خاص المدى– جنان جوان أبي راشد
اللبنانيّون جميعاً يتألّمون، أما الألمُ الحقيقي الذي لا يمكن وصفُه فهو معاناةُ المرضى وسط المشكلة المتمثلة في ارتفاع فروقاتِ يوم الاستشفاء والعمليات الجراحية للمضمونين أو لأيٍّ من المؤَمَّنين، أو الذين يدخلون المستشفى على نفقة وزارة الصحة، أما الكارثة الأكبر فهي لدى الذين يقرّرون دخول المستشفى على نفقتهم لسبب أو لآخر.
الى جانب مرضى الامراض المستعصية، فروقات باهظة يتكبّدُها غالبية المرضى في الفترة الراهنة، أما السبب الأساسي فهو ارتفاع أسعار المستلزمات الطبية التي يحتاج استيرادُها الى موافقة مسبقة من مصرف لبنان مع الروتين والتأخير القاتلَين في هذه المرحلة، فقد تبدّلت الأوضاعُ بعدما كان المضمون يدفع 15 في المئة من الكلفة التي كانت تصل الى عدد قليل من ملايين الليرات لا يتعدّى أصابع اليد الواحدة، أما اليوم فقد بات المواطن يدفع ما بين 5 و60 مليون ليرة كفروقات من أجل اجراء عمليات عادية غير استثنائية.
ويشير عضو لجنة الصحة النيابية ومدير مستشفى الساحل النائب الدكتور فادي علامة الى حالات مرضيّة اضطرت الى تأجيل او إلغاء عمليات جراحية ضرورية جداً يمكن أن تهدد حياتهم أو تجعلهم مقعدين في حال عدم الخضوع لها، وذلك بسبب الكلفة الباهظة لاسعار هذه المستلزمات ولعدم تغطية مصرف لبنان العديد منها، موضحاً أن غالبية هذه الحالات تتعلّق بجراحة العظام، ضارباً مثلاً حيّاً شهد عليه شخصياً، ويتمثّل بتأجيل مريض موعداً لعملية تبديل ورك اصطناعي وتستوجب حالتُه إجراءَها سريعاً، وذلك لأن الفروقات التي سيتكبدها تصل الى ما بين 50 و60 مليون ليرة، مضيفاً إن مرضى آخرين ألغوا هكذا عمليات بالكامل من دون تحديد أي موعد آخر.
ويقول علامة ل”المدى” إن وكلاء المستلزمات باتوا يستوفون ثمن بضاعتهم بال ” fresh dollar” لصعوبة صرف الاعتمادات، في حين أن فروقات الاستشفاء ارتفعت كلفتها ايضاً على المرضى لأن غالبية المواد المستخدمة في المستشفيات مستوردة وبالعملة الصعبة، بما في ذلك الحقن والطعام والمواد الأولية لصناعة الأمصال، اضافة الى زيادة التقنين في التيار الكهربائي وارتفاع أسعار المازوت واللجوء الى السوق السوداء لتأمينه، في ظل صعوبة تعديل التعرفات للمستشفيات من قبل الجهات والصناديق الضامنة التي تعاني بدورها أوضاعاً صعبة جداً.
ويلفت علامة الى أنه يمكن اللجوء الى بدائل خلال إجراء بعض العمليات الجراحية بهدف التوفير على المستشفيات وجيوب المرضى، كالعودة الى تقنيات تقليدية، لكن لا يمكن تغيير بروتوكولات العلاجات بشكل جذري في غالبية الأحيان.
وتجدر الاشارة الى ان لجنة الصحة النيابية ستعقد اجتماعا ً لها غداً للبحث مع ممثلي شركات التأمين في سبب توقف تقديم الخدمات لحاملي بوالص التأمين للاستشفاء والمختبرات والسيارات وللعمل على ايجاد المخارج الآنية.
في المحصلة، الانتباه خلال المشي ضروري في خلال الانهيار الاقتصادي، ف”أوعى تتفركش” على كلّ شفة ولسان، لأن كلفة فروقات أي عملية جراحية بسيطة لكسر في اليد أو الرجل، قد تتجاوز الخمسة ملايين ليرة في أحسن الأحوال.