كتبت “الجمهورية”: وُضع الملف الرئاسي في الأدراج. ومنذ اندلاع الحرب في غزة، هو يبتعد أكثر فأكثر. وباتت مسألة انتخاب رئيس للجمهورية هامشية فعلاً، فيما المطروح هو مصير الجمهورية التي يمكن أن تذهب ضحية قرار إسرائيلي بتوسيع رقعة الحرب لتشمل البلد كله.
طبعاً، هناك قوى عدة تحاول اليوم دفع الملف نحو الخرق لأسباب ثلاثة:
1 – الحاجة إلى استعادة التوازن الطبيعي داخل مؤسسات الحكم.
2 – إحتمال توقيع أي اتفاق في الجنوب، على غرار اتفاق الترسيم البحري. فالدستور ينص على أن رئيس الجمهورية هو المولَج بالمفاوضة وتوقيع المعاهدات.
3 – مطالبة المسيحيين باستعادة الشراكة الطائفية داخل مؤسسات الحكم.
وفي الخلاصة، تبدو بكركي والقوى السياسية المسيحية هي الأكثر حماساً في هذا المجال. وفي موازاتها، تتحرك قوى عدة من داخل المجلس النيابي، من منطلقات المصلحة الوطنية.
ولكن، هل هناك فعلاً فرصة لنجاح المبادرات وانتخاب رئيس للجمهورية فيما تعصف بالبلد مناخات الحرب المحمومة؟
يقول ركن سياسي: ملف الرئاسة واقع عملياً بين استحالتين. فالذين يستعجلون انتخاب رئيس، والمسيحيون في طليعتهم، يمكنهم طرح الاعتراضات، لكنهم لا يملكون الأدوات الكفيلة بانتخاب رئيس. وفي المقابل، الذين يمتلكون القرار الوازن ليسوا مستعجلين لإنجاز الاستحقاق بتسوية “سهلة”، ويريدون ضمان مكاسبهم قبل إعطاء الضوء الأخضر للعملية. وفي ظل هذه المعادلة المعكوسة بين الطرفين سيدور ملف الرئاسة في الفراغ، في انتظار معجزة سياسية.
وفي أي حال، لا أحد في المجتمع الدولي ولا الجامعة العربية يعنيه اليوم كثيراً أن تكون الجمهورية اللبنانية برئيس أو بلا رئيس. والمهم وجود ممثلين للسلطة يمكنهم المفاوضة واتخاذ القرار. واللجنة الخماسية المعنية بالشأن اللبناني لا تضيع وقتها بالبحث عن رئيس للجمهورية، بل بالجهد الطارئ لمنع انفجار الحرب على الحدود مع إسرائيل. وهي لا تتطرق إلى الرئاسة إلا عَرَضاً، وعندما يبادر بعض المسؤولين اللبنانيين إلى إثارتها.
ويعلّق السياسي على هذا الأمر بالقول: في عالم السياسة والمصالح، ملف رئاسة الجمهورية يبدو ثانوياً. وما دامت الدول تفاوض الأقوياء وتُبرم معهم الاتفاقات، كما فعلت في اتفاق الترسيم البحري، فلا داعي للانشغال بالتفاصيل.