مركبا، وِفق التعريف، هي إحدى القرى اللبنانية من قرى قضاء مرجعيون في محافظة النبطية، تشتهر بكِبر مساحتها، يحدّها من الشرق هونين ومن الجنوب حولا، طلوسة وبني حيان من الغرب ورب ثلاثين والطيبة والقنطرة من الشمال، وعديسة من الشمال الشرقي، وترتفع نحو 900 متر عن سطح البحر، وتبعد عن بيروت العاصمة 100 كم.
وذكّر رئيس البلدية غسان حمّود بأنّ مركبا “تدفع فاتورة الاحتلال الإسرائيلي منذ نشأة الكيان الغاصب ونكبة فلسطين 1948، معتبراً أنّ غياب الدولة اللبنانية وإهمالها لقرى الشريط الحدودي جزء من العدوان على البلدة التي عانت كثيراً وصولاً إلى اجتياح العام 1978 وإقامة الحزام الأمني في زمن العميل سعد حداد ثم في زمن العميل انطوان لحد اللذين لم يحاكما كضباط منشقّين خونة لوطنهم”.
وإذ تحدّث عن سعي لبنان الرسمي للوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار، أشار الى “أنّ العدو الاسرائيلي لم يتوقف يوماً عن العدوان، سواء باستهداف المدنيين في المنطقة وخارجها أو بالمسيرات التي لا تزال تحلّق حتّى فوق العاصمة بيروت من دون أن نسمع صوتاً للمجتمع الدولي أو لبعض الداخل، ما يؤكّد حتمية المقاومة على قاعدة ثلاثية “الجيش والشعب والمقاومة “.
وأشار حمود إلى أنّه “نجهل أهداف العدو العميقة من خرق اتفاق وقف إطلاق النار، لكن يمكن قراءة بعضها، منها القول لمستوطني الشمال الذين لم يعودوا بعد بأن اليد الطولى له وبأنه لن يدع اللبنانيين يهنَأون بعودتهم قبل أن يعودوا بدورهم. ويمكن أن ما يحصل في سوريا اليوم ليس ببعيد عن العدوان الاسرائيلي واستمرار خرق اطلاق النار، وغداً لناظره قريب”.
وأوضح رئيس البلدية أنّ العدوان على قرى الشريط الحدودي ومنها مركبا لم يستهدف المقاومين فحسب، بل استهدف كذلك البنى التحتية ومنازل الأهالي الآمنين إضافة إلى منازل حاملي جنسيات فرنسية واميركية والمانية والذين هم خارج البلد اصلاً”، لافتاً الى أن العدو جرف البيوت والطرقات وهدّم المدرسة الرسمية ومشروع المياه عند مدخل البلدة، واستهدف البنى التحتية، ومبنى البلدية والنادي الرياضي، ودمّر ثلاثة مساجد وجرف مقاماً دينياً تراثياً، حتّى أن الأموات لم يسلموا من عدوانه، حيث عاينّا مع الأهالي في اليوم الثاني على وقف إطلاق النار تجريف قسم من الجبانة القديمة في البلدة، ومنذ حينه فالله واعلم ماذا يحصل “.
وأضاف: “الاستهداف نال الحجر والبشر والعمران والأشجار والمزروعات والممتلكات العامة والخاصة وآليات البلدية وسيارات المواطنين وحقول الزيتون، فمركبا كأخواتها كفركلا وعيتا الشعب وحولا والعديسة وكل القرى في الحافة الأمامية هي قرى منكوبة بامتياز، ويستحيل تقدير نسبة الأضرار الحقيقية اليوم، فمساحة مركبا كبيرة، لكن يمكن تأكيد حصول تجريف لما يقلّ عن عمق كيلومترين ونصف، وتجريف الطريق العام الذي يربط العديسة بحولا عدا عن إلحاق أضرار كبيرة داخل البلدة، فمركبا قرية مدمّرة، والبيت الناجي استثناء”.
وأشار حمّود إلى أنّ الأهالي نزحوا إلى قرى آمنة في الجنوب والعاصمة بيروت عند امتداد تداعيات حرب غزة، قبل أن ينزحوا مجدّداً عند توسّع العدوان ويتوزّعوا على المناطق كافة. وأكّد “أن اللبنانيين يغلب عليهم طابع الوطنية، ما خلا وجود استثناءات بسيطة لا يتوقّف عندها أحد، لكن في العموم لبنان بمسيحييه ومسلميه كان حاضناً للنازحين رغم محاولات التفرقة الإسرائيلية، وقد نشأت صداقات بين المجتمع الحاضن والمجتمع الوافد”.
وتحدّث عن الأسباب الموجبة للمقاومة وقال: “من لا يقاوم هو إنسان جبان متخلّي عن مسؤولياته، وفي غياب وجود قوة دفاع وطنية، لا يُسأل المقاومون لماذا قاوموا، إنّما يُسأل المتخاذلون لماذا تخاذلوا، فالعدو ليس حملاً وديعاً ويحترم حدود لبنان، حتى أنّه لم يطبّق القرار 425 منذ العام 1978 ،وبالتالي كيف يمكن أن نسأل شعباً لماذا تقاوم ولا نسأل السلطات المحلية الرسمية والمجتمع الدولي وما يسمّى مجلس أمن وأمم متحدة لماذا لا تقومون بواجباتكم بحماية هذه المجتمعات المقهورة والمغلوبة على أمرها؟ فالعدوّ تمكّن من تدمير ما استطاع إلى ذلك سبيلاً بتمويل غربي واضح لكن لا يمكن تدمير الأفكار، فاذهبوا لمعالجة الاسباب الموجبة، فمن الذي يعتدي على لبنان؟ ولماذا يدافع المواطن عن أرضه؟ فالمقاومة حسّ فطري تُبنى عليه الدساتير والشرائع”.
وأخيراً، دعا رئيس البلدية “جميع الشرفاء في العالم والوطن العربي وفي الداخل إلى الوقوف إلى جانب أهلهم الذي هجروا من ديارهم بدءاً من البسمة مروراً بالدعم المادي وصولاً إلى بناء بنية تحتية لحوار مستقبلي بين اللبنانيين يجمعهم على كلمة سواء، مسلمين ومسيحيين، ويمكن أن يشكّل ما جرى محطة تفسح في المجال لاعادة التواصل وبناء وطن يحضن الجميع”.