خاص المدى جنان جوان أبي راشد
رفعُ الدعم أو ترشيدُه شاغلُ المواطنين اللبنانيين منذ أسابيع، والاجتماعاتُ الرسمية بشأنه ستستمرّ في الايام المقبلة، ومن غير المعروف متى يُتَّخَذُ القرار، وأين سترسو الأحوال.
الارقام المتعلقة بكلفة دعم السلع عرضها الاثنين حاكمُ مصرف لبنان رياض سلامة، بشكل مفصّل، لحكومة تصريف الاعمال، فأعلن انّ الاحتياطي المتبقي هو 17 مليار و650 مليون دولار.
اما كلفة الدعم منذ كانون الثاني من العام 2020 وحتى الشهر الحالي فهي: مليار و58 مليون دولار للادوية، ملياران و78 مليون دولار للمحروقات، 129 مليون دولار للقمح، اضافة الى ما قيمته 4 مليارات و58 مليون دولار على سعر دعم السلع على ال 1500 ليرة. امّا الدعم للسلع الاستهلاكية على السعر 3900 ليرة فبلغت قيمته 406 ملايين دولار، ما مجموعه 4 مليارات و500 مليون دولار، وطلب سلامة تخفيض هذا الدعم الى النصف شهرياً.
وهنا يُطرح السؤال عن رأي الخبراء الاقتصاديين بالسلع التي يجب أن يطالَها الدعم، في حال كان لا بدّ من تجرُّع هذه الكأس المُرّة.
لا للدعم ونعم لاعادة أموال المودعين
الخبيرُ الاقتصادي ايلي يشوعي الذي أكد رفضه الدعم بالمطلق، معلناً أنه غير ذي جدوى للّبنانيين، فهناك غير لبنانيين على الاراضي اللبنانية، كما أن هناك محتكرين ومهرّبين ودولاً تستفيد منه أكثر من المواطنين اللبنانيين، دعا حاكمَ المركزي الى اعادة الدولارات المتبقية في الاحتياطي الى المصارف لتوزيعِها على المودعين ولكن تدريجاً، وذلك كي يدعم كلُّ مواطن نفسه ولتحريك الدورة الاقتصادية ، فنظرية التكافل الاجتماعي وهميّة في ظل هذه الظروف، وهذه الخطوة من شأنها الحدّ من الطلب على الدولار كما قال.
ولفت يشوعي في حديث ل”المدى” الى أننا لسنا ملزمين في هذه الحال بإقرار قانون كابيتال كونترول بشكل رسمي، إنما يمكن اعتماده بشكل غير رسمي، ورأى أن من الممكن أن يكسب اللبنانيون جراء ذلك سنة اضافية الى حين حصول الحلّ السياسي المنشود.
وأشار يشوعي الى أن قانون النقد والتسليف لا ينصّ على الزامية وجود احتياطي بالدولار، وهذا المبلغ من الاحتياطي لا جدوى له، وحاكم مصرف غير قادر على استخدامه في دعم سعر صرف الليرة. وأعلن عدم ثقته بسلامة وكيفية تصرّفه بهذا المبلغ، بعدما قام في وقت سابق بالتفريط ب52 مليار دولار هي ودائع اللبنانيين.
رفع الدعم عن المحروقات
الخبيرُ الاقتصادي جهاد الحكيّم يقول من ناحيته في حديث ل”المدى” إنه نظراً للكلفة الباهظة التي يتكبّدها لبنان لدعم المحروقات من بنزين، مازوت، ومادة الفيول أويل (زيت الوقود الثقيل) لكهرباء لبنان، والتي تشكّل ضعف كلفة دعم الادوية والسلع الغذائية، فإنه يقترح في البداية رفع الدعم عن الفيول، وبالتحديد عن كبار مستهلكي الكهرباء (ما فوق ال400 كيلوواط ساعة شهرياً)، على أن يعمد المعنيون وفي وقت لاحق الى بحث موضوع تخفيض الدعم عن المازوت والبنزين، لأننا على ابواب موسم البرد والتدفئة من جهة، ولأن رفع الدعم عن البنزين والمازوت سيرفع تلقائياً كلّ أسعار السلع والخدمات. واعتبر أن أولوية الدعم يجب أن تكون للادوية والمواد الغذائية لانها مواد أساسية يجب عدم المسّ بها.
الخبير الاقتصادي غسان شماس اعتبر بدوره في حديث ل”المدى” أن الاولوية يجب أن تكون لرفع الدعم عن المحروقات التي ترهق الموازنة، والابقاء على المازوت بهدف الحاجة اليه للتدفئة على أبواب فصل الشتاء.
وفي النهاية يبقى السؤال هل فعلاً ما زال لدى مصرف لبنان احتياطي بقيمة 17 مليار و650 مليون دولار، في وقت يعلنُ عددٌ من الخبراء ان هذا المبلغ غير متوفر نقداً بل على الورق؟!