يُهدّد ارتفاع الدين العام لفرنسا، بكبح جماح طموحاتها الدفاعية، ممّا يزيد من خطر عجز أحد أقوى الجيوش الأوروبية عن مواكبة موجة رفع الإنفاق المتوقعة، حسبما أوردت صحيفة “فاينانشيال تايمز”.
ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى رفع ميزانية الدفاع السنوية إلى ما بين 3 و3.5% من الناتج المحلي الإجمالي، من حوالي 2% حالياً، مما يعني مضاعفة الإنفاق السنوي عن مستويات العام الماضي إلى 100 مليار يورو في عام 2030.
من شأن هذا الجهد أن يُحقق لفرنسا أهدافاً جديدة للإنفاق العسكري المباشر، والتي من المتوقع أن يحددها حلف شمال الأطلسي “الناتو” في قمة يونيو الجاري المقررة في لاهاي، استجابةً للضغوط الأميركية على أوروبا لبذل المزيد من الجهود في مجال الأمن.
وأجرى كليمان بون، الوزير السابق وحليف ماكرون، والذي يرأس مركزاً بحثياً حكومياً، تحليلاً في أيار الماضي، خلص إلى ضرورة بذل “جهد جذري” لتوفير التمويل اللازم للدفاع، مصحوباً بشفافية مع الرأي العام بشأن الخيارات الصعبة المقبلة.
ونقلت “فاينانشيال تايمز” عن بون قوله: “نظراً لنقطة انطلاقنا الأسوأ في ما يتعلق بالديون، سيتعين علينا بذل جهد أكبر من الدول الأخرى”، وأضاف: “في فرنسا، وهذا يختلف على الأرجح عن أي مكان آخر، لا يمكننا أيضاً التراجع عن أهدافنا لخفض العجز، ولا يمكننا زيادة الضرائب لأنها مرتفعة للغاية أصلاً”.
وبدلاً من ذلك، يوصي تقرير بون، بمزيج من قيود الإنفاق الحكومي، وإصلاحات اقتصادية لتوسيع القوى العاملة، والاقتراض الأوروبي المشترك، على الرغم من عدم وجود إجماع حول هذا التوجه بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
وراكمت فرنسا ديوناً هائلة، لتصل نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 113% العام الماضي، خلف اليونان وإيطاليا. وكان عجز الموازنة أيضاً من بين أعلى المعدلات، حيث بلغ 5.8% من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية عام 2024، وهو أعلى بكثير من الحد الأقصى الذي حدده الاتحاد الأوروبي والبالغ 3%.
ويضع هذا الوضع ماكرون في مأزق. فقد جعل الزعيم الفرنسي إعادة بناء الجيش أولوية له بعد عقود من التخفيضات في ميزانية الدفاع التي أعقبت الحرب الباردة.
ويتعين على فرنسا زيادة الإنفاق الدفاعي للحفاظ على رؤوسها النووية، وغواصاتها، وطائراتها المقاتلة، وحاملة طائرات، ونحو 200 ألف جندي. كما ترغب في تجنيد المزيد من جنود الاحتياط. وتُمثل القدرة النووية حوالي 13% من إجمالي ميزانية المعدات.
وفي آذار، طلب ماكرون من رئيس الوزراء فرانسوا بايرو، طرح خيارات لزيادة الإنفاق العسكري مع الوفاء بوعود خفض العجز. كما استبعد ماكرون زيادة الضرائب، قائلاً إن “الخيارات الصعبة والشجاعة” ضرورية لزيادة الإنفاق العسكري.