وفق مواكبين لحركة المبادرات حيال الملف الرئاسي، فإنّه بعد فشل مهمّة جان ايف لودريان، وجمود او تجميد مهمّة اللجنة الخماسية، لا يوجد في الأفق الرئاسي اقلّه في المدى المنظور، ايّ بوادر لحراك جديد، ما خلا اشارات سطحية تتوالى من باريس وبعض أطراف اللجنة الخماسية، وتكرّر التأكيد على مسؤوليّة اللبنانيين بالتوافق على رئيس. وعلى ما يقول مسؤول كبير لصحيفة «الجمهورية»: «لم يعد لدى الموفدين شيء، واعتقد انّ علينا أن نكيّف انفسنا مع فترة طويلة من الانتظار. فعامل التعطيل، وبمعزل عن مصدره سواءً أكان من الداخل او الخارج، او بالشراكة بين الداخل والخارج، نجح في ترحيل الملف الرئاسي إلى ما بعد الحرب؛ اي انّه بات معلّقاً بمسار الهدنة التي يُعمل عليها، الّا انّ هذا المسار يبدو صعباً، وفيه عثرات كبرى تعيقه».
وبحسب معلومات موثوقة لـ«الجمهورية»، فإنّ ما يقوله المسؤول الكبير، مبني على ما ألمح اليه أحد سفراء اللجنة الخماسية، حيث أسرّ لسياسيين التقوه في الساعات الاخيرة، بمكنون مفاجئ بصراحته، محدّداً بكلامه مصادر متعددة لفشل او تفشيل المبادرات، مشيراً الى أنّ فشل المبادرات، وآخرها مسعى الوزير لودريان، هو مسؤوليّة اللبنانيّين بالدرجة الأولى وإصرارهم على إحباط كل الفرص التي اتاحتها مبادرات الدول الصديقة للتوافق في ما بينهم، وكذلك هو مسؤولية بعض دول الخماسية.
وتضيف المعلومات الموثوقة، انّ السفير الغربي بدا في كلامه مشخّصاً للمشهد الداخلي، ومواقف الاطراف وتناقضاتهم السياسية وغير السياسية العميقة المانعة للتوافق، الّا انّه لم يقدّم توضيحات اضافية في ما خصّ مصدر التعطيل الخارجي واسبابه، مكتفياً بقول ما حرفيته: «نعلم، كما تعلمون انتم أنّ بعض الدول ليست مستعجلة على حسم الملف الرئاسي. وتبعاً لذلك لا أرى ما يشجّع على الإعتقاد بأنّ في الإمكان اعادة تحريك هذا الملف قبل انتهاء حرب غزة».
على ان أصل المشكلة، كما تشخّصها قراءة شخصية سياسية وسطية للمشهد الرئاسي المعطّل، هو داخلي قبل ان يكون خارجياً، وقالت لـ«الجمهورية»: «في الداخل تتجلّى المشكلة في الرهان على حرب غزة، حيث انّ بعض الاطراف، وخصوصاً رافضي الحوار والتوافق، يعتقدون انّها ستفرز في نهاية الامر تحولات تمتد إلى لبنان وتفرض تعديلاً في ميزان السياسة والانتخابات يأتي برئيس للجمهورية وفق توجّهاتهم. وفي مقابل هؤلاء، وهذا ما سمعناه صراحة من الوسطاء، فإنّ ملف الرئاسة لا يشكّل نقطة ساخنة لدى «حزب الله» بسبب الحرب في غزة. واما بالنسبة الى الخارج فعلى رغم التأكيدات التي نسمعها، فأنا لا استطيع ان انكر حقيقة يعلمها الجميع بأنّ الخارج غير مستعجل على الحسم، فضلاً عن أنّ لكل دولة في الخماسية وخارج الخماسية، توجهها ومرشحها الملتزمة به. ففي هذا الوضع كيف يمكن ان ننتخب رئيساً»؟
على انّ مصادر في المعارضة تنفي تهمة الرهان، وأبلغت الى «الجمهورية» قولها: «هذا اتهام كاذب جملة وتفصيلاً. فالموقف من رئاسة الجمهورية هو سابق للحرب بنحو سنة، ولم نحد عنه، ونؤكّد ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية عبر دعوة يوجّهها رئيس المجلس الى جلسة مفتوحة، يتخلّل دوراتها المتتالية حوار ومشاورات بين الكتل النيابية، وهكذا حتى نتمكن من انتخاب رئيس الجمهورية. في اي حال ليس خافياً على احد أنّ الكذب هو ملح الممانعة، حيث انّها تتهمنا بما هي منغمسة فيه. وردّنا على هذا الاتهام هو انّ موقفنا واضح وصلب، ونتحدّاهم في الدعوة الى جلسة مفتوحة لانتخاب رئيس الجمهورية اليوم قبل الغد».