خاص “المدى”
في موازاة الحراك الفرنسي ـ الاميركي ـ الاوروبي ـ العربي، لافتاً كان غياب الدور الروسي عن الساحتين الدولية والمحلية أمام ما يتعرّض له لبنان من عدوان اسرائيلي همجي يطيح بالبشر والحجر على حدٍّ سواء، ما أثار لدى الاوساط السياسية جملة تساؤلات حول سرّ إنكفاء موسكو وغياب أي مبادرة فعلية لها، والاكتفاء ببيانات تدين هذا العدوان.
إلاّ أنّ سفير لبنان لدى روسيا وعميد الدبلوماسيين العرب في موسكو، شوقي بو نصّار أكّد على متانة العلاقات بين البلدين، ولكنه عزا دور روسيا “المحدود” اليوم الى “التغيّرات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة والعالم، أضف الى أنّ ليس لروسيا تأثيراً كبيراً على العدو الاسرائيلي هذه الفترة، إذ ليس سرّاً أنه يضع كل أوراقه مع الولايات المتحدة الاميركية، ويتلقّى دعماً مطلقاً منها، ويحظى بحمايتها في مجلس الأمن الدولي، بحيث أنّ كل مشاريع القرارات الروسية لوقف اطلاق النار في غزة كانت تصطدم بالفيتو الاميركي. وبالتالي فإن العدو الاسرائيلي لا يسهّل دور روسيا في المنطقة، خصوصاً أن علاقتها معه قد بدأت تتراجع نتيجة دعمه لاوكرانيا. لكن هذا يجب لا ينسينا وقوف روسيا الدائم الى جانب القضايا العربية المحقّة، ولا سيّما القضية الفلسطينية”.
وفي حديثه لـ”المدى”، أوحى بونصّار بأن لا موفد روسياً سيزور لبنان في المدى المنظور، إذ قال: “وفق ما أسمعه من المسؤولين الروس، فإنّ أي زيارة إذا كانت لن تحقّق النتائج المرجوّة منها من الأفضل تأجيلها لمزيد من التشاور”. وبعدما ذكّر بموقف موسكو السابق والقاضي بـ”عدم التدخّل في الاستحقاق الرئاسي كونه شأناً لبنانياً” ، قال: “في الوقت نفسه فإنّ روسيا لا تقوم بمبادرات غير مضمونة النجاح “.
وأكد بو نصّار أن “لا مكان للاستسلام في السياسة الدولية” فروسيا دولة عظمى، ودائمة العضوية في مجلس الأمن، ومساعيها ستبقى حثيثة من أجل التوصّل الى وقف إطلاق نار في لبنان وغزّة، فالجانب الروسي يؤمن بقوة بأنّ الحل العسكري لا يمكن أن يؤدي الى أي استقرار”.
وكشف بونصّار أنّ الجانب الروسي أعلمه بـ”وجود استعدادات لإرسال مساعدات إضافية الى لبنان، من دون تأكيد حجمها وموعدها، وهي ستشكّل الدفعة الثانية، بعدما أرسل ٣٥ طناً من المساعدات الانسانية والمستلزمات الطبية والمولدات الكهربائية”. واستبعد فكرة عقد مؤتمر روسي لدعم لبنان، “بفِعل الاوضاع الاقتصادية جرّاء الحصار الغربي والعقوبات المفروضة عليها، أضف الى أعباء الحرب في اوكرانيا، ما يمنعها من أن تكون دولة مانحة”.
وردّاً على سؤال، أوضح بو نصّار أنّه “لم يصدر عن الجانب الروسي أي معلومات تتعلق بانسحاب القوات الروسية من مواقع متعدّدة لها في الجنوب السوري”. وقال :”لم أسمع من المسؤولين الروس بهذا الأمر إطلاقاً، هي مجرد أخبار صحافية لم يتطرق الجانب الروسي اليها “.
وتحدّث عن مساعي السفارة اللبنانية لدى السلطات الروسية لشرح موقف لبنان الرسمي “تنفيذاً لتوجيهات وزير الخارجية عبدالله بوحبيب، حيث نقلنا الى الجانب الروسي مخاوف لبنان وشجبه للاعتداءات الاسرائيلية على اليونيفيل والجيش واللبنانيين، واكدت روسيا بدورها ادانتها للعدوان ووقوفها الى جانب لبنان”.
وتوقّف بو نصار عند تخصيص اعلان قمة البريكس فقرة تتعلق بلبنان، وأكد أنّ “مجرّد صدور بيان وبالتوافق، وخاصة الفقرة المتعلقة بلبنان، بالرغم من كل التناقضات السياسية بين أعضاء مجموعة بريكس، يؤكد اهتمام المجتمع الدولي بهذا البلد الصغير الحجم والكبير بأبنائه وبدوره في الشرق الاوسط والعالم من خلال أبنائه المنتشرين كجسر بين الشرق والغرب، وفي الدول العربية. وبالتالي فإن ما صدر يؤكد الاهتمام الروسي وقادة عالميين بلبنان وحرصهم على وحدته وعدم تخلّيهم عنه”.