خاص المدى جنان جوان أبي راشد
اتفاقات السلام والتطبيع مع اسرائيل، وتصاعد الصدام بين الغرب وكلّ من ايران وتركيا الى مستويات عالية جداً، أبرز الاحداث العربية والاقليمية في العام 2020.
فخلال العام المذكور، كانت المنطقة على فوهة بركان، فأعادت الولايات المتحدة تحريك حاملة طائراتها مع سفن حربية الى مياه الخليج، ووقعت حوادث عدة في البحر الاحمر. وأطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو صفقة القرن، بحضور سفراء سلطنة عمان والبحرين والإمارات وسط استنكاراتٍ عربيَّة وإسلاميَّة ودوليَّة، ورفض فلسطيني. واعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن ضمَّ غور الأردن وشمال البحر الميت وفرض السيادة على المستوطنات في الضفة، يكون بالتنسيق مع الولايات المتحدة وليس مرتبطًا بموافقة الفلسطينيين.
بدايةً، كانت معاهدةُ سلامٍ لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات والبحرين، ثم اعلن السودان وإسرائيل عن اتفاق مبدئي لتطبيع العلاقات، ألغت بعدها الولايات المتحدة تصنيف السودان دولة راعية للارهاب. وقامت المغرب بدورها بالتوقيع على اتفاق لإقامة علاقات بينها وبين اسرائيل، وبعد زيارة وفد اميركي واسرائيلي المغرب قبيل نهاية السنة، دعا نتنياهو ملك المغرب محمد السادس إلى زيارة الأراضي المحتلة. وافتتحت الولاياتُ المتحدة قنصلية لها في الصحراء الغربية، وذلك عقب اعلانٍ اميركي اعتبر ان اقامة دولة مستقلة في الصحراء الغربية من قبل جبهة البوليساريو أمر غير واقعي.
سلطنة عمان التي زارها نتنياهو في العام 2018 رحّبت باتفاقات السلام المعقودة خلال 2020، وفي حين توقّعت اسرائيل اتفاقاً قريباً مع السلطنة، توقعت ايضاً اتفاقاً مع السعودية التي سمحت بمرور الطيران الاسرائيلي المدني في اجوائها باتجاه الامارات والبحرين.
ايران
في ما يتعلق بإيران، تصاعد التوتر بشكل لافت بينها وبين الولايات المتحدة، وتواصل فرضُ العقوبات الاميركية على طهران ومصارفِها، واستحوذ موضوع العودة الى الاتفاق النووي الايراني من عدمها على التصريحات الدولية. فكانت مصادقة مجلس صيانة الدستور الايراني على قانون الغاء الالتزامات النووية، وسُجل قلقٌ غربي وتوترٌ لعزم ايران تركيب سلاسل اضافية من اجهزة الطرد المركزي.
وكان لمقتل قائد فيلق القدس الايراني قاسم سليماني في غارة اميركية وقعٌ كبير، اما الردّ الايراني فكان محدودا على مواقع أميركية وقاعدتين جويتين للولايات المتحدة في العراق حيث قتل سليماني مع نائب قائد الحشد الشعبي العراقي ابو مهدي المهندس.
كما تمّ اغتيال العالم النووي الايراني محسن فخري زاده، واتهم مسؤولون ايرانيون اسرائيل باغتيال هذا العالم الذي وصف بأنه “أب القنبلة النووية”. كما اغتيل القائد في الحرس الثوري مسلم مشهدان بطائرة مسيّرة على الحدود مع سوريا.
170 شخصاً لقوا مصرعَهم بسقوط طائرة مدنية اوكرانية بعيد اقلاعها من طهران الى كييف، وقد اعترفت طهران فيما بعد باسقاطها عن طريق الخطأ.
وخلال العام اندلعت حرائق كبيرة لاسباب مبهمة في ايران منها انفجار او حريق في منشأة نطنز النووية.
العراق
في العراق، عملية اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس بغارة أميركية شكّلت أكبر تحدّ أمني وسياسي في البلاد، حيث قام البرلمان العراقي بالتصويت على إثرها على قرار بسحب القوات الأميركية من البلاد. بعدها انتقل العراق إلى مرحلة تصعيد متواصلة بين الحشد الشعبي العراقي وإيران من جهة، والولايات المتحدة من جهة ثانية.
المخاطر الأمنية المتسارعة عجّلت باختيار مصطفى الكاظمي رئيساً للحكومة، الذي حدد انتخابات مبكرة في حزيران من العام 2021 في ظل حركة احتجاج شعبية واسعة على الفساد. وشهدت البلاد صدامات دامية بين المتظاهرين والقوى الامنية العراقية مرات عديدة. كما حصلت صدامات دامية مع تيار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر.
التحالف الدولي بالتنسيق مع قيادة العمليات العراقية المشتركة واصل ضرب داعش، الذي استمر في هجماته في عدد من المناطق، حيث قَتل خلال شهر رمضان عددا من رجال الامن والمدنيين.
وخلال 2020 اشتدت الأزمة المالية والاقتصادية وانخفضت قيمة الدينار مقابل الدولار، وارتفعت الأسعار. وبعد توقيف قيادييها المعتقل لدى السلطات بتهمة إطلاق صواريخ على السفارة الأمريكية في نهاية 2020، اعلنت “عصائب أهل الحق” العراقية “تأهبها” لـ”المواجهة” وساد توتر كبير مع رئيس الحكومة.
سوريا
في سوريا، لا تزال تداعيات الحرب فيها ماثلة. واستمرت الغارات الاسرائيلية على مناطق سورية واستهدفت بحسب تل ابيب انظمة وقوات تابعة لحزب الله وايران. واستمرت المعارك وعدم الاستقرار شمال شرقي سوريا حيث قتل عدد من الجنود الاتراك.
وفُرضت على سوريا عقوباتٌ منها “قانون قيصر” واستهدفت في آخر العام البنك المركزي وعقيلةَ الرئيس السوري بشار الاسد ونجلَه. وانعكست العقوباتُ اقتصادياً، فانهارت العملةُ أمام الدولار وارتفعت الاسعارُ وسط نقصٍ في السلع الاساسية. واندلعت الحرائق في محافظات عدة وأتت على الأخضر واليابس.
سياسياً، تغيّرت الحكومة، وكانت زيارةٌ روسية رفيعة لدمشق مع وفد اقتصادي، وعُقد مؤتمرٌ للاجئين، وسُجلت جولةٌ من اجتماعات اللجنة الدستورية من دون نتائج مهمة، لينتهي العام بوفاة وزير الخارجية السوري وليد المعلم. وقد زار وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو الجولان خلال 2020.
تركيا
في تركيا، عملياتُ التنقيب عن الغاز التي قامت بها انقرة في مناطق متنازع عليها مع اليونان في شرق المتوسط أدخلت علاقاتِها في أزمة جدية مع اثينا وباريس والاتحاد الأوروبي، وعرّضت انقرة لعقوبات اوروبية. كما فرضت الولايات المتحدة عقوبات عليها بسبب شرائها منظومة الدفاع الروسية إس 400.
وسياسات تركيا الخارجية بقيت كذلك محلّ خلاف حتى مع حلفائها، فتواصل تعاونُها مع روسيا في سوريا، لكنها لم تصل الى حل لمشكلة ادلب. وفي ليبيا قدمت الدعم العسكري لحكومة الوفاق، وتدخلت الى جانب أذربيجان في حربها مع أرمينيا حول إقليم ناغورنو قرة كراباخ. واتُهمت تركيا بإرسال مقاتلين سوريين الى ليبيا وأذربيجان.
داخلياً، فُرضت احكامٌ مدى الحياة على 27 من المتهمين بمحاولة الانقلاب. وانتقل مقرّبون من الرئيس رجب طيب أردوغان الى المعارضة، وسط ازمة اقتصادية فقدت خلالها الليرة التركية 25 % من قيمتها.
المحكمةُ الإدارية العُليا في تُركيا اعلنت إلغاء وضع آيا صوفيا كمُتحف وإعادة العمل به كمسجدٍ بعد نحو 86 سنة من إيقاف الصلاة فيه. واعلنت انقرة اكتشاف احتياطات للغاز في البحر الاسود هي الاضخم في تاريخ البلاد.
فلسطين
في الاراضي الفلسطينية، استمرت الغاراتُ الاسرائيليية خلال 2020، وفي ايار أعلن الرئيسُ الفلسطيني ورئيسُ منظمة التحرير محمود عباس أن منظمة التحرير في حِلٍّ من الاتفاقات الموقّعة مع الحكومتين الأميركية والإسرائيلية بما فيها الاتفاقاتُ الأمنية. وقررت فلسطين تخليها عن حقِها برئاسة دورة 2020 لمجلس الجامعة العربية ردًا على موقفها الداعم لتطبيع العلاقات بين اسرائيل وكلٍ من الامارات والبحرين.
اليمن
في اليمن، استمرت الحرب مترافقةً مع تصاعد الازمة الانسانية وتحذير الامم المتحدة من مجاعة في البلاد. وجرت انسحاباتٌ شكلية لمقاتلي الحركة الحوثية من ميناء الحُديدة فاستلمتها قوات خفر السواحل الموالية لها. ومارست السعودية ضغوطاً شديدة على الأرض وسياسياً لتنفيذ اتفاق الرياض، واستمر التنافس السعودي-الإماراتي في البلاد، واستمر ايضاً دعمُ واشنطن للتحالف الذي تقودُه الرياض والذي يدعم القوات الموالية للحكومة في مواجهة الحوثيين، في ظل ترقّب لموقفِ الادارة الاميركية المقبلة. وطالت العقوبات الاميركية الموزعة في الاقليم اليمن ايضا. وفي آخر أوراق روزنامة 2020 تم استهداف أعضاء الحكومة اليمنية الجديدة في هجوم كبير على مطار عدن. و أكدت وزارة الخارجية اليمنية مسؤولية الحوثيين عن الهجوم، لافتة إلى أنهم مستمرون في محاولة استهداف مقرّ الحكومة في قصر المعاشيق.
السعودية
اما السعودية، فقد نفت زيارة نتنياهو لاراضيها في تشرين الثاني. وبقيت مناطق فيها عرضة لهجمات الحوثيين، منها هجومٌ على ارامكو، وأُصيبت ناقلة نفط سعودية اثناء تفريغها في جدة. وافتتح المنفذ الحدودي البري عرعر بين المملكة والعراق بعد إغلاق دام 30 سنة. وانعقد مؤتمر المانحين لليمن.
وأصدر القضاءُ أحكاماً نهائية في مقتل الصحافي جمال خاشقجي اعتبرتها تركيا غير كافية.
وتمّ خلال 2020، اكتشافُ ستة حقول جديدة للنفط والغاز والزيت في المملكة. وفي تشرين الثاني انعقدت قمةُ مجموعة العشرين في الرياض.
السودان
في السودان، واضافةً الى اتفاق على التطبيع مع اسرائيل، وقّعت الحكومة في ت1 مع فصائل مسلحة اتفاق سلام نهائي في عاصمة جنوب السودان، وتصاعدت الازمة الاقتصادية والانسانية بشكل كبير مع تراجع العملة الوطنية.
الاردن
في الاردن، ومع بداية العام بدأ ضخُّ الغاز الإسرائيلي الى المملكة بموجب اتفاق قيمته 10 مليارات دولار لمدة 15 عاما.
أزمة الخليج وقطر
دولة قطر لم توقع اتفاقاً مع اسرائيل على الرغم من زيارات متبادلة. وفي جديد ازمة الخليج والدوحة، عملت الولايات المتحدة والكويت خلال 2020 على إنهاء الخلاف الذي دفع السعودية، الإمارات، البحرين، ومصر لفرض مقاطعة دبلوماسية وتجارية وعلى السفر مع قطر منذ أواسط العام 2017، مسجلةً بعض التقدم.
الكويت
في الكويت، توفي أمير الدولة الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، ليصبح الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح أميراً للبلاد، وتم تعيين الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح وليا للعهد. وعززت المعارضة موقعها في انتخابات مجلس الأمة، بفوزها ب 24 نائباً، في حين لم تحصل النساء على أي مقعد.
ليبيا
في ليبيا، نجحت حكومة الوفاق الليبية بمساعدة تركيا بقلبِ التوقعات العسكرية حيثُ فرضت سيطرتها على كامل طرابلس وطردت في الرابع من حزيران 2020 قوات حفتر بالكاملِ من المدينة، وشنت هجوماً مضاداً فطردتها من عددٍ من المناطق والمدن ووصلت الى مشارف سرت الاستراتيجيّة. وفي آب، اعلنت كل من حكومة الوفاق الوطني والجيش الوطني الليبي وقف إطلاق النار. وعُقدت جولاتُ عدة من المحادثات بين الجانبين في محاولة لإخراج البلاد من أزمتها. وفي نهاية 2020 هدد خليفة حفتر بالحرب في حال عدم انسحاب تركيا من البلاد، فكانت في المقابل زيارةٌ لوزير الدفاع التركي الى ليبيا وزيارة موازية لوفد مصري الى طرابلس. وكان شدٌّ للحبال بين تركيا ومصر وخصوصاً عقب اعتزامِ رئيسِ وزراء حكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها دوليّا فايز السراج تسليم السلطة.
مصر
في مصر، أجريت انتخاباتُ مجلسي الشيوخ والنواب وفاز بالغالبية الحزبُ المؤيد للحكومة وخسرت المعارضة. وتَحرَّك الجيشُ المصري باتجاه الحدود الليبية لوقف التدخل التركي في الشأن الليبي، واعتبر الرئيس عبد الفتاح السيسي أن تقدم حكومة الوفاق المدعومة من تركيا باتجاه سرت والجفرة خطٌ أحمر، قبل أن يتم وقف اطلاق النار برعاية الأمم المتحدة. ولم تتوقف العملياتُ الارهابية في سيناء، فيما ظلت مفاوضاتُ سدّ النهضة بين مصر واثيوبيا والسودان متعثرة. وتوفي الرئيس المصري السابق حسني مبارك.
الجزائر
في الجزائر، جرى استفتاءٌ، ووافق الناخبون على تعديلاتٍ دستورية بنسبة 66.8%. واستعادت البلادُ جثامين 24 من قادة المقاومة الشعبية إبان الإحتلال الفرنسي بعد 174 عاما.
عُمان
في سلطنة عمان، رحل السلطان قابوس بن سعيد، وتولّى السلطان هيثم بن طارق آل سعيد الحكم.
الإمارات
في الامارات، تمّ اطلاقُ مسبار الأمل في العام 2020 الى المريخ.
كوارث طبيعية
وخلال 2020 واضافة الى تفشي كورونا، حصلت كوارثُ طبيعية عدة في السودان واليمن، ووقع زلزال في تركيا.
