رندلى جبور – خاص المدى
بعد فضيحة الفيول المغشوش، والذي أظهر تورطاً لشركات وأسماء كبيرة محمية سياسياً، هبّ البعض لشنّ حملات على وزراء الطاقة السابقين من التيار الوطني الحر لتحميلهم المسؤولية هروباً من الاتهامات والملفات الدسمة.
وصوت المدى تسرد القصة تاريخياً حرصاً منها على الحقيقة كالتالي:
تم توقيع عقود استيراد الفيول أويل والغاز أويل من الكويت والجزائر في تشرين الثاني 2005 في حكومة فؤاد السنيورة وكان حينها محمد فنيش وزيراً للطاقة.
ويتم تجديد هذه العقود كل ثلاث سنوات من قبل مجلس الوزراء.
ومنذ اللحظة الاولى لاستلامهم وزارة الطاقة، أثار وزراء التيار الوطني الحر موضوع الشروط غير الملائمة وارتفاع العلاوة في استيراد الفيول وكان الجواب دائماً: “هذا ثمن الأمن الطاقوي وهذه شركات نفط وطنية مدعومة من دول عربية شقيقة”.
في العام 2011، وقبل موعد التجديد التلقائي للعقود، رفع الوزير جبران باسيل إلى مجلس الوزراء طلب إجراء مناقصات لتحسين الشروط والأسعار لصالح الدولة اللبنانية. فأتى قرار مجلس الوزراء تجديد العقود بعكس ما يطالب به وزراء التيار وهذا ما كان يتكرر في كل مرة.
بعدها، تألفت لجنة من وزارتي الطاقة والمال ومؤسسة كهرباء لبنان ومصرف لبنان من أجل وضع دفتر شروط جديد، وعندما شارفت على الانتهاء من عملها، تغيّبت وزارة المال ولم توافق ولم تعطِ ملاحظات وما عادت تجيب على مراسلات وزارة الطاقة.
في العام 2014، أصبح علي حسن خليل وزيراً للمال وبادر بالقول في مجلس الوزراء وفي الإعلام إن وزارة الطاقة لم تنفذ قرار مجلس الوزراء. فردت وزارة الطاقة بشخص مستشارها آنذاك سيزار أبي خليل قائلةً إن دفتر الشروط ينتظر موافقة وزارة المال منذ سنة 2012 وكشفت المراسلات، ما أدى إلى إعادة إحياء اللجنة التي أوجدت الشروط.
وأيضاً في العام 2014، رفع الوزير أرتور نظاريان دفتر الشروط إلى مجلس الوزراء لتتم الموافقة عليه، وضرب يومها الوزير نبيل دو فريج يده على الطاولة معلناً فيتو رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة على هذه المناقصة التي تهدد أمن لبنان الطاقوي وتسيء إلى علاقاته مع الكويت والجزائر.
في العام 2017، رفع وزير الطاقة سيزار أبي خليل الموضوع نفسه إلى مجلس الوزراء وكان الجواب نفسه: العلاقات مع الكويت والجزائر، وأمن لبنان الطاقوي، وعدم العودة إلى الشركات التجارية غير الوطنية المدعومة من دولها. وبعد إصرار أبي خليل، قرر مجلس الوزراء في 2-11-2017 التجديد للعقود والموافقة على إجراء مناقصة على هامش الكميات بين الملحوظ ككمية دنيا وكمية قصوى في العقود على أساس أنّ تعدد المصادر يزيد الأمن والمناعة الطاقويين ويمنحنا سبيلاً لتحسين الشروط والأسعار مع الإخوة العرب.
تم إرسال دفتر الشروط إلى إدارة المناقصات التي امتنعت عن إجراء المناقصة متحججةً تارةً بعدم وجود موازنة قبل 29-3-2018، وطوراً بوجود عقود وبأن سلفة الكهرباء المخصصة لشراء الفيول محجوزة لهذه العقود، إلى أن أصبحت الحكومة تصرّف الأعمال بعد الانتخابات النيابية.
وفي أوائل سنة 2019، تابعت وزيرة الطاقة ندى البستاني موضوع المناقصة مع إدارة المناقصات وكانت الحجج تتكرر لعدم إجرائها متلطين تارةً بتأخر الموازنة وطوراً بعدم توافر الاعتمادات.
ومنذ فترة، التيار الوطني الحر هو الذي تقدّم بإخبار إلى القضاء بواسطة المحامي وديع عقل، فهل يمكن أن يقدّم طرف ما إخباراً إذا كان متورطاً؟ أم أن التوقيفات وانكشاف المتورطين الحقيقيين ومن يحميهم، أخرج الحماة عن طورهم فبدأوا بإلقاء التهم هنا وهناك.
على كل حال، هذا سرد موثّق بالمحاضر، ويمكن لكل مشكك أن يعود إلى المكتوب بالتواريخ والمواقف، وبالمطالبات المتكررة لوزراء التيار الوطني الحر ورفضها بحجة أمن الطاقة والعلاقات مع الدول العربية.