– نظم معهد حقوق الإنسان في نقابة المحامين، ندوة عن “البلديات بين الواقع والمرتجى”، برعاية نقيب المحامين في طرابلس سامي مرعي الحسن، بالاشتراك مع المركز اللبناني للعدالة وبالتعاون مع بلدية طرابلس، في مقر النقابة، في حضور النواب إيهاب مطر، جميل عبود، كريم كبارة ممثلا بسامي رضا، الوزير السابق سمير الجسر، النائبين السابقين مصباح الأحدب، رامي فنج، قائد مقر عام منطقة الشمال العميد نبيه سعد ممثلا قائد الجيش العماد رودولف هيكل، ممثل نقيب المحامين في طرابلس طوني فرنجية، ممثل نقيب المهندسين في الشمال سليم نشابة، القاضي في ديوان المحاسبة إيلي معلوف، أمين سر عام محافظة الشمال – القائمقام إيمان الرافعي، رئيس بلدية طرابلس رياض يمق، قائمقام قضاء بشري ربى شفشق، النقباء السابقين فهد المقدم، ومنذر كبارة، نائب رئيس المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع إبراهيم عوض ومهتمين.
بعد النشيد الوطني ونشيد نقابة المحامين في طرابلس، تحدثت المحامية نرمين الأحمد وأكدت أن “البلديات تعد ركناً أساسياً في التنمية المحلية وتحسين حياة المواطنين، ونحن اليوم هنا لتبادل الرؤى حول سُبل تعزيز دورها”.
دبليز
ثم لفتت مديرة المعهد رنا دبليز الى ان “هذه الندوة تنعقد بالشراكة مع المركز اللبناني للعدالة في وقت نحتاج فيه إلى إعادة تعريف العلاقة بين المواطنين والمؤسسات المحلية”، وقالت:” المواطنة تبدأ بالمشاركة، والحوار حول بلدية فاعلة يجب أن يرتكز إلى تعزيز الحوكمة، الشفافية، وتكريس مشاركة النساء والشباب”.
وختمت:”نؤكد دور المعهد في الدفع نحو بناء إدارات محلية أكثر فاعلية والتزامًا بمبادئ الحكم الرشيد”.
يكن
بدورها، نوهت رئيسة المركز اللبناني للعدالة الدكتورة عائشة يكن بالشراكة مع معهد حقوق الإنسان والتعاون مع البلدية، وأكدت “اهمية البلديات كركيزة أساسية في بناء الدولة، وان الانتخابات البلدية تمثل استحقاقاً محورياً وفرصة حقيقية للتغيير”، ودعت المرشحين والناخبين إلى “إنصاف طرابلس، التي عانت من الإهمال والانقسامات، والتي تستحق أن تستعيد دورها ومكانتها بعيداً من الاصطفافات والمحاصصات، وذلك من خلال انتخاب مجلس بلدي جامع يتمتع بالكفاءة والنزاهة، يحاسب نفسه قبل أن يحاسب، وتتمثل فيه مكونات المجتمع كافة، كما تتمثل فيه المرأة تمثيلاً وازناً. مجلس لديه رؤية تنموية وبرنامج يسهم في تحسين جودة الحياة. وهذا يتطلب أن تكون المرجعيات السياسية داعمة له لا وصية عليه”، مؤكدة أن “بناء مستقبل أفضل لطرابلس يتطلب تضافر الجهود وتعاون الجميع”.
يمق
اما يمق، فشدد على “التحديات الكبيرة التي تواجه البلديات في لبنان، حيث وصفها بأنها عاجزة عن النهوض بسبب القيود المفروضة من السلطة المركزية”، وأشار إلى أن “البلديات قد اختزلت في خدمات بدائية مثل جمع النفايات وتزفيت الطرق، مما أدى إلى تهميش قضايا حيوية مثل البطالة والتعليم والتنمية الاقتصادية المحلية”، واعتبر أن “التحديات التشريعية والقانونية هي الأكبر”، داعياً إلى “تعديل قوانين البلديات وتفعيل استقلالها المالي والإداري لتتمكن من أداء مهامها بفعالية”.
وأشار إلى “أزمة الموارد المالية وضعف الحوكمة داخل البلديات”، واكد “أهمية تعزيز الشفافية عبر البلديات الإلكترونية وتفعيل مبدأ الشفافية في البيانات المقدمة للمواطنين”، داعيا إلى “تعزيز التضامن بين البلديات وتفعيل اللامركزية الإدارية، وتحقيق تنمية محلية اقتصادية قوية، لضمان أن تتحول البلديات من مجرد هيئات خدماتية إلى كيانات اقتصادية محورية تعمل على توجيه التنمية والمشاركة فيها”.
فرنجية
وفي كلمة ألقاها نيابة عن نقيب المحامين في طرابلس، أكد أمين السر طوني فرنجية، “التزام النقابة الثابت في الدفاع عن الديموقراطية واحترام الاستحقاقات الدستورية”، وأشار إلى أن “هذه الندوة تأتي في توقيت بالغ الأهمية، قبيل إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية بعد تأجيلٍ دام ثلاث سنوات”، مشدداً على أن “البلديات تمثل الواجهة المباشرة للدولة في حياة المواطنين، ما يفرض ضرورة النهوض بدورها الإنمائي والتنموي”.
ودعا إلى “ترسيخ ثقافة ديموقراطية قائمة على الشفافية والمحاسبة، بعيداً من منطق الزعامة والولاءات الضيقة، لا سيما في ظل التحولات المتسارعة وعصر الذكاء الاصطناعي”، و نقل تحيات نقيب المحامين في طرابلس ، مؤكداً “استمرار النقابة في أداء دورها الوطني كشريك فاعل في بناء دولة القانون”.
معلوف
وفي مداخلته عن “اللامركزية الإدارية والرقابة بين الاستقلالية والتبعية”، قدّم معلوف طرحاً متوازناً وواقعياً للعلاقة بين البلديات كسلطات محلية مستقلة، وبين أجهزة الرقابة الإدارية والمالية.
وأوضح أن ا”لبلديات تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري، لكنها في الوقت نفسه تخضع لرقابات متعددة، أبرزها الرقابة المسبقة التي تمارسها سلطات مركزية مثل وازرة الداخلية أو التفتيش المركزي، والتي غالباً ما تعرقل العمل البلدي بدل أن تنظّمه، بسبب بطء الآليات الإدارية أو غياب المعايير الواضحة”.
وشدّد على أن “الرقابة، وإن كانت ضرورية لضمان الشفافية والمساءلة، إلا أنها عندما تتجاوز وظيفتها الوقائية إلى حدّ الهيمنة، تتحوّل إلى عائق أمام الفعالية البلدية ومبادرات التنمية”، و دعا إلى “إعادة النظر في أدوات الرقابة وآلياتها، بهدف تطويرها بما يحقق التوازن بين الاستقلالية اللازمة للعمل البلدي والرقابة الرشيدة التي تحمي المال العام من دون تعطيل المبادرات”.
وفي المحور الأول: أداء البلديات بين الرقابة والحوكمة،
تحدث الدكتور محمد علم الدين، عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة الشرق الدولية وعضو الهيئة الاستشارية في المركز اللبناني للعدالة، عن “ضرورة التوازن بين الرقابة والاستقلال الذاتي”، معتبراً أن “الحوكمة الرشيدة هي مدخل أساسي لتحقيق الأداء الفعّال في البلديات”.
بعد ذلك، قدّمت شفشق، عرضاً عمليا عن “دور القائمقام كصلة وصل بين السلطات المركزية والمحلية”، وأوضحت كيف يمكن تعزيز التنسيق بين الطرفين.
كما شددت الدكتورة سميرة بغدادي، العضو السابق في مجلس بلدية طرابلس، على أن “الحوكمة هي ضرورة وليست ترفاً”، محذّرة من “تجاهل دور المجتمع المدني في هذه العملية.
وفي سياق آخر، استعرض سيمون بشواتي، الخبير في التنمية المحلية، تجارب بلدية ناجحة، داعياً إلى “اعتماد التخطيط العلمي والمشاركة المجتمعية لضمان نجاح المشاريع المحلية”.
واختتم المحور الأول بمداخلات من الجمهور.
وتناول المحور الثاني موضوع “المرأة في المجلس البلدي”، حيث أدار الإعلامي محمد الحسن جلسة حوارية بمشاركة سيدات رائدات في العمل العام: فضيلة فتال، سميرة بغدادي، ليلى تيشوري ورشا سنكري.
و شدّد الحسن في كلمته الافتتاحية على “أهمية حضور المرأة في الحياة البلدية، ليس كحصّة مفروضة عبر الكوتا، بل كموقع مكتسب بالجدارة والكفاءة”، مؤكداً أن “دعم النساء بعضهن بعضًاهو المدخل الطبيعي لترسيخ هذا الدور، في مجتمع لا يزال يُخضع النساء أحياناً لمنطق التمييز غير المعلن”.
وتناولت الجلسة قضايا جوهرية تتعلّق بالتجارب البلدية السابقة، والصعوبات التي واجهتها النساء داخل المجالس نتيجة الانقسامات والتعطيل، وطرحت المشارِكات رؤى واقعية لكيفية تمكين المرأة من الحفاظ على مشروعها وتقديم إضافة نوعية بعيداً من التنازع والصراعات السياسية.
وخُتمت الجلسة بالتأكيد على “أن المرأة، متى دخلت المجلس البلدي، يجب أن تبقى رسولاً لصوت الناس وهمومهم، بعيداً من منطق الصقور الذي يطغى أحياناً على الحياة السياسية، وأن تتحوّل إلى عنصر تغيير فعلي عبر ثقافة التعاون لا التصادم”.
يذكر ان اللقاء شكّل فرصة لتبادل الخبرات والإضاءة على النماذج النسائية الملهمة، في ظل دعوة واضحة إلى تخطّي التصنيفات الجندرية وبناء عمل بلدي حديث تشاركي، يليق بالمجتمع ويستجيب لتطلعات أبنائه وبناته.
دروع تكريمية
وفي الختام قدّمت يكن دروعاً تكريمية، باسم المركز اللبناني للعدالة، للمشاركات من أعضاء المجلس البلدي فضيلة فتال، سميرة بغدادي، ليلى تيشوري، ورشا سنكري تقديرًا لإسهاماتهن في العمل البلدي، ودرعاً تكريمية للأستاذة رنا دبليز تقديرًا لإسهاماتها في مجال حقوق الإنسان.
واختتمت أعمال الندوة بحفل كوكتيل.