عدشيت بلدة لبنانية في قضاء مرجعيون بمحافظة النبطية، وإن كانت مساحتها لا تتجاوز الستة كيلومترات مربّعة إلا أنّها تتّسم بموقع جغرافي مميّز، إذ تقع على تلّة تحيط بها الأودية من كل الجهات، لا سيما “وادي الحجير” الذي كان مسرحاً لمواجهات ضارية بين المقاومة والعدوّ الإسرائيلي، وهو يحدّها من الغرب، أما من الشرق فتحدّها الطيبة، ومن الجنوب القنطرة، ومن الشمال دير سريان؛ ويعتمد سكّانها إلى حدّ كبير على الزراعات الموسمية والزيتون والتبغ وتربية المواشي كمورد رزق أساسي لهم.
وذكّر رئيس البلدية محمد سويدان بأنّ عدشيت “هي من القرى العاملية التي عانت على مدار أكثر من ٤٠ عاماً من الاحتلال وآثاره، فالبلدة كانت محتلّة منذ العام ١٩٨٢ وحتى العام ٢٠٠٠ حيث تحرّرت بفعل العمل المقاوم الذي أزاح تلك الحقبة السوداء عن ربوعها الحبيبة، بعدما قدّمت خيرة شبابها على مذبح الوطن لكي تعود مع الجنوب إلى حضنه. ثمّ تعرّضت في العام ٢٠٠٦، مثلها مثل باقي قرى الجنوب، إلى اعتداء وحشي أدّى إلى تدمير عدد من المنازل واستشهاد عدد من أبنائها”.
وأوضح سويدان أنّ عدد سكّان البلدة يبلغ نحو ٦٠٠ نسمة في فصل الشتاء ليرتفع إلى نحو ٩٠٠ نسمة في فصل الصيف”، وقد عاد بعض الأهالي إليها عند الساعة الرابعة والنصف من فجر يوم الأربعاء مع دخول إتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، في محاولة للملمة جراحها وفتح الطرقات أمام العودة الكاملة ورفع رفات بعض الشهداء، إلا أنّ إنذاراً صدر عن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي طالب فيه سكان جنوب لبنان بعدم التوجه نحو القرى التي طلب إخلاءها “.
وذكّر سويدان بأنّ الإعتداءات الإسرائيلية لم تغب عن البلدة منذ العام 2006 وحتّى اليوم،” فالطيران الحربي والاستطلاعي لا يغادر أجواءها في كثير من الأحيان، وقد نالت عدشيت حصّتها من العدوان مع تداعيات معركة طوفان الأقصى، على رغم وجود قوات “اليونيفيل” التي لم تردع الإسرائيلي عن التعرّض لها”.
وأشار إلى استعمال العدوّ “لكافة أنواع الأسلحة الثقيلة للقضاء على الحجر والبشر، وإلحاق الضرر بأكبر عدد ممكن من المنازل في هذه القرية الصغيرة، وبحقول الزيتون والمواسم الزراعية ونفوق أعداد كبيرة من المواشي والدواجن”. وأضاف: لم تسلم الطرقات العامة ومرافق الدولة ومبنى البلدية وشبكات الكهرباء والمياه ودور العبادة من همجية الاحتلال، وقد طاول بحقده حتّى المقابر، مُعتقداً أنّ بأفعاله العدوانية هذه سيُنسينا ماضينا وسيدمّر حاضرنا وسيقضي على مستقبلنا” .
وأوضح سويدان أنّ البلدة “قدّمت في هذه الجولة العدوانية، ثمانية شهداء أبطال، هم من خيرة شبابها لكي تبقى قرانا العاملية مصانة ومحرّمة على الغزاة والمعتدين” .
وخاطب الأهالي بالقول: “لكم النصر والعزّة ورفعة الرأس أبداً، كنتم وما زلتم أهل التضحية والوفاء، وستعودون إلى هذه الأرض المقدّسة المروية بدماء أبنائكم” .كذلك طمأنهم إلى أنّ “أرض عدشيت ستبقى مزهوّة بدماء الشهداء وآهات الجرحى، وبيوتها ستُرفع أسقفها بتعاضدنا وتكافلنا، وحقولها ستخضرّ سنابلها وأزهارها متّكلين على الله، وسيبقى الزند الذي حماكم قويّاً متيناً حتى إزالة كل تهديد .سنعود إن شاء الله في القريب العاجل، وسنقيم أعراس النصر والشهادة، وستعود بكم يا أشرف الناس أجمل مما كانت”.
وأمل رئيس البلدية أخيراً من المسؤولين والمعنيين في الدولة في “أن يتذكّروا أنّ عدشيت جزء من لبنان، وأنّ الجنوب هو البوصلة والعزة “، ودعاهم إلى التعاطي بمسؤولية مع شعبهم والالتفات إلى الأهالي وبلدتهم والمساهمة في إعادة البناء والتعويض على ما خسروه جرّاء الاحتلال وتأمين كافة مستلزماتهم الخدماتية ودعم البلديات في هذه الظروف الحرجة”.