جنان جوان ابي راشد – خاص “المدى”
قنابل عديدة أطلقها رئيسُ الهيئة الوطنية “الصحة حق وكرامة ” النائب السابق اسماعيل سكرية في حديث ل “المدى”، وأبرزها أن منظمة الصحة العالمية متورّطة في فساد ملف تسعير الدواء في لبنان، وان المكون الاساسي لبعض الادوية الوطنية “مضروب”، وأن رفض السلطات اللبنانية العرض السويدي فَوَّت على لبنان وفراً قدره 50% من فاتورة ادوية الامراض السرطانية.
فقبيل التئام الاجتماع الذي يبحث في خلاله المعنيّون رفعَ الدعم عن الدواء من عدمه أو رفع الدعم عن عدد من الادوية، غرّد سكرية الذي حَمَل ملف الدواء طيلة مسيرته السياسية والطبية، معتبراً أن “مَن سَبَّبَ وشارك في الوصول إلى المأزق الدوائي لن يستطيع تقديم الحلول، متحدياً وغامزاً ايضا من قناة الارباح غير الشرعية لتجار الادوية والتي تفوق عشرة مليارات دولار منذ العام 1996 وحتى العام 2019، كما غمز من قناة تغييب المختبر المركزي.
لكن أين هي مكامن الهدر والفساد في هذا الملف؟ ما هي هذه السياسة الدوائية المعتمدة في لبنان التي يعلن المعنيون بالقطاع ان تغييرَها بحاجة الى سنوات، كلما توجّه اليهم صحافي بسؤال عن اهمية اعتماد الجينيريك، أو الجينيريك المصنّع محلياً، أو الادوية المحلية الصنع بدلاً من الادوية الbrand؟
وصلنا الى الانتحار الكبير
سكرية يجيب عن هذه الاسئلة في حديثه ل”المدى”، مشيراً الى ان لا سياسة دوائية مطبّقة في لبنان تتحدث عمّا يحتاجه اللبنانيون وبالاسعار المنطقية منذ التسعينات. وتحدث عن المشاكل والحلول لملف الدواء وعن تراكم الفساد فيه، قائلاَ اننا وصلنا الى الانتحار الكبير وقد بات من الصعب ايجاد الحلول، لافتاَ الى مشكلتَي تسعير الدواء ونوعيّته.
فلتان التسعير
وقال سكرية انه ومنذ التسعينات أزاح وزراء الصحة المتعاقبون جانباً مادةً من قانون مزاولة مهنة الصيدلة تُلزم أي مستورد ادوية بالاستحصال على شهادة سعر بلد منشأ كل دواء، لتتم بعد ذلك زيادة الأرباح الشرعية عليه، ولكي تكون الارباح واضحة ولا لُبس فيها. واعتبر أن هذا الأمر جرى بالتواطؤ بين وزارة الصحة والمستوردين والسياسيين، وبالتالي تُرك الأمر ل”شطارة التواطؤ” بين تاجر الدواء والمصانع في دول الخارج والادارة الصحية في لبنان، معلناً ان التسعير كان يصل في بعض الاحيان الى 5 أضعاف السعر المنطقي للدواء.
ووصف تذرّع المستوردين باعتماد معدّل اسعار للدواء المستورد يستند الى المقارنة مع أسعار حوالى 14 دولة مجاورة، بالكذب والدجل. وسأل كيف تمّ اذاً بعد ذلك تخفيضُ عدد كبير من الادوية 3 أو 4 أضعاف؟ وأعلن ان “منظمة الصحة العالمية غير مبالية بهذا الامر، لا بل هي تتشارك الفساد معهم”.
وعن الحلول الممكنة التي استبعدها، اشار سكرية الى ضرورة اعتماد “لائحة أساس للدواء” وضرب الاحتكار وتفعيل المختبر المركزي الذي في غيابه من غير العادل ظلم الدواء اللبناني.
المكوّن الاساسي لبعض الأدوية الوطنية “مضروب”
سكرية الذي يوافق على أن هناك مؤامرة “مافيويّة” أبطالُها سياسيّون ومن خلفهم مستوردو الادوية لتغييب المختبر المركزي بما يطيح بالثقة بجودة الدواء اللبناني، يعتبر أن المختبر المركزي في لبنان هو اساس لصناعة الدواء في البلد، ويوضح أن هناك بعض الادوية الوطنية المكوّن الاساسي فيها “مضروب”.
وقال ان ما يحزنني هو أن لا دولة خليجية وافقت على استيراد الدواء اللبناني، لافتاً الى وجود أدوية لبنانية ذات جودة عالية و”عظيمة”، فيما هناك في الوقت عينه أدوية غير مكتملة الفاعلية، وأدوية نقاوة تركيبتها غير كاملة، والبعض الآخر من الادوية المكوّن الاساسي فيها “مضروب” كما قال، موضحاً أن لجوء بعض الدول الاوروبية الى تصنيع أدويتها في لبنان أمرٌ مختلف.
50% من الأدوية في السوق اللبناني لا حاجة له
ويوضح سكرية أن 50% من الأدوية، منها مستورد ومنها محلي في السوق اللبناني لا حاجة علاجية له، ورأى أن الفيتامينات والمتممات الغذائية هي مجرد “تجليطة” ودعمها لا حاجة له، مؤكداً أن الدعم للادوية يجب أن يتم بعد اعتماد “لائحة أساس للدواء” للامراض الاساسية، ومعتبراً أنه يمكن تخفيض عدد الادوية من 5600 دواء موجودة في السوق المحلي، ففي اوائل التسعينات تم التوصل الى لائحة من 290 دواء فقط كما قال.
عرض السويد يوفّر 50%
ولفت سكرية الى أن السويد تقدّمت منذ حوالى 15 عاماً بعرض يسمح باستيراد ادوية الامراض السرطانية من دولة الى دولة ومن دون وسيط، وكرّرت عرضها بعد ذلك الا انه رُفض مجدداً، علماً أنه كان سيوفّر 50% من فاتورة هذه الادوية التي وصلت قيمتها في العام الماضي الى حوالى 400 مليون دولار.