رندلى جبور- خاص “المدى”
هي ليست الجولة الاولى من الحرب ولن تكون الاخيرة بين أرمينيا وأذربيجان، والعنوان: إقليم ناغورني كاراباخ الملاصق للحدود الارمينية والذي يبتعد 170 ميلاً عن العاصمة الاذرية باكو. هذا الاقليم المتنازع عليه على الحدود بين الدولتين، يعود الصراع فيه وعليه إلى مئة عام وتحديداً إلى ال1918 تاريخ استقلال دول أرمينيا وأذربيجان وجورجيا.
مذذاك بدأت جولات الحرب. وشهد الاقليم الذي يحتضن غالبية أرمنية تصل إلى 95% عملية تطهير عرقي في العام 1920 من قبل أذربيجان التي تضمّ أكثرية شيعية هي اليوم صديقة لإسرائيل وليس لإيران. وفي العام 1921 ألحقت السلطات السوفييتية هذا الاقليم المسمّى باللغة الارمينية أرتساخ بأذربيجان مع حكم ذاتي وسط اعتراض الدولة الارمينية، إلى أن أعلن انفصاله عن أذربيجان واستقلاله غير المعترف به دولياً، مع انهيار الاتحاد السوفياتي في العام 1991 وبعد رغبة من المجلس التشريعي في كاراباخ بنقل الاقليم إلى أرمينيا وهو ما رفضته أذربيجان المحكومة منذ بداية التسعينات من قبل عائلة واحدة هي علييف.
الاستقلال دفع ثمنه ثلاثين ألف قتيل وعشرات آلاف المشردين في حرب ضروس، هدّأها اتفاق وقف إطلاق النار في العام 1994. ولكن وقف إطلاق النار لم يصل يوماً إلى معاهدة سلام.
الاشتباكات الدامية عادت في العام 2016 بين أرمينيا وأذربيجان على أرض الاقليم لاربعة أيام، وعاودت في تموز من العام الجاري، والتهبت منذ حوالى الثلاثة أيام، وتشهد أرض كاراباخ معارك قاسية أدت إلى سقوط عشرات القتلى حتى الان.
هذه الحرب في المنطقة الانفصالية الواقعة على مفترق طرق رئيسي بين أوروبا الشرقية وآسيا الغربية ليست حرب حدود وحسب، بل تدخل في الصراعات الاستراتيجية الاقليمية والدولية وخصوصاً المتعلقة بالنفط والغاز بحيث يشكل كاراباخ نقطة أساسية لنقل النفط والغاز لثلات دول منتجة هي روسيا وإيران وأذربيجان، ولثلاث دول تعتمد على واردات الغاز هي ارمينيا وجورجيا وتركيا.
ولعل الغرابة في هذا الصراع على كاراباخ أن تركيا السنية تستجلب تكفيريين من سوريا لتدعم أذربيجان الشيعية التي تكنّ وداً لإسرائيل عدوّة العرب في مواجهة ارمينيا الأرمنية التي تميل إليها إيران الشيعية وتلقى دعماً من روسيا ذات الغالبية الاورثوذكسية، وحلّوها إذا فيكن.
يبدو أن صراع المصالح هو الاساس ولو لبست الصراعات ملابس الدين والطائفية والمذهبية أحياناً.