كفردونين؛ هي إحدى القرى الجنوبية من قرى قضاء بنت جبيل في محافظة النبطية، وتُعرف بقرية الحمام أو قرية الحكّام والقضاة. تبعد عن العاصمة بيروت 102 كلم، وترتفع عن سطح البحر حوالى 600 متر، ويحدّها الشّهابية غرباً، خربة سلم شرقاً، ديركيفا شمالاً، ودير انطار جنوباً. يعتمد سكانها عادة على زراعة التبغ في معيشتهم، قبل أن يخوض العديد من أبنائها غمار الوظائف والمصالح الحرّة.
هذه البلدة مرّت بظروف صعبة وقاسية خلال عدوان أيلول، وقدّمت سبعة شهداء، فيما لا يزال مصير ثلاثة من أبنائها مجهولاً حتى اليوم، كما أوضح رئيس بلديتها فادي بركات.
أما حكاية كفردونين مع الصمود، فجسّدتها الحاجة رقيّة نظام “أم علي”، التي أبت أن تترك منزلها وحقولها والماشية التي كانت تهتمّ بتربيتها، بالرغم من العدوان واشتداده، ونزوح الجميع عن البلدة، إلى أن استشهدت مع ابنة شقيقتها الشابة زينب محمد نظام التي لازمتها دوماً، في القصف الاسرائيلي الذي استهدف المنزل وقضى على كل شيء فيه، فباتت رمزاً للعزّة والبقاء والصمود.
خروقات العدوّ المستمرّة لاتفاق وقف النار انتهاك خطير للأعراف والقوانين الدولية، كما أكّد بركات، مستنكراً ممارساته المستمرّة يومياً ضدّ بعض القرى على الحدود الجنوبية “حيث يقوم بنسف المنازل والأبنية حاصداً المزيد من الشهداء، مواصلاً سياسته التدميرية الممنهجة، غير عابىء بالشرعية الدولية، بل استغلّ مهلة الستين يوماً التي نصّ عليها اتفاق وقف إطلاق النار للمضيّ قدماً في توغّله إلى بعض القرى وتفجير المنازل وجرفها وحرق المحاصيل الزراعية، وها هو يؤجّل انسحابه اليوم من جنوب لبنان، متّبعاً سياسة المراوغة والمماطلة لكسب الوقت”.
عدد سكّان كفردونين الإجمالي يبلغ حوالى 9000 نسمة ويقيم منهم فيها 3000 نسمة. ووفق بركات، “حاول بعضهم البقاء والصمود تحت القصف الوحشي، إلى أن توسّعت العمليات العسكرية العدائية، فاضطرّوا إلى النزوح إلى مناطق أكثر أمناً وأماناً، فتوزّعوا بين العاصمة بيروت والشمال والبقاع، والشكر للدكتور حسين يتيم الذي كان له اليد الطولى في مساعدة النازحين حيث قدّم لهم المدرسة كمأوى في منطقة زقاق البلاط حتى انتهاء الحرب”.
وقد عان النازحون من تبعات هذا العدوان على كافة الاصعدة، وهم اليوم يحاولون بعد عودتهم إلى بلدتهم، التعايش مع هذا الواقع المأساوي ولملمة آثار العدوان بعدما خسروا منازلهم وممتلكاتهم”.
على غرار قرى بنت جبيل، نالت كفردونين حصّتها من العدوان الإسرائيلي، فتضرّر مسجد البلدة والأبنية السكنية، إذ دمّر القصف حوالى 47 وحدة سكنية تدميراً كلّياً ولحقت الأضرار الجزئية بنحو 400 منزل، وأعمال المسح لا تزال جارية حتى اليوم تمهيداً لدفع التعويضات للمتضرّرين.
ولم يوفر العدوان من استهدافه الطرقات الرئيسية والفرعية في البلدة، ولا بناها التحتية من كهرباء ومياه. كما تضرّر مبنى البلدية وناديها وملعبها وحديقة الساحة والمدرسة والحسينية والمستوصف ومركز هيئة الاسعاف وكذلك المحال التجارية. وثمة خسائر بيئية وزراعية فادحة ستستمر تداعياتها لسنوات في الجنوب.
فور عودة الأهالي، سارعت البلدية إلى إزالة الركام وفتح الطرقات ورفع النفايات وفي اليوم الثالث تأمّنت الكهرباء وتعمل جاهدة على تأمين باقي الخدمات الاساسية.
أخيراً، ناشد بركات الدولة بأن “تتحمّل مسؤولياتها تجاه المواطنين الذين دُمّرت بيوتهم وهم بحاجة الى أبسط مقوّمات الحياة في هذه المرحلة الصعبة: ودعا المجتمع الدولي والوسطاء “إلى أن يتحمّلوا بدورهم مسؤولياتهم والضغط على اسرائيل لإرغامها على الخروج من أرضنا، وتقديم الدعم اللازم لاعادة إعمار ما هدّمه العدوان”.