خاص المدى- جنان جوان ابي راشد
الهوّة بين مستوى الرواتب والأجور من ناحية، ومستوى تكلفة المعيشة والتقديمات الإجتماعية من ناحية اخرى باتت كبيرة جدا، فقد انخفضت القوة الشرائية بنسبة تزيد عن الـ300%.
في هذا الوقت، اعلنت وزيرة العمل لميا يمين الاربعاء أنّنا بحاجة الى أن يكون هناك تصحيح للأجور، ودعت الى تشكيل لجنة مؤشر الغلاء للبحث في ضرورة تصحيح الأجور ولو على مراحل عدّة.
هل حقاً هناك إمكان لتصحيح الأجور في القطاعين العام والخاص، وخصوصا أنّ ما أدّت اليه الزيادة في سلسلة الرتب والرواتب ما زال ماثلاً في الأذهان، وهل القطاع الخاص قادر بدوره على تحمّل تبعاتها؟
الخبير المالي والاقتصادي غسان شماس يؤكد ضرورة تصحيح الأجور بشكل مرحلي وبسرعة قبل تصاعد الازمة الاقتصادية مع فتح المدارس أبوابها لأن سياسة دعم السلع غير مجدية، الا أن شماس يؤكد أن العملية معقدة على صعيد التطبيق وأن تدرسه لجنةُ مؤشر الغلاء أمر غير كاف. وأشار الى انه يمكن أن يقتدي لبنان بتجربة تشيلي التي أنشأت “وحدة اقتصادية” لعملة افتراضية virtuel وكأنها عملة غير موجودة، ويتم التسعير من خلالها يومياً، الا أن شماس استطرد قائلا إنه لا يمكن للبنان اعتماد هكذا “وحدة اقتصادية” في ظل غياب سعر صرف ثابت ومستقرّ للدولار حالياً.
وتابع شماس مؤكداً أن على الحكومة أن تسعى جدياً الى البحث عن كيفية زيادة الرواتب والأجور في القطاعين العام والخاص لأن الوقت يدهمنا، والأزمة المعيشية ستتفاقم مع فتح المدارس أبوابها، والهدف هو أن يستطيع المواطنون تأمين حاجاتهم الاساسية، بما يساهم في تحقيق الأمن الاجتماعي لتأثير عدم الاستقرار على الامن، الا أنه أبدى تخوّفه في الوقت عينه من ارتفاع التضخّم بشكل مفرط والذي ينعكس ارتفاعاً إضافياً في سعر صرف الدولار وعدم قدرة على السيطرة عليه، منتقداً طبع مصرف لبنان منذ تشرين الثاني الماضي 20 تريليون ليرة.
في المقابل، يرفض الخبير المالي والاقتصادي جهاد الحكيّم رفضاً قاطعاً أي زيادة على الرواتب والاجور في ظل غياب الثقة ووسط الظروف السياسية والاقتصادية الحالية، ويؤكد أنه لا يجوز طبع العملة الوطنية مع غياب أي نموّ واستقرار، بما يؤدي الى مزيد من فقدان قيمة الليرة. ويضيف: عندها ندخل في دوّامة إلغاء الأصفار تباعاً، بينما المطلوب الحدّ من الكميات الكبيرة من الليرة الموجودة حالياً في السوق والتضخم المتزايد.
ويشدد الحكيّم على أنه ليس ضدّ مبدأ تصحيح الأجور، لكنّ ذلك يجب أن يتمّ بعد تأمين استعادة الثقة بالمؤسسات المالية والنمو الاقتصادي.
في ظل ارتفاع سعر الدولار وتراجع القدرة الشرائية وأزمة السيولة وكورونا وازدياد البطالة، يرزح المواطن اللبناني تحت أعباء ثقيلة بما يهدّد الأمن الاجتماعي ويتطلّب معالجات سريعة وسط التخبّط الحكومي في حلقة مفرغة.