خاص المدى – جنان جوان أبي راشد
العالم ما بعد كورونا لن يكون كما قبله وعلى كل الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، لكنّ التداعيات الأخطر ربما ستكون على السلوك الانساني على صعيد الفرد والجماعات بعد فترة طويلة من التباعد الاجتماعي.
الاختصاصي في علم النفس العيادي الدكتور نبيل خوري الذي يؤكد ان العالم تغيّر كثيراً مع انتشار المرض ويشدد على وجود خطورة نفسية كبيرة على الناس، يشير في الوقت عينه في حديثه لـ”المدى” الى ان الطبيعة البشرية لديها قدرة على التأقلم ولديها ايضا قدرة على التغيّر، وبالتالي سنعود الى عاداتنا في المصافحة والعناق واحتضان بعضنا البعض كما يقول.
ويرى الدكتور خوري ان ما يحرّك البشر هي الاحاسيس الايجابية، ولذلك فإن الانسان سيتمكّن ولكن بعد مرور فترة زمنية لا بأس بها من تخطي عادة التباعد، فالناس ستعود الى عاداتها وتقاليدها فور اقتناعها بجدوى اللقاح وتحقيق المناعة ضدّ الفيروس، وذلك بعد مرحلة توزيعه في العالم وعند شعورها بالأمان، أما اذا تأخر اللقاح فإن العودة الى عاداتنا ستستلزم المزيد من الوقت بعد تراجع حدّة الوباء بحسب خوري.
ويوضح الاختصاصي في علم النفس العيادي أن معاناتنا من حالات القلق والخوف والاحباط والاكتئاب والحزن على من فقدنا بسبب كورونا، تتراكم يوماً بعد يوم خلال الحجر الصحي، بما سيؤدي الى حالة من التعب والوهن في نظامنا العصبي.
التداعيات الاقتصادية والمعيشية وتصاعد الأنانيات بعد انتهاء جائحة كورونا، ستؤثر على البشرية عامة وعلى اللبنانيين خاصة لأن ظروف لبنان الاقتصادية والمعيشية مختلفة، يقول خوري موجهاً سلسلة نصائح وقائية لمواجهة الأسوأ، ومعتبرا أن الصبر هو مفتاح الفرج. ودعا العائلات الى الاهتمام بأمور “أساسية ومهمّة ومنتجة”، فيمكن للأمهات والآباء مثلاً تفعيل الدور العائلي وتمضية وقت مهمّ مع أولادهم ومساعدتهم في الدراسة عن بُعد، تلك العملية التي تؤدي ايضا الى ضغوط عصبية عند التلامذة والطلاب. كما ينصح خوري بمتابعة برامج مسلّية ومضحكة، داعياً الأمهات الى التلهّي بالطهي والآباء الى المساهمة في الأعمال والأنشطة المنزلية. ويشدد خوري على أهمية اقتناع الفرد بأن “كورونا هي مصيبة عالمية ولسنا وحدنا من نعاني منها”.
الصحة النفسيّة للبنانيّين على المحك، ليس فقط بفعل القلق من وباء شرس بل تضاف اليه التحدياتُ المعيشية اليومية، ولكن لا مناص من الصبر علّه يكون مفتاح الفرج.