خاص المدى – جنان جوان أبي راشد
عشية عيدَي الميلاد ورأس السنة، الأزمةُ الاقتصادية تستفحلُ مع ارتفاع سعر الدولار، وعندما تدخل سوبرماركت تُلاحظ أن ربّاتِ البيوت حائرات حول كيفية تدبُّر أمورهنّ لشراء ما يلزم لتحضير عشاء وغداء العيد، فما يجري في لبنان ليس انعداماً للقدرة الشرائية إنما هو إعدامٌ لها.
تكلفةُ مائدة العيد ستكون هذا العام في لبنان “خيالية”، وسط غلاء الأسعار، والكثير من اللبنانيين سيكونون غير قادرين على تضمين موائد العيد اللحوم الحمراء بسبب ارتفاع أسعارها، وفي حال حلّت هذه اللحوم على مائدةٍ ما، فستكون بكمية محدودة جداً، إذ لا ولائم للعائلة الكبيرة والاقارب والاصدقاء هذه السنة على ما يبدو، وسيقتصر العشاء والغداء على أفراد الأسرة فقط بحسب كل المؤشرات.
في إحدى مناطق جونيه المصنّفة مقتدرة نوعاً ما، يقول أحد اللّحامين: “تَراجَعَ مبيعُ اللحوم الحمراء أكثر من 50 في المئة منذ بداية الأزمة، واللافت أننا نشهد المزيد من التراجع في المبيع حالياً خلال فترة الاعياد، فعلى الرغم من كل الظروف التي مرّ بها البلد لم أشهد مثيلاً لهذه الازمة منذ بداية عملي في هذه المهنة منذ 25 عاماً، فأصحاب الملاحم والزبائن يعانون في الوقت نفسه”، ويضيف: “الطلبيات محدودة جداً حالياً رغم اقتراب الأعياد، والزبائن الذين كانوا يشترون أصنافاً متعددة من اللحوم أكانت نيئة أو مطبوخة وبكميات كبيرة جداً لتحضير ولائم في منازلهم، باتوا اليوم يطلبون كمية محدودة جداً لتكون كافية للعائلة الصغيرة فقط”، ويتابع: “هناك زبائن غابوا بالكامل وبعضهم يتردّدون الى الملحمة نادراً جداً، نحن نتكبّد الخسائر لنحافظ على مصدر رزقنا، وذلك بسبب ارتفاع كلفة اشتراك المولّدات، فقد وصلت الفاتورة الى 12 مليون ليرة في الشهر المنصرم على الرغم من كل محاولاتي لناحية التوفير في مصروف التيار الكهربائي، اضافة الى ارتفاع سعر النايلون واليد العاملة”، وختم: “نأسف لأن اللحم بات حكراً على الاغنياء في لبنان”.
في المناطق اللبنانية حيث الطبقة المتوسطة التي اضمحلّت تقريباً، انخفض مبيع اللحوم الى أكثر من 70 في المئة.
أما الوضع الكارثي فهو في الأرياف التي لم تكن تعاني في الفترة السابقة من الفقر، لكنّ انخفاض مبيع اللحوم الحمراء بدا لافتاً فيها، فقد وصل في بعضها الى أكثر من 90 بالمئة، وقد شهدت مناطق عدة موجة اقفالٍ لعدد من الملاحم.
في قرية في الشمال تبعد عن الساحل حوالى 19 كيلومتراً، حيث غالبية الاستهلاك من لحم الماعز يقول أحد اللّحامين: “كنا نذبح أسبوعياً ما بين 10 و 15 رأساً من الماعز، أما اليوم فالذبح أسبوعياً لا يتعدّى في أحسن الأحوال رأسَين (اثنين) أو 3 رؤوس من الماعز، أما لناحية لحم العجل، فلا يمكننا أن نبيع أكثر من عجل واحد خلال شهر بكامله، فيما كنّا نبيع هذه الكمية خلال أسبوع أو أسبوعين، ونحن نذبح وفق الطلبيات”، لافتاً الى أن “لا تحسّن يُذكر بعد في المبيع قبيل حلول فترة الاعياد”.
أما عن الأسعار المتحرّكة مع كل تحرّكٍ للدولار والمرشّحة للارتفاع، فهي حالياً كالتالي:
– كيلو لحم العجل يتراوح بين 220 و 240 ألف ليرة
– كيلو شهباية عجل حوالى 240 الفاً
– كيلو بفتاك فوفيليه عجل 300 الفاً
– كيلو لحم الغنم حوالى 350 ألف ليرة.
في غياب أي انفراج مالي أو اقتصادي، ستفتقد مائدةُ العيد هذا العام الأطباقَ الفاخرة من اللحوم وغيرِها، وستكون بسيطة جداً من ناحية الكمية ولا ترف فيها، وربما ستغيب عنها أبسط الأساسيات.