عندما يتجول المرء في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة يتسلل إلى مخيلته أنّه يتجول في مدينة أشباح، فالدّمار الهائل الذي خلفته آلة الحرب الإسرائيلية لا يكاد يتصورّه عقل.
فقد تعرّضت خان يونس على مدى 5 شهور لعدوان وحشي، أدّى لدمارٍ يُضاهي ما تعرضت له المدن الألمانية إبّان الحرب العالمية الثانية، دمارٍ غيّر وجه المدينة وأحالها كومة من الركام.
ووفقاً لمنظمة إنقاذ الطفولة الدولية، فإنّ خان يونس، ثاني أكبر مدينة في قطاع غزة، التي كانت موطناً لأكثر من 200 ألف شخص قبل العدوان الإسرائيلي، أصبحت الآن “مدينة أشباح”.
وفي أعقاب زيارة بعثة تقييم للمنطقة، في 25 نيسان الماضي، أصدرت المنظمة بياناً صحفياً أوضحت فيه أنّ كل مبنىً شاهده أعضاء البعثة كان “إمّا متضرراً بشدّة أو أنقاضاً على الأرض”، لافتةً إلى عودة بعض الأشخاص لحماية ما تبقى من ممتلكاتهم ومتاعهم.
وكانت مشاهد الدمار الشامل نفسها قد لوحظت من قِبَل وكالة الأونروا، ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة، خلال زيارة أجرياها بشكل منفصل إلى مدينة غزة.
ويُظهر تقييم مؤقت أجراه البنك الدولي، أنّ أكثر من 60% من المباني السكنية، وما يقرب من 80% من المرافق التجارية في قطاع غزة قد تضرّرت أو دُمّرت، بين تشرين الأول 2023 وكانون الاول 2024، مع تركّز 80% من إجمالي الأضرار في محافظات غزة، وشمال غزة، وخان يونس.
ولم تسلم أيّ منطقة في مدينة خان يونس من الدّمار، فجميع الأحياء تعرّضت للقصف والتدمير الذي قضى على كثير من مظاهر الحياة في المدينة.
المخيم أو “المعسكر” كما يُطلق عليه أهل غزة، هو أكثر مناطق المدينة اكتظاظاً بالسكان، كما كان له النصيب الأكبر من الدّمار، حيث أفادت بعض التقارير بأنّ قوات الاحتلال دمّرت مخيم اللاجئين بشكل شبه كامل، وتركّز الدّمار في مناطق مسجد الشافعي والضهرة.
كما تعرض “بلوك ج” في المخيم لدمار هائل، تعجز الكلمات عن وصفه، وربما لا تتمكن الكاميرات من نقل الصورة كاملة لفداحة التدمير.
المستشفى الثاني في القطاع من حيث الحجم والامكانيات، كان مسرحاً لإجرام العدو بشع على مدى مرتين. حيث قامت قوات العدو بتدمير بعض مرافق المستشفى واعتقلت منه المئات من النازحين وأفراد الطاقم الطبي. كما اكتشف فيه مقابر جماعية.