كتبت صحيفة “النهار”: وسط التضارب الشديد بين الوقائع الميدانية التصعيدية التي تشهدها الجبهة الجنوبية والتقديرات الديبلوماسية التي لا تزال تميل الى استبعاد انزلاق طرفي المواجهة، أي “إسرائيل” و”حزب الله”، الى حرب شاملة على رغم تصعيد “إسرائيل” وتيرة غاراتها الجوية على المناطق الحدودية وقيامها بمناورات عسكرية تحاكي حربا على لبنان، بدت عودة التحذيرات الدولية والغربية للبنان بمثابة مؤشر جديد الى خطورة إهمال او تجاهل او حتى التقليل من الاحتمالات المتعاظمة لنشوب حرب وسط وقائع إقليمية آخذة في شحن المنطقة بمعطيات بالغة التوتر على امتداد جغرافيا واسعة من اليمن الى جنوب لبنان.
ولعل المفارقة اللافتة التي تواكب عودة التحذيرات هذه تتمثل في ان المشهد الداخلي يتجه قدما نحو توترات جديدة على خلفية تصاعد الاعتمالات السياسية التي تسببت بها المواقف الأخيرة للحكومة ورئيسها نجيب ميقاتي من ربط التهدئة في الجنوب بوقف الحرب على غزة والتي اثارت ردودا سلبية لدى العديد من القوى المعارضة الامر الذي يجعل الواقع السياسي ينكشف اكثر فاكثر على هشاشة تصاعدية تثير المخاوف من انعدام قدرة لبنان على التحسب والمواجهة امام أي تطورات كبيرة مقبلة. كما ان حيزا من المشهد الداخلي بدأ يتفاعل مع المعطيات التي تتوقع تحريكا للازمة الرئاسية في ظل ما يتردد عن اجتماع في وقت قريب للمجموعة الدولية العربية الخماسية المعنية بملف الازمة الرئاسية في لبنان في باريس على ان يعقب اجتماعها إعادة استئناف الوسيط الفرنسي جان ايف لودريان تحركه نحو بيروت وهذه المرة مع أفكار واتجاهات جديدة يظللها موقف منسق وموحد للمجموعة الخماسية في ظل التطورات الحاصلة في المنطقة.
وتحدثت مصادر مطلعة بحسب “النهار”، عن اتجاه محسوم لدى دول الخماسية لفصل أي ربط بين الواقع الميداني عند الحدود اللبنانية الإسرائيلية عن الأزمة الرئاسية لان من شأن ذلك زيادة التعقيدات المحلية والخارجية التي تعترض انهاء ازمة الفراغ الرئاسي فيما أي تحرك جديد للمجموعة الخماسية سينطلق من اقتناع لدى دولها بالضرورة القصوى لانتخاب رئيس للجمهورية لبدء عودة لبنان الى توازنه الداخلي بما يلجم القرارات الأحادية والمتفردة كتلك التي زجت به راهنا في المواجهات الحربية عند الحدود الجنوبية. وقالت ان هذا الاتجاه يجعل موقف السلطة اللبنانية في موقع حرج دوليا وخارجيا للغاية وهو الامر الذي يفترض ان يكون رئيس الحكومة قد واجهه فعلا في لقاءاته مع المسؤولين الدوليين والغربيين في دافوس .
اما ابرز التحذيرات الدولية الجديدة من اتساع الحرب الى لبنان فجاءت امس على لسان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس الذي كان ميقاتي التقاه في دافوس. وكان سبقه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في مؤتمره الصحافي مساء الثلاثاء في قصر الاليزيه حين تطرق الى ملف لبنان فاكد الاهمية التي يوليها للبنان مذكراً بالجهود التي بذلتها فرنسا بهدف تجنّب اتساع رقعة الحرب.