قال: “هذا الواقع الحالي الذي تعيشه المنطقة، انظر إلى الفريق التوراتي في إسرائيل فهناك من يطالب باستيطان في جنوب لبنان، وفريق العمل الجديد في الإدارة الأميركية لا يرى وجوداً لفلسطين، والضفة هي للحلم التوراتي. نحن أمام مشهد مخيف، وهذا ينعكس على لبنان الذي يجب أن يتجنب كل أنواع التعطيل”.
واعتبر ردًّا على سؤال أن “هناك مشهدًا جديدًا وأدوارًا جديدة في المنطقة، نحن نرى الدور السعودي الإيجابي العائد إلى لبنان بعد 15 عاما، وأيضاً الانفتاح السعودي على سوريا، وهذا أمر مهم وإيجابي في المنطقة وبالدرجة ينعكس على لبنان، وبالتالي لبنان مرتبط بالتحولات الإقليمية”.
وبالنسبة الى قوة “حزب الله” وموقعه اليوم بعد الضربات الإسرائيلية، اعتبر ان ” على السياسيين والعسكريين في حزب الله أن يدركوا أن الماضي انتهى وأن عليهم التوجه إلى العمل السياسي وترك العمل العسكري، وكلام رئيس الجمهورية جوزاف عون في خطاب القسم واضح وهو يجب أن يكون منهج لبنان، حين قال:”إن الذي بيننا وبين إسرائيل هي الهدنة»، لا نستطيع أن ندخل في حرب معلنة ضد إسرائيل لكن أيضاً لا نستطيع أن ندخل في تسوية وهذا أضمن للداخل اللبناني”.
وبالنسبة الى ضرورة ان يذهب “حزب الله” إلى حوار مصارحة ومكاشفة ويتحول إلى حزب سياسي، قال:” نعم هذا أمر صحيح ولبنان بحاجة إلى ذلك، لكن هناك استحقاقات سريعة في الجنوب منها الانسحاب الإسرائيلي وسيطرة الدولة على الجنوب بدلا عن أي قوة أخرى خارجة عن القرارات الدولية وعن اتفاق الطائف”.اضاف:” في المرحلة الحالية لا نريد توترات في داخل لبنان بالشكل الذي تقصده لحوار مع حزب الله حول موضوع السلاح، هناك حكومة جديدة ودولة يجب أن يتم كل شيء عبر هذه الحكومة، ونزع السلاح من المليشيات كافة في لبنان، بما في ذلك السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وهذا ما تم عليه في الحوار في العام 2006. لبنان يتجه إلى مأزق كبير في حال رفضت إسرائيل الانسحاب من الجنوب وفي استمرارها استباحة البشر والحجر، لكن لا مفر من المواجهة السياسية والوقوف صفاً واحداً وراء الجيش والدولة، وفي هذا المجال الأولوية تكمن في الإسراع في تشكيل الحكومة وهذا فوق كل اعتبار”.
سئل: هل تعتقد أن حزب الله تغير اليوم؟
أجاب:” أتمنى ذلك بكل صراحة، ولا أريد أن أتدخل في ولاءاته وفي عقيدته وأن يعملوا على إعادة إعمار الجنوب وبعلبك والضاحية والمدن اللبنانية التي دمرتها إسرائيل، وأن يدركوا أن هناك «لبنان» جديداً بعد الزلزال الأخير الذي ضرب البلاد إثر عملية 7 أكتوبر”.
وعما اذا كان لقاؤه أحمد الشرع بالاتفاق مع حلفائه في لبنان، نفى ذلك وقال:” كلا.. ذهبت وابني تيمور رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، وشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في لبنان الشيخ سامي أبو المنى، وباعتباري رئيس تكتل نيابي ورئيساً سابقاً للحزب مع بعض الشخصيات من الطائفة التوحيدية، فلم أمثّل أي أحد آخر. وكان لقاءً إيجابياً مع الشرع لأني أعرف أن قوة ووحدة واستقرار سورية من مصلحة لبنان والمنطقة، وبالتالي عنوان سوريا هو دمشق ومن هنا جاءت زيارتي”.
وعن تصوّر الشرع للعلاقة مع لبنان، أوضح جنبلاط انه “كان جداً منفتحاً على الحوار مع لبنان، ولديه رغبة في فتح حوار واسع، وهذا هو المطلوب في المرحلة الحالية أن تكون العلاقات من دولة الى دولة ، كان هناك المجلس اللبناني السوري الأعلى وهذا لم يكن نافعاً وليس له أهمية، اليوم نتطلع إلى الحوار دولة لدولة ضمن قواعد الاحترام المتبادل ولقد لمست حرصه على هذه العلاقة”.
وأكد ردا على سؤال انه بدأ بكتابة مذكراته وأنه قدّم للبنان وللحزب ما يمكن تقديمه، و”الآن تيمور يسير على النهج نفسه واوصيه بأن يتعلم من تجربته الخاصة، ولا أعطيه توجيهات على الإطلاق”.