اكد الكاتب والمحلل السياسي وسيم بزي في حديث لبرنامج “مانشيت” عبر اذاعة صوت المدى، رغم هول الحدث غير المسبوق والذي يمثل عمليا مرحلة جديدة من مراحل الصراع يبدو انها بأدوات وبقواعد وباهداف جديدة بعد ان استنفد العدو على مدى 11 شهر ونصف اي قدرة على كسر فعالية مسار الاسناد الذي قامت به جبهة لبنان دعما لغزة والذي وصل الى مستوى من الاستنزاف والاستعصاء على المعالجة رفع من مستوى فعالية وقيمة هذه الجبهة مع الجبهات الآخرى الى تحد غير مسبوق فرض على رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو والمستوى الامني العسكري نقل ما يسمى بالاولوية من جبهة غزة الى جبهة الشمال بغض النظر عن تعدد الاهداف بالنسبة للمعنيين لكن التقاطع على اهمية هذا النقل والاجماع على خطر جبهة لبنان فرض التسليم لديهم بهذا الانعطاف الحاصل ومع لحظة الانعطاف قرروا تنفيذ هذه العملية التي يبدو انهم جهزوا لها طويلا وكمنوا عليها لاشهر طويلة”.
واضاف بزي “الاكيد ان تفريط العدو بهذا الكنز الثمين المفخخ الذي وصل بهدوء الى اماكن وجوده ويمثل عملية تاريخية في تاريخ الصراع ان يستهلكه بمعزل عن هجوم كبير بري في ظل حالة الصدمة والارباك التي فرضها واقع انفجار هذه الاجهزة على مدى 48 ساعة ومحاولة المس بما يسمى منظومة التحكم والسيطرة لدى حزب الله والتفريط بهذا الامر قد يكون تم بناء على احد 3 اسباب: الاول انهم فعليا خافوا من كشفهم، السبب الثاني انهم ضاقوا ذرعاً باصرار الحزب وقيادته على دعم فلسطين واستمرار الضغط عبر الاسناد والسبب الثالث انها تهيئة منهجية مكونة من عدة طبقات ومراحل ستؤدي في النهاية الى الحرب الموعودة لكن الواضح انه فقد عنصر المفاجأة وعنصر الارباك، بناء على هذه الاحتمالات الثلاثة، المقاومة قرأت وتقرأ في الضفة الاخرى للكتاب المشترك بين الاثنين والاكيد اصبح لديها مجموعة من الخلاصات الاولية واعتقد ان الامين العام السيد حسن نصرالله قد يكشف عصر اليوم جزء من الرواية ولكن جزء يبنى عليه للوصول الى خلاصات وهو ما يؤكد ان قدرة العدو على المس بواقع ما تملكه المقاومة من امكانات استراتيجية اذا قدر للحرب ان تندلع، لم يمس نطاق المقاومة العسكري على الخط الامامي في الجبهة بشكل عام، صحيح ان هناك 3000 اصابة و28 شهيدا او 30 في اليومين لكن جزء كبيراً من هؤلاء يخدمون في وحدات وقطاعات جزء منها خدمي وجزء مدني خاصة ان الحزب هو جسم هائل يضم عشرات الاولوف من العاملين في قطاعات متعددة ولا ننسى الجزء الانساني الاخلاقي الذي يمثل عملية قتل جماعي خارج اي قوانين انسانية لدرجة ان شخصيتين مثل الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش او مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي جوزيب بوريل تحدثا عن تداعيات ووقع هكذا نوع من العمليات بالمعيار الانساني والاخلاقي”.
واوضح “منذ البداية يفترض بنا ونحن نخوض هذه الحرب عن وعي ودخلها حزب الله عن وعي وادراك، نحن نعلم انه منذ بدء هذا الصراع ليس في لبنان بل في فلسطين المحتلة منذ عام 1984، نعلم ما يسخر من امكانات وقدرات لهذا العدو من القائد الحقيقي للمعركة الحالية وكل المعارك السابقة وهو الولايات المتحدة الاميركية، لذلك لم نفاجئ بما يملكه العدو من مستوى هائل من النيران وما يملكه من امكانات تقنية والكترونية وسيبرانية غير مسبوقة في العالم وهذه حقيقة ثانية يفترض اننا نعلمها، ويملك سلاح جو متفوق منذ بدء الصراع العربي – الاسرائيلي الى الآن وكان عنصر الحسم الاساسي في كل المواجهات، وما دمنا نعلم كل هذا كيف ذهبنا برجلينا لمواجهة هذا العدو، انه في صلب مواجهة هذا العدو ان هناك ردع وندية لمواجهته في ظل امكانياته وعناصر تفوقه لان منطق الحروب غير المتنافية الذي يخاض بجزء منه على جبهة لبنان هو القدرة في ظل واقع العدو على احداث توازن من خلال امكانت نوعية رخيصة لا تستطيع ان تنال من قدرات القوة ولا زال حزب الله يمثل اقصى عنصر ضغط على العدو من خلال جبهة الشمال وهذا ما جعل العدو يضيق ذرعاً وعلى رغم الشهداء والجرحى وعلى الضفة الآخرى من الميزان هناك انجازات كبيرة تجعل صراخ منطقة الشمال يصل الى السماء”.
وختم بزي قائلاً: “الاكيد ان ادوات المواجهة واسلحتها وقواعد عملها يبدو انها قد تكون امام اعادة مقاربة مختلفة تماما سواء في الحسابات او فيما يسمى قواعد الاشتباك التي كانت الى حد كبير سيدة المشهد في الـ 11 شهر رغم كل النتوءات التي حصلت وعمليات الاغتيال والمجازر.. وبرأي كلمة اليوم اساسية جداً في رسم وجهة ومعالم وتفسير ما قاله السيد هاشم صفي الدين في كلمته امس عن المرحلة الجديدة وعن القساس وعن الرد الات والذي يفترض اليوم ان يكون اوضح في كلام السيد نصرالله وباعتقادي ان المقاومة ستسير على 3 خطوط متوازية: الاول هو لملمة الجراح في الداخل والتفاعل الايجابي مع هذا الموقف اللبناني الوطني الجامع الى حد كبير ووقوف مؤسسات الدولة والقطاعات الخاصة والتعاطف العام وهو يمثل ظاهرة ايجابية جداً، الثاني هو محاولة كشف الحقيقة ازاء ما جرى بشكل سريع لانه واضح “كمين استراتيجي”، الثالث هو كيفية ادارة المعركة مع العدو على ضوء ما جرى وباعتقادي المقاومة ستتعاطى خارج الانفعال مرة آخرى وبعقل بارد ستستوعب هذه الضربة وهذه الصدمة وهذا الالم لتعيد توظيفه في اطار رؤيتها ومشروعها الاستراتيجي”.