ظاهرة الأبنية الآيلة للسقوط بفِعل الاستهدافات الإسرائيلية لم تنحسر في منطقة معينة، خصوصاً تلك التي لم تخضع لأي ترميم أو إصلاحات بفِعل الأزمة الاقتصادية التي حلّت بالبلاد والعباد منذ سنوات.
فمنطقة الغبيري الرازحة تحت الضربات الإسرائيلية المستمرّة، بلغ عدد الغارات في نطاقها البلدي بكامله خلال الشهرين الماضيين نحو 30 غارة ، 17 منها استهدفت مباشرة عدداً من الأبنية فدمّرتها بالكامل، فيما دمّرت غارة واحدة مجموعة من الأبنية مقابل المستشفى الحكومي، ونحو 15 منزلاً من طابقين أو من ثلاث طوابق، فيما استهدفت باقي الغارات شققاً سكنية بالكامل أو طابق وطابقي منها.
وأكّد رئيس بلدية الغبيري معن الخليل لـ”المدى” حصول أضرار متفاوتة بالأبنية المحيطة، وذلك بحسب الأحياء التي تمّ استهدافها، كأحياء الغبيري القريبة من طريق صيدا القديمة، أو في سوق الجمّال أو في منطقة الطيونة”، لافتاً الى “أنّ استهداف الطيونة من جهة الداخل تسبّب بأضرار كبيرة في الأبنية المحيطة، وفي شارع الغبيري الرئيسي، وقد أظهر الكشف الأوليّ أنّ جزءاً منها يتطلّب الهدم، وعدداً كبيراً من الأبنية يتطلّب ترميماً واسعاً من صبّيات باطون وأسقف وأعمدة أساسية وشرفات، وكل ذلك ينتظر إنتهاء الحرب لإخضاع هذه الأبنية والمنازل لكشف هندسي”.
هدم الأبنية المتصدّعة ينتظر ضوءًا أخضر رسمياً وتشكيل لجان متخصّصة وقرار وزارة الاشغال بإجراء التلزيمات للمباشرة في أعمال الهدم، بالإضافة الى إشكالية أخرى تتمثّل في مكان رمي كل هذه الأنقاض، على غرار ما حصل في عدوان تموز 2006 في منطقة الكوستابرافا.
وهنا أوضح الخليل أنّه “لتاريخ اليوم لم يتمّ تشكيل أي لجان في شأن تجميع الأنقاض لرميها، سواء في الكوستابرافا أو إلى أي مكان آخر، فهذا الأمر يتطلّب قراراً حكومياً بتلزيم أعمال رفع الأنقاض كمرحلة أولى قبل تحديد مكان الرمي والطمر. وبناء عليه، نحن حالياً لا نرفع الأنقاض، بل ننقل الردم من مكان إلى آخر فقط وضمن الأحياء، ونعمل على فتح الشوارع لتسهيل وصول الناس إلى منازلها ومحلاتها”.
وأوضح أنّه “لم يتمّ كلّيا إقفال أيّ حيّ أو شارع في الضاحية الجنوبية ككلّ، ويمكن لأيّ شخص التجوّل، فما حصل هو التشدّد بعض الشيء إثر انتشار السرقة، فتمّ إقفال منافذ بعض الطرق والإبقاء على منافذ أخرى لضبط حركة الآليات ولا سيما آليات الشحن والـ “توك توك” الذي نُقلت بواسطته بعض المسروقات وقد ضبطتها الشرطة البلدية والقوى الأمنية. وعليه، منعنا تجوّل الآليات والـ”توك توك” وطلبنا مراجعة البلدية في حال نقل أثاث أي منزل للتأكد من أن النقل يتم بإشراف أصحاب المنازل”.
وكشف الخليل أنّ البلدية تجري حالياً إحصاءً أوّليّاً بأرقام العقارات المتضرّرة وتحديد العقار المتضرّر كلّياً أو بشكل جزئي، وتعكف على تحضير خرائط الإفراز لمعرفة أعداد الوحدات السكنية والتجارية في كل عقار ومن شغله أخيراً، هل المالك أو المستأجر، ومن هم المالكون، لكي يكون الملف الاداري جاهزاً متى طُلب منّا التحرّك، وهذا الإحصاء يتمّ تحديثه يومياً، مُدعّماً بالخرائط الهندسية لمكان العقار المُستهدف، وبالصور التي تحدّد مكانه على الخريطة.
ولفت الخليل الى أنّ عدد سكان الغبيري الذي بلغ قبل الأحداث نحو 225 ألف نسمة تقريباً، لم يتبدّل اليوم، بِفعل انتقال الأهالي من منطقة إلى أخرى، فالبعض خرج والبعض دخل، خصوصاً من سكّان مناطق الأوزاعي والجناح الذين انتقلوا إلى الغبيري بعد استهداف شرق طريق المطار.
الخليل الذي يزاول أعماله الإدارية من أماكن مختلفة ضمن النطاق البلدي، بعد استهداف مبنى البلدية وتضرّر مركز الشرطة بشكل كبير، أوضح أنّ البلدية “ستظل في خدمة الناس تحت شعار “سنخدمكم بأشفار العيون”. وإذ حيّا صمود الأهالي وثمّن احتضان النازحين، أكّد أن “لا شيء سيجعلنا نتراجع عن إرادة الصمود والإنتصار، فنحن في قلب المعركة، والتضحية بالمنازل والممتلكات لا تساوي شيئاً أمام أرواح الشهداء”. ودعا الجميع الى نبذ الخلاف السياسي والتضامن والتلاحم، وأن نكون جبهة واحدة أمام إجرام العدو”. وخاطب أهالي الضاحية الجنوبية بالقول: “نحن وإياكم سنستمرّ في السير على الخط الذي رسمه سيّد شهداء المقاومة الشهيد السيد عباس الموسوي وأكمل هذه المسيرة سيّد الشهداء السيد حسن نصرالله”.