طلوسة، بلدة جنوبية تقع في القطاع الشرقي بقضاء مرجعيون في محافظة النبطية، وتتموضع على كتف وادي السلوقي الممتدّ الى الحجير. تحدّها مركبا شرقاً، حولا جنوباً، مجدل سلم وقبريخا غرباً، وبني حيّان شمالاً. مساحتها تبلغ حوالي 450 هكتار، ويرتسم في أطرافها حرج من السنديان على شكل حرف U من الجنوب إلى الشمال.
هذه القرية الصغيرة الوادعة على تلال جبل عامل، لم يوفّرها العدو الإسرائيلي من اعتداءاته الهمجية، بعدما عانت طويلا ممارسات الحكم العثماني ومن ثم الانتداب الفرنسي.
وفي هذا السياق، يروي رئيس البلدية كامل ترمس “أنّ طلّوسة تعرّضت كغيرها، خلال حقبة الاحتلال العثماني، للظلم والإضطهاد ولسرقة محاصيلها الزراعية، بعدما جنّد شبابها في صفوف عسكره، وأخذ عدداً منهم بالقوة من دون إعادتهم وقتل آخرين، فانتفض أجدادنا حينذاك في وجه هذه الممارسات. وبعد اتفاقية سايكس-بيكو، مارس الانتداب الفرنسي على أهلنا سياسة الحرمان والتجاهل والظلم وقتل عدداً من أجدادنا، وذلك قبل نشوء الكيان الغاصب على أرض فلسطين وامتداد جرائمه ومجازره إلى الجنوب من دون أن يوفّر بلدتنا من استفزازاته واجتياحاته عامي 1978 و 1982 وزجّ أبنائنا في معتقل الخيام قبل أن تتنفّس الصعداء في التحرير عام 2000 “.
إلاّ أن طلوسة عادت تعاني منذ عملية 7 تشرين قبل أن تدفع الثمن مجدّداً في عدوان ايلول، إذ لم يوّفرها العدو من عدوانيته، ما دفع رئيس البلدية للقول: “إذا كان يسكن بجوار بيتك ذئب فكيف يمكن أن تعيش بسلام”؟ فالحرب الاخيرة كشفته على حقيقته لمن لا يعرفه، ولا يمكن لأحد بعد اليوم أن يُنكر بشاعته، بعدما تحوَّل من ذئب إلى وحش همجي مفترس بعيد كل البعد عن الانسانية، ولا يحترم شرعة حقوق إنسان ولا مفاهيم الحرب الدولية ولا يقيم وزناً لأي قيم أخلاقية، وسط صمت دولي مطبق من دون أن يجرؤ أحد على محاسبته”.
ويسلّط ترمس الضوء على أبرز ممارسات العدو في طلوسة ويوضح أن “نسبة الاضرار تفوق الـ 85 في المئة بعدما دمَّرت الطائرات الحربية أكثر من 50 منزلاً، وألحقت الأضرار بما يناهز الـ 250 منزلاً آخر. كما تم تدمير حسينية البلدة ومستوصفها وشبكات الكهرباء والمياه والاشتراك والهاتف والطرقات، ولم يوفر من استهدافاته رجال الدفاع المدني. واشار إلى أن البلدة قدّمت اكثر من 15 شهيداً على مذبح الوطن.
سكان البلدة الذين يبلغ عددهم نحو 4500 نسمة يزورونها بغالبيتهم في فصل الصيف ولا يقطن منهم بشكل دائم سوى 150 عائلة، نزحوا أولاً إلى المناطق القريبة كمجدل سلم وقبريخا والصوانة، والبعض إلى منطقة النبطية وبيروت، قبل أن ينزحوا مجدّداً مع اشتداد العدوان باتجاه بيروت والجبل والمتن والشمال.
إلاّ أن الأهالي لم يعودوا إلى البلدة بعدما طلب منهم رئيس البلدية التريث لحين دخول الجيش اللبناني وخروج قوات الإحتلال، وذلك بعدما حاولوا العودة عند دخول اتفاق وقف اطلاق النار حيِّز التنفيذ، إلا أن العدو فتح النار عليهم من التلال المشرفة في بلدة مركبا قبل أن يدخلها بدباباته وجرافاته ويعيث فيها فساداً وخراباً ويقتحم منازلها ويبعثر محتوياتها بعد أن يجرف الطرقات ويقتلع الأشجار ويدمّر محطة تكرير مياه الشرب ويدنّس المساجد .
أما بعد العودة، ففي اولويات خطة عمل رئيس البلدية، فتح الطرقات وإزالة الركام ورفع الأنقاض التي خلّفها العدوان، وهنا دعا الدولة بكل مؤسساتها الخدماتية إلى تحمّل مسؤولياتها واعتبار طلوسة منطقة منكوبة وإعطائها الأولوية في إعادة الخدمات الأساسية اليها والعمل مع الجهات والدول المانحة لتمويل إعادة إعمار ما خلّفه العدو من دمار”.