خاص- جنان جوان أبي راشد
حوالى ثلث الدين العام للبنان بالدولار أو ما يعرف باليوروبوندز. هذا الدين يصل الى حوالى 26 مليار دولار من أصل مجموع الدين العام للبنان والذي تبلغ قيمته حوالى 85 مليار دولار، لكن لماذا استدان المسؤولون اللبنانيون بالدولار وليس بالليرة كي نصل إلى مستويات خطيرة جدًا والى مأزق في تسديد هذا الدين الذي يستحق مبلغ 1.2 مليار دولار منه في التاسع من آذار المقبل؟
الخبير المالي والاقتصادي عماد عكّوش يشرح لـ”المدى” كيف بدأت هذه الاستدانة في العام 1996 عندما لاقت حكومات الرئيس رفيق الحريري رفضاً لطلباتها المتكررة بتحرير الذهب أو تسييله لاستعماله بعمليات الاقتراض أو كضمانات للقروض لتخفيض خدمة الدين العام التي كانت مرتفعة جداً.
واشار عكوش الى ان الحدث كان حينذاك تخفيض خدمة الدين العام، لذلك وبعد رفض هذا التحرير للذهب، لجأ وزير المال السابق فؤاد السنيورة وقتذاك الى البدء بعمليات الاقتراض بالدولار لأنه يخفّض معدلات الفوائد على الدين العام، وبالتالي وبحسب عكوش قام السنيورة بـ”التحايل على الشعب اللبناني والمجلس النيابي ما أدى الى رهن الأصول اللبنانية، لانه عندما تلجأ اي دولة الى الاقتراض بالدولار سيكون هناك جزء أساسي من السندات بيد أجانب قد يلجأون الى القانون والمحاكم لضمان حقوقهم في حال حصل الإفلاس في لبنان.”
واعتبر عكوش انه ووفق ما جرى تمّ فعلياً رهن الذهب لمصلحة الدائنين الأجانب وخصوصاً أولئك الذين يحملون جنسيات فاعلة كالجنسية الاميركية وأن جزءاً كبيراً من هذا المعدن موجود في البنك الفدرالي الاميركي. ورأى ان الدين في العام 1996 كان حوالى 4 مليارات دولار وكان يمكن ايجاد الحلول حينها، الا ان الاقتراض كان سهلاً، وخصوصا ان البعض كان يأمل بالسلام في المنطقة وبما كان يُعرف حينها بـ”الربيع العربي”.
واكد عكوش أن الخطأ القاتل في السياسات المالية والنقدية كان في اعتماد البنك المركزي سياسة تثبيت سعر صرف الليرة مقابل الدولار ورفع الفوائد في الوقت عينه، وهو أمر غير معتمد في أي من دول العالم، لأنه ووفق ذلك يُمنح الدائنون فوائد عالية وفي الوقت ذاته ضمانات بعدم تحميلهم المخاطر من خلال تثبيت سعر الصرف.
الدين العام تطوّر منذ العام 1992، لكننا بدأنا الدخول في دائرة الخطر منذ لحظة بدء الاستدانة بالدولار في العام 1996 لان الاستدانة بالعملات الاجنبية تختلف عن الاستدانة بالليرة من دائنين محليين، فأي أصول للدولة اللبنانية (ممتلكات ملموسة أو غير ملموسة ملائمة لسداد الديون) قد تصبح عرضة للرهن من الدائنين الخارجيين.