خاص “المدى”- رندلى جبور
تنفّس اللبنانيون الصعداء مع فتح الجيش اللبناني الطرقات التي كانت مقفلة بأمرٍ حزبي بعد أسرٍ للمواطنين دام حوالى الاسبوعين، وتنفّسوا أكثر حين بدأ الضغط بالاتجاه الصحيح، أي التظاهر أمام بعض الادارات والمؤسسات العامة التي قد تكون شريكة بالفساد أو مكاناً مناسباً لدعم معركة الاصلاح. ولكنّ مشهداً مثيراً للريبة دخل على خط “الثورة” وهو الاستغلال الحزبي لطلاب المدارس والجامعات، وإجبارهم على المشاركة في التحركات وإقفال الصفوف. ونقول “مثير للريبة” لأن المعلومات المتوافرة بين أيدينا تستحق الوقوف عندها وطرح الأسئلة في شأنها.
فلنبدأ أولاً مما أكده مصدر عسكري عن توافر أدلّة عن وقوف مجموعات حزبية وراء تحرّكات الطلاب في التظاهرات ما أثار شكاوى لدى الأهالي والإدارات والأساتذة، وهذا ما دفع الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية إلى إصدار بيان هام دعت فيه الطلاب الذين يريدون التظاهر، إلى أن يتوجهوا مباشرة من منازلهم إلى مكان التظاهر على أن يبلّغ الاهل الادارة عن تغيّب أولادهم وتحمّل مسؤولية الدروس المعطاة في فترة غيابهم.
وهذه الاشارة إن دلّت على شيء، فعلى أن الأولاد يرتدون الزيّ المدرسيّ ويحملون حقيبتهم ويخرجون من المنزل على أساس أنهم ذاهبون إلى المدرسة، فيأتي من يتلاعب بعواطفهم ويغريهم بالتعطيل وهو إغراء أخّاذ للطلاب، الذين لم يكوّنوا وعيهم الوطني والسياسي الكامل ليفهموا حقيقة ما يجري وليبنوا قناعاتهم الحقيقية بعيداً عمّن يستغلّهم. لا بل أكثر من ذلك، فإننا نعرف أسماء المسؤولين القواتيين والكتائبيين الذين يديرون لعبة تعطيل المدارس وجرّ الطلاب إلى ثورة على قياسٍ ميليشياوي. ومن هذه الأسماء، يورغو الياس سعادة الكتائبي العاطل من العمل، وهو لا علاقة له بالعلم وهو موكل بتوجيه الطلاب وحرفهم عن المدرسة والتعليم. وسجيع الياس الدكاش القواتي وهو قريب النائب شوقي الدكاش وكان مسؤولاً خلال فترة قطع الطرقات عن أوتوستراد العقيبة، وصارت مهمّته اليوم إدارة حركة الضغط على المدارس والتلاعب بمشاعر الطلاب لجرّهم إلى “الثورة”. وحنا عساكر القواتي الذي يدير قسماً من طلاب المدارس في جونية. وفيليب سيف الكتائبي الذي يحرّض على المدارس وإداراتها ويهددهم بأن “حسابن معنا ونحن منعرف كيف نحاسبن” إذا ما فتحوا أبواب المدارس للتعليم. ونذكر أيضاً سرجيو نخول المسؤول عن خلية القوات في مدرسة القرطباوي الذي يدير قسماً من الطلاب الذين يتحرّكون أمام مصرف لبنان في جونية واللائحة تطول.
ولعلّ أكثر ما يثير الريبة هو إدخال الطلاب إلى مجموعات واتساب فيها رقم تركي هو (+905357220183) وهذا الرقم خاص بإسم إسرائيلي، يوجّه الطلاب ويدعوهم إلى المشاركة بالتحركات وإقفال المدارس، وينقل زوراً عن مديري المدارس أن “لا مدرسة غدا”.
إن المكان السليم للطلاب هو المدرسة لا الشارع، وخصوصاً إذا كانوا منساقين إلى ما لا يعرفون بخصوصه شيئاً، وإذا كانوا يؤخذون كدروع لتنفيذ أجندات سياسية للقوات والكتائب وغيرها من الأحزاب.
ولا نريد المبالغة ولكن من المفيد أن نلفت إلى أنه في بعض دول العالم التي عاشت الثورات الملّونة، استُخدم الطلاب كدروع، وأرسل قناصة إلى التحركات الطالبية التي كانت تجري خارج المدارس في لعبة مقرفة لتحريك المشاعر والغرائز واتهام الدولة أو القوى الامنية بالاعتداء، وهذا ليس الحقيقة.
هو تنبيه للجميع، خصوصاً أن مشاهد الطلاب كما نراها على الشاشات، تذكّر من عايشوا الحرب اللبنانية ببداياتها في العام 1975.
فإلى وزير التربية، مكان الطلاب هو المدارس ومهمتهم التعلّم لا أن يكونواً وقوداً في “ثورة” لا نعرف كل خفاياها.
وإلى مديري المدارس، قوّوا قلوبكم وافتحوا المدارس للتعليم ولا تخضعوا لابتزازات تشوّه صورتكم فقط لإحراجكم.
وإلى الأهل، لا تضحّوا بأولادكم في لعبة مشبوهة وانتفضوا على وجودهم خارج الصفوف.
وإلى الطلاب، الوطن ينتظركم لتشاركوا في بنائه، ولكن يجب أن تتعلّموا أولاً وتتثقفوا لتكونوا بناة الوطن الحقيقيين، لا أبناء الميليشيات!